تمثل دورات كأس الخليج التي انطلقت عام 1970 من البحرين إرثا تاريخيا مهما لمنطقة الخليج العربي حيث كانت البداية في تطور الكرة الخليجية ووصولها إلى منجزات إقليمية وقارية وعالمية، إلا أن استحداث العديد من البطولات على مستوى المنتخبات والأندية قاريا ودوليا جعل العديد من الدول الخليجية تعتبر مشاركتها في هذه الدورة لا تعدو كونها أداء واجب، بل إن هناك من طالب بوضع حد نهائي لها بالإيقاف أو قصرها على الفئات السنية أو الأولمبية، خصوصا أنها لم تحظ باعتراف رسمي من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا».
ورغم وجود هذه المطالبات بإلغائها فإن هذه المطالبات تلقى معارضة شديدة من رموز كروية خليجية وعلى رأسها الشيخ عيسى بن راشد وعميد المدربين السعوديين خليل الزياني وغيرهما من الأسماء على اعتبار أن بطولة كأس الخليج لها فضل في تطور الكرة الخليجية ووصولها إلى أكبر المنجزات على مستوى القارة بداية بالمنتخب الكويتي مرورا بالمنتخب السعودي وحتى العراقي وأخيرا المنتخب القطري.
وأشار الزياني إلى أن كاس الخليج ضرورة مجتمعية وعليهم الحفاظ عليها لتستمر، مشيراً إلى أن المنتخبات تطورت بشكل كبير وحققت منجزات بالوصول إلى المونديال مثل الإمارات، كما أبرزت العديد من النجوم على مستوى آسيا مما يعني أن وجودها بات مهما وليس من المقبول التعذر بضغط المنافسات الرسمية ليتم إلغاؤها.
ووسط هذه الآراء المتضادة، تطرح «الشرق الأوسط» العديد من التساؤلات حول العديد من الأمور التي تهم الكرة الخليجية وعما تحتاج إليه كأس الخليج لنحافظ عليها؟ وهل بقاؤها بشكلها الحالي مناسب... وهل ممكن تطويرها؟ وأيضا هل ما زالت كأس الخليج تقام حسب أمزجة أعضائها؟ كما تم طرح مسألة عدم استقرارها في روزنامة محددة... وماذا يعني ذلك؟
بداية تحدث الدكتور جاسم الشكيلي نائب رئيس الاتحاد الخليجي ونائب رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم عن أن بطولة الخليج تمتلك عوامل بقائها ولقد أثبتت ذلك في مناسبات عدة أهمها المرحلة الحالية، فتعلق شعوب المنطقة بهذه البطولة والدعم اللامحدود لحكام دول الخليج لها يعد من أهم عوامل استمرارها.
وأضاف: «أعتقد أن الشكل الحالي للبطولة هو الأنسب على المستويات كافة. وعلينا أن ندرك أن أي عمل يتصف بالاستمرارية سوف ينتهي إن لم يتطور، لذلك هناك عمل دؤوب للارتقاء بهذه البطولة من خلال العمل على توليد أفكار إبداعية تسهم في تطورها بما يضمن مواكبتها للحراك المتسارع الذي يشهده عالم المستديرة».
واعتبر أن إنشاء اتحاد كأس الخليج هو أحد عوامل تطور هذه البطولة، واللوائح والتشريعات التي تسيّر عمله هدفها أن يكون العمل على مستوى تنظيم هذه البطولة أو أي بطولة يمكن استحداثها مستقبلا هو الحيلولة دون تسيير الأمور بناء على الأمزجة والأهواء.
وأشار إلى أن عدم استقرار البطولة في روزنامة محددة يعني أن هناك عملا وجهدا ينبغي أن يبذل من أجل تجاوز هذا الأمر، ووجود مؤسسة مستقلة كاتحاد كأس الخليج من شأنه أن يساهم في اختزال الوقت والجهد لوضع هذه البطولة على خارطة أجندة بطولات الاتحاد الدولي لكرة القدم وروزنامته، وهو ما سنسعى بتضافر الجهود جميعها لتحقيقه بإذن الله وعونه.
من جانبه، قال نائب رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم أحمد عقلة إن استمرار بطولات كأس الخليج ضرورة وله أهمية بالغة بالنسبة لدولة الكويت، حيث إن لهذه البطولة أفضالا كثيرة لا تتعلق بكرة القدم كمنافسة داخل أرض الملعب بل أثرها على اللقاء بين الأخوة والأشقاء في مكان واحد حيث يتحدثون عن شأن واحد وهمهم دولهم وبلدانهم وتوحيد القرار الخليجي وهذا الشيء يجب أن يكون له الأهمية القصوى.
وأشار عقلة الذي سجل منتخب بلاده الرقم الأكبر من المنجزات بحصد لقب هذه البطولة في تاريخها الممتد لقرابة نصف قرن من الزمن إلى أن الكويت داعم قوي لهذه البطولة واستمرارها، مبينا أن كل شيء يتطور؛ ولذا يجب أن تتطور هذه البطولة ليس من خلال إدخال منتخبات إضافية عليها بل في أمور أخرى لا تتعارض مع قيمتها وأهدافها الأساسية.
