وضع السيولة مطمئن في اكتتاب «أرامكو» ... والمكتتبون تجاوزوا المليونين

ملتقى مصرفي سعودي ـ إماراتي يدعم الأمن السيبراني والتوعية المالية وتقوية المنشآت

اكتتاب «أرامكو» يدخل الأسبوع الثاني.. وفي الإطار محافظ مؤسسة النقد خلال مؤتمر مصرفي سعودي - إماراتي في الرياض أمس (رويترز)
اكتتاب «أرامكو» يدخل الأسبوع الثاني.. وفي الإطار محافظ مؤسسة النقد خلال مؤتمر مصرفي سعودي - إماراتي في الرياض أمس (رويترز)
TT

وضع السيولة مطمئن في اكتتاب «أرامكو» ... والمكتتبون تجاوزوا المليونين

اكتتاب «أرامكو» يدخل الأسبوع الثاني.. وفي الإطار محافظ مؤسسة النقد خلال مؤتمر مصرفي سعودي - إماراتي في الرياض أمس (رويترز)
اكتتاب «أرامكو» يدخل الأسبوع الثاني.. وفي الإطار محافظ مؤسسة النقد خلال مؤتمر مصرفي سعودي - إماراتي في الرياض أمس (رويترز)

في وقت يستمر فيه الاكتتاب العام في أضخم طرح عالمي على أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) في أسبوعه الثاني، أكد الدكتور أحمد الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن القطاع البنكي والسيولة في المملكة متوفران، في حين كشفت رانيا نشار، نائب رئيس مجلس إدارة «مجموعة سامبا المالية»، عن تجاوز عدد المكتتبين الأفراد في «أرامكو» مليوني مكتتب حتى أمس؛ 40 في المائة منهم عن طريق فروع البنوك، فيما بلغ المكتتبون عبر الوسائل الإلكترونية 60 في المائة.
وذكر محافظ مؤسسة النقد السعودي أن وضع السيولة والأنظمة التقنية وأمن المعلومات مطمئن بشأن الاكتتاب الجاري حيث تقرض البنوك السعودية، الراغبين في شراء الأسهم في الطرح العام الأولي لـ«أرامكو» السعودية.
وقال الخليفي حول «أرامكو»: «خلال الأسابيع الماضية تأكدنا من وضع السيولة ومن وضع الأنظمة التقنية وأمن المعلومات وكلها مطمئنة الآن، وفي الوقت الحالي نراقبها بشكل يومي، وهