غانتس يتوجه إلى الليكود لحكومة وحدة من دون نتنياهو

شكوى إلى المحكمة العليا لإلزام رئيس الوزراء بالاستقالة

TT

غانتس يتوجه إلى الليكود لحكومة وحدة من دون نتنياهو

مع دخول الحلبة السياسية الحزبية في إسرائيل إلى مرجل يغلي، إثر قرار توجيه لائحة اتهامات خطيرة بالفساد إلى رئيس وزرائهم، بنيامين نتنياهو، توجه رئيس حزب الجنرالات، كحول لفان، بيني غانتس، أمس (الأحد)، باقتراح جديد إلى حزب الليكود، داعياً إلى تجنيب البلاد حملة انتخابات ثالثة في غضون أقل من سنة، وأن ينضموا إلى حكومة وحدة على أساس مبدأ التبادل، بشرط أن يتخلوا عن نتنياهو، وأن يكون هو رئيس حكومة في النصف الأول من الدورة، ويكون مرشح جديد لليكود رئيس حكومة في السنتين التاليتين.
وقال غانتس: «هذا هو البديل الوحيد لمنع التوجه لانتخابات ثالثة لا يريدها أي شخص. فالأيام الأخيرة لا تدع أي مجال للشك بأن نتنياهو مستعد لعمل أي شيء في سبيل البقاء رئيساً للحكومة، ويخاطر بالدفع نحو إشعال حرب أهلية».
وجاءت هذه الدعوة في وقت يتمسك فيه نتنياهو بالحكم، ويقيم مؤيدوه مظاهرات في مختلف أنحاء البلاد يرفعون فيها شعارات تهديد لمن يمس بـ«الملك بيبي»، بحسب اسمه المعروف به لدى مواليه. ورد مؤيدو نتنياهو على دعوة غانتس ببيان رسمي باسم الليكود، جاء فيه، أن «غانتس الذي لم ينجح بتشكيل حكومة، يقترح تشكيل حكومة برئاسته، بحال اختار كحول لفان رئيساً بديلاً لغانتس سنفكر بمقترح تشكيل حكومة بالتناوب». وتصدى معارضو نتنياهو لهذه الهجمة، بمظاهرة ضمت 2000 شخص يهاجمون فيها الليكود و«قادته الجبناء». ورفعوا شعارات تتهم نتنياهو بالديكتاتورية. وبقيادة إسرائيل إلى الهاوية.
وتقدمت «الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل» بأول دعوى إلى المحكمة العليا، تطالب فيها بإصدار حكم يأمر نتنياهو بالاستقالة فوراً من رئاسة الحكومة، في أعقاب إعلان المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو بتهم خطيرة، تشمل تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
واقترحت الحركة إمكانية أخرى، تقضي بخروج نتنياهو فترة مؤقتة عن القيام بمهامه، وأن يتم سحب صلاحياته منه. كما طالبت بأن تأمر المحكمة بتعيين قائم بأعمال رئيس الحكومة من بين الوزراء، وإتاحة الفرصة أمام السياسيين ليشكلوا حكومة وحدة إلى حين تتضح صورة وضع نتنياهو في المحكمة.
وكان حزب الليكود الحاكم قد بدأ يشهد تململاً في وجه نتنياهو، رغم أن غالبية قادة الحزب ما زالوا موالين له ويدافعون عنه. وتقدم عضو الكنيست والوزير السابق، جدعون ساعر، أمس (الأحد)، بطلب إلى رئيس مركز حزب الليكود، حاييم كاتس، للتحرك نحو إجراء انتخابات فورية تمهيدية في حزب الليكود، لانتخاب رئيس جديد يسعى لتشكيل حكومة وحدة ويوفر على البلاد دخول انتخابات ثالثة. وطلب النائب ساعر عقد جلسة لمركز حزب الليكود في أقرب فرصة ممكنة، من أجل إجراء الانتخابات التمهيدية قبل انقضاء المهلة الممنوحة للكنيست وهي 21 يوماً لمحاولة تشكيل حكومة. وأكد أنه شخصياً سيخوض التنافس وأنه يستطيع تشكيل حكومة كهذه في وقت قصير يضمن بقاء الليكود في الحكم. وقال إنه بوسع إجراء كهذا تجنيب البلاد الانزلاق إلى انتخابات برلمانية ثالثة لا لزوم لها. وقال النائب ساعر أمس: «لقد أخفق نتنياهو في جولتين من الانتخابات في تشكيل حكومة. لقد منحناه الدعم الكامل في هذه المهمة حتى عندما ارتكب خطأ، مثل حل الكنيست. وأما الآن، فلن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة سواء في الجولة الانتخابية الثالثة أو حتى الخامسة».