ورأى أن هناك أهمية بأن تعود بنظام الدورة من دور واحد بحيث يحصد المنتخب الحاصد أكبر عدد من النقاط كأس البطولة كما هو معمول به سابقا، وليس استمرار نظام المجموعات الذي قد يكون طرأ بعد انضمام منتخبي العراق واليمن، مشيرا إلى أن رونق هذه البطولة أن تقام بنظام الدوري إلا أن ضيق الوقت وكثرة الالتزامات وعدد المنتخبات قد تمنع عودتها بنظام الدوري.
وحول الروزنامة قال عقلة: «مهم جدا أن تحدد لها روزنامة واضحة بشكل متواصل، والآن تم تحديد موعد ومكان النسخة القادمة في محافظة البصرة العراقية في شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام (2021) وهذا أمر إيجابي ومن المهم أن يتم تحديد الروزنامة من أجل عدم تعارضها مع أي مسابقات رسمية معتمدة ولكن بشكل عام لا يمكن أن يكون الحل بإيقاف هذه البطولة».
أما النجم البحريني السابق خليل شويعر والذي بدأ مشوار المشاركة في هذه البطولة من نسختها الرابعة وهي النسخة التي شهدت بزوغ عدد من النجوم الذين كان لهم صولات وجولات فشدد على أن إلغاء بطولة الخليج أمر مرفوض تماما من جميع أبناء الخليج العربي، لما لها من أهمية بالغة في توطيد أواصر المحبة واللقاء كما أن أثرها فني عال.
كما أنه لا يمكن إنكار الفضل لهذه البطولة في البنى الرياضية التحتية في دول مجلس التعاون ولذا لا يمكن أن يتم قبول إلغائها لأي مبرر كان. وأشار الشويعر الذي عمل أيضا في اتحاد كرة القدم وقيادة فرق في بلاده أن لبطولات الخليج أثرا فنيا عاليا يتمثل في كونها تمثل فرصة في الاحتكاك والتطوير للاعبين الصاعدين من أجل أن يظهروا إمكانياتهم الفنية والاستفادة منهم في البطولات القارية والدولية كما هو الحال للبطولة الحالية التي تتوسط مشوار المنتخبات في التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023.
واعتبر أن هذه البطولة لها من الفوائد الكثير وغير مقتصرة على الجانب الاجتماعي كما يصورها البعض، بل إن دورها مهم في صناعة جيل من اللاعبين في زمن الاحتراف والمادة، حيث باتت كرة القدم تمثل واحدة من أهم لغات التواصل بين الشعوب وكذلك دورها في النهوض الاقتصادي والرعايات وغيرها.
واتفق مع الانتقادات بشأن الروزنامة الخاصة ببطولة الخليج، مشددا على أهمية تجاوز هذا العامل خصوصا أن هناك ارتباطات لعدد من الدول الخليجية في بطولات عربية وقارية وعالمية.
واستشهد شويعر بتطور عدد من الدول في آسيا نتيجة الاحتكاك في البطولات مثل الهند وفيتنام وغيرها، وهذا دليل على أن المشاركة والاحتكاك يولدان التطور والتجارب الإيجابية؛ ولذا نجزم أن بطولات الخليج ساهمت في تطور المنتخبات.
وعاد الشويعر ليؤكد أن تطوير الدوريات المحلية في الدول الخليجية أمر مهم لأن ذلك يصنع مواهب ويمكن أن تنطلق على المستوى الدولي من خلال بطولات الخليج وتكون من النجوم التي يشار لها بالبنان وتحظى بفرص الاحتراف ليس على المستوى المحلي فحسب بل على الصعيد الخارجي.
أما النجم الإماراتي السابق فهد خميس فقد شدد على أهمية ألا تبقى الثقافة للمشاركة في بطولات الخليج لكونها «أداء واجب» بل يجب أن تكون واجبا، وهذا غير ممكن أن يتم السعي الجاد من أجل الحصول على اعتراف من قبل الفيفا وأن تنضم للروزنامة الدولية المعتمدة حتى لا تكون المشاركة فيها لا تمثل أهمية.
وأضاف: «هناك دول شاركت بالصف الثاني أو الأولمبي في دورات سابقة لأنها تدرك أن هذه البطولة لا تزال في إطار الودية وأداء الواجب؛ ولذا يجب ألا تتعارض إقامة هذه البطولة مع المناسبات الرسمية الكبرى وحتى لا تتسبب في الإيقافات المفاجئة للدوري، خصوصا أن هناك دولا بها فرق محترفة وتشارك في بطولات قارية ولذا تتأثر بهذا العامل».
وشدد على أهمية أن يتم تطوير هذه البطولة من خلال إضافة محفزات ومن أهمها الاعتراف الدولي بها ولتكون المشاركة فيها واجبا والتخلف عنها يعني التعرض للعقوبة مع الأخذ في الاعتبار كل الظروف التي تقام في وقتها هذه البطولة.
مسؤولون: استمرار كأس الخليج جدل يجب «عدم مناقشته»
الشيخ عيسى بن راشد أكثر المدافعين... الزياني يراها ضرورة مجتمعية... الشكيلي: سنحافظ عليها
مسؤولون: استمرار كأس الخليج جدل يجب «عدم مناقشته»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة