«الشرعية» تحمّل غريفيث مسؤولية الهجوم على وفدها في الحديدة

طالبت المبعوث الأممي بموقف واضح وصريح بعيداً عن لغة المهادنة والدبلوماسية

جانب من عمليات مراقبة إنشاء نقاط مراقبة مشتركة في الحديدة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
جانب من عمليات مراقبة إنشاء نقاط مراقبة مشتركة في الحديدة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

«الشرعية» تحمّل غريفيث مسؤولية الهجوم على وفدها في الحديدة

جانب من عمليات مراقبة إنشاء نقاط مراقبة مشتركة في الحديدة الشهر الماضي (إ.ب.أ)
جانب من عمليات مراقبة إنشاء نقاط مراقبة مشتركة في الحديدة الشهر الماضي (إ.ب.أ)

وصفت الحكومة اليمنية سلسلة الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة على مقر إقامة فريقها، جنوب محافظة الحديدة الساحلية، فجر أمس، بالاستهتار بجهود المبعوث الأممي والمجتمع الدولي لاستئناف عملية السلام المتعثرة طيلة الأشهر الماضية.
وحمّلت الحكومة اليمنية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المبعوث الأممي مارتن غريفيث المسؤولية عن استمرار هذه التصرفات التي تقوم بها الحركة الحوثية، مطالبةً إياه بموقف واضح وصريح بعيداً عن لغة المهادنة والدبلوماسية التي لم تعد مقبولة، على حد تعبيرها.
وكان وفد الحكومة اليمنية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة قد نجا، يوم أمس، من موت محدق، إثر سلسلة هجمات حوثية استهدفت مقر إقامة الفريق، جنوب المحافظة. وبحسب اللواء محمد عيضة رئيس الوفد تعرض مقر إقامته وفريقه إلى 8 هجمات، 5 منها بطائرات من دون طيار «درون»، و3 أخريات بصواريخ باليستية، محذراً من نسف هذا النوع من الهجمات أي آمال في السلام.
وأوضح راجح بادي المتحدث باسم الحكومة اليمنية أن «ما حصل في المخا يُعدّ تصعيداً خطير جداً تتحمل مسؤوليته كاملة الميليشيات الحوثية الإرهابية»، مشيراً إلى أن «هذا التطور الخطير والعمل الهمجي يأتي للأسف بعد يوم واحد من إحاطة المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفيث لمجلس الأمن، الذي تحدث فيها بلغة متفائلة بشأن التطور الحاصل في تنفيذ (اتفاق استوكهولم) الخاص بالحديدة».
وأضاف: «ما قامت به الميليشيات الحوثية رد على هذه الإحاطة وعلى الجهود الأممية، واستهتار كبير منقطع النظير من قبل الميليشيات بالأمم المتحدة وبالمجتمع الدولي والمبعوث الأممي، كما أن ما حصل يؤكد ما كنا نقوله من أن هذه الحركة الإرهابية لا تعرف سوى لغة السلاح والقوة، وإنها تعمل ما يُملى عليها من قبل طهران، ولا تمتلك قرارها بيدها، فهي إحدى أذرع (الحرس الثوري) الإيراني في المنطقة».
وتابع المتحدث باسم الحكومة اليمنية بقوله: «نحمّل المبعوث الأممي استمرار هذه الأعمال العدائية، وندعوه لتحديد موقف واضح وصريح من هذا التصرف الأرعن، لم يعد هنالك أي مبرر للمبعوث الأممي اليوم لأن يلتزم السكوت ومحاولة الحياد، أن يتعرض الفريق الحكومي لهذا الهجوم ونحن نجري مشاورات تحت رعاية الأمم المتحدة لتنفيذ (اتفاق استوكهولم) لم يعد للمبعوث الأممي أي مبرر إلا أن يتحدث بشكل واضح وصريح، لغة المهادنة والدبلوماسية لم تعد مقبولة من المبعوث الأممي ومن قبل المجتمع الدولي».
ويأتي التصعيد الحوثي غداة انتقادات أممية بدأت بعد سنوات من الحرب التي جرت اليمن إلى ويلات المعاناة منذ انقلاب الجماعة الحوثية، في سبتمبر (أيلول) 2014.
بدورها، دانت وزارة الخارجية اليمنية بأشد العبارات، استهداف ميليشيا الحوثي الانقلابية لموقع مقر إقامة الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار المشارك في قيادة وتنفيذ «اتفاق الحديدة».
وقالت الوزارة في بيان تلقته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن تزامن الاستهداف الحوثي بعد يوم واحد من إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام أمام مجلس الأمن الذي نوه خلالها بوجود إشارات إيجابية في تنفيذ «اتفاق الحديدة»، يُعد استهتاراً بالجهود الأممية الهادفة لتنفيذ «اتفاق استوكهولم»، ويهدد بإنهاء ونسف تلك الجهود بعد نحو عام من التوصل إلى الاتفاق.
وأكدت وزارة الخارجية أن هذا التصعيد الخطير يأتي في ظل استمرار ميليشيا الحوثي باستحداث الخنادق والأنفاق في الحديدة رغم نشر ضباط الارتباط وإنشاء نقاط المراقبة المشتركة، في مخالفة صريحة تدل على نيات مبيتة، ومخطط لها للانقلاب على «اتفاق استوكهولم».
وحملت وزارة الخارجية الميليشيا الحوثية المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات التي تهدد بنسف «اتفاق الحديدة»، داعيةً الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية والمجتمع الدولي إلى إدانة هذا التصعيد، وتحميل الميليشيا الحوثية تبعات ما قد يحدث.
من ناحيته، أجرى رئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور معين عبد الملك، اتصالاً هاتفياً، مساء أمس، برئيس الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار بالحديدة اللواء الركن محمد عيضة للاطمئنان على سلامة الفريق بعد الاستهداف الإرهابي الذي نفذته ميليشيا الحوثي الانقلابية على مقر الفريق بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.
ونقلت وكالة «سبأ» أن الدكتور عبد الملك استنكر «استمرار ميليشيات الحوثي الانقلابية في خروقاتها المتكررة للهدنة الأممية في مختلف مناطق الحديدة»، لافتاً إلى أن هذا «مؤشر واضح على رفض الانقلابيين للسلام ونقضهم للعهود والاتفاقات». ودعا عبد الملك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لممارسة مزيد من الضغوط على الحوثيين وعدم مكافئتهم بالتغاضي عن ممارساتهم وانتهاكاتهم المتكررة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.