وأشارت القناة «13» للتلفزيون الإسرائيلي، إلى أن أعضاء كنيست ووزراء في الليكود يجرون مداولات حول كيفية الإطاحة بنتنياهو. ونقلت عن هؤلاء الوزراء وأعضاء الكنيست، قولهم في محادثات مغلقة، إن «عهد نتنياهو يقترب من نهايته، لأنه لم يعد قادراً على ضمان الحكم لليكود. ويجب علينا أن نفكر في كيفية تخليص الحزب من يديه».
وقالت القناة «12» إنه ورغم وجود مؤيدين كثير لنتنياهو في مجموعات «واتساب»، داخل الليكود، فإن انتقادات شديدة للغاية بدأت تتعالى ضده. وكتب أحد نشطاء من يسمون أنفسهم «أمراء الليكود الأقوياء»: «كفى للتنكر للوضع الآن، نحن في كارثة. ولا يتم بناء دولة بهذا الشكل. يجب القول لبيبي (نتنياهو) أن يتوقف. وعلى بيبي أن ينزل عن المسرح. وهناك خطر باندلاع حرب أهلية... لماذا يسكت الليكود؟ ألا تهمكم الدولة؟».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه يتبين من محادثات أجراها نتنياهو مع مقربين منه، في اليومين الماضين، أنه سيحاول المماطلة من أجل منع «مبادرة ساعر» لإجراء انتخابات داخلية على رئاسة الليكود. وأبلغ نتنياهو المقربين منه أن هدفه تجاوز الأيام القريبة من دون أحداث دراماتيكية، وأنه إذا نجح ذلك حتى نهاية الأسبوع، فإن الجدول الزمني لن يسمح بخطوة دراماتيكية ضده، وأن خياره المفضل بإجراء انتخابات ثالثة للكنيست سيخرج إلى حيز التنفيذ.
وامتدت حملة التمرد على نتنياهو إلى صفوف أحزاب اليمين الأخرى وكتاب الأعمدة في الصحف اليمينية، فكتب محلل الشؤون القضائية في صحيفة المستوطنين «مكور ريشون»، يهودا يِفراح، أن «النهاية واضحة. والسؤال هو كمية السوء التي ستكون في الطريق. لأول مرة يكون رئيس حكومة إبان ولايته مشتبهاً به». وأضاف يفراح: «ينبغي أن نتذكر أنه توجد هنا دولة ينبغي ترميمها وإدارتها. وفوضى الحكم المتواصلة لا تشكل خطراً على الاقتصاد فقط، وإنما على احتمال استمرار إمساك اليمين بمقود الحكم وتطبيق سياسته وقيمه. والسياسة يلعبونها بأوراق موجودة وواقع قائم. ولكل ملحمة عظيمة توجد نهاية، وهذه النهاية آتية. وعلى اليمين أن يستوعب الوضع الجديد والاستعداد بسرعة لليوم التالي (لرحيل نتنياهو)».
وكتب عميد مدرسة الحكم والمجتمع في الكلية الأكاديمية تل أبيب - يافا ورئيس الرابطة الإسرائيلية للعلوم السياسية، البروفسور أساف ميدني، في مقال نشره في صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية والناطقة بلسان نتنياهو: «من أجل أن نوفر علينا جميعاً خطوة مهينة ومذلّة في رقصة شيطانية بين المحكمة العليا والكنيست، على نتنياهو إبداء مسؤولية والقيام بخطوتين: أولاً الخروج إلى مرحلة تعذر، وفي الوقت نفسه طرح تعديل لقانون أساس الحكومة، ومأسسة لجنة عامة تتعامل مع قضية إقصاء رئيس حكومة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».