وراق آخر يرحل عن دمشق

TT

وراق آخر يرحل عن دمشق

بكثير من الأسى، نعى مثقفون وقراء سوريون بائع الكتب المستعملة أبو طلال، عند جسر الرئيس وسط العاصمة دمشق، ليكون ثاني أشهر وراق يرحل عن دمشق خلال أقل من عام، فقد سبقه في الرحيل صلاح صلوحة، وكان جاره في «سوق الوراقين الدمشقي» الممتد من الحلبوني إلى جسر الرئيس، حيث تصطف نحو 50 بسطة للكتب المستعملة.
«سوق الوراقين»، الذي كان قديماً في محيط الجامع الأموي، استعار زبائن الكتب المستعملة اسمه ليطلقوه على تجمع بسطات الرصيف عند جسر الرئيس القريب من المقر الإداري لجامعة دمشق وتجمع كليات الحقوق والشريعة والعلوم التطبيقية والهندسات والفنون وغيرها، حيث نشأت هذه السوق لتلبي حاجة المثقفين والباحثين وطلبة الجامعة للكتب، لا سيما القديم والنادر منها، التي لا تتوفر عادة في المكتبات، بينما قد يعثر عليها في المكتبات الخاصة. فمن كان يعجز للوصول إلى عنوان نادر، عليه أن يقصد شيوخ الكار في سوق الوراقين مثل أبو طلال (أكرم كلثوم)، ومن رغب في العودة إلى أرشيف مجلات أو صحف نادرة، فليس له سوى صلاح صلوحة، اللذين للأسف الشديد افتقدتهما دمشق. أبو طلال الذي رحل يوم الثلاثاء الماضي تاركاً كتبه متدثرة بشادر تحت مطر ديسمبر، حفظ عنه زبائنه قوله: «على بائع الكتب أن يكون قارئاً، وإن لم يكن فليبع بندورة، لأنني كادح اخترت هذه المهنة»، فأبو طلال كان يختار بضاعته من الكتب بعناية كبيرة؛ عناوين معرفية فلسفية وسياسية واجتماعية وأدبية مهمة، وجميعها نسخ أصلية مستعملة، لكن نظيفة، كتب «تنمي العقل» نائياً عن الكتب التجارية التي لا تنمي أي فائدة. ومن خلال الكتب كان يمد جسور التواصل المعرفي مع زبائنه، ويخص الشغوفين منهم بمعاملة خاصة، فيسعى لتأمين طلباتهم باهتمام بالغ، دون انتظار تسديد الثمن فوراً، فالأهم هو تلبية احتياجهم، ومشاركتهم الأفكار والشغف المعرفي والثقافية. لذا لم يكن مفاجئاً فيض الأسى الذي تدفق من صفحات السوريين في «السوشيال ميديا» عندما ذاع نبأ رحيله، فما من أستاذ أو طالب جامعي أو مثقف ارتاد بسطته إلا وكان له مع أبو طلال ذكرى لطيفة أو حفظ عنه نصيحة مفيدة في اختيار كتاب دون آخر.
خلال الحرب، تمسك أبو طلال الذي امتهن بيع الكتب المستعملة بعد تقاعده عام 1995، بموقع بسطته رغم سقوط قذائف قريباً لدى اشتداد الحرب عام 2013. وبقي يأتي بجريدته وكأس الشاي، ويجلس وسط كتبه بانتظار القراء، فـ«الأرض أرضنا ولا خيار لنا سوى بالبقاء»، كذلك كان خيار زميله صلاح صلوحة الذي أحرقت الحرب مخزنه بمنطقة الحجر الأسود جنوب دمشق، التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة، ثم تنظيما «جبهة النصرة» و«داعش» لغاية عام 2018؛ كان مخزناً عامراً بآلاف الكتب والصحف والمجلات القديمة والوثائق المنسية قضى عمره وهو يجمعها، وفقدها جميعها، دون أن يفقد شغفه بالورق والكتب، وبقي صامداً مع بسطة الكتب في سوق الوراقين، رافضاً بيع كتب مسروقة «تعفيش»، علماً بأنه خلال الحرب غزت سوق الوراقين الكتب المسروقة، إلا أن شيوخ السوق رفضوا التعامل بها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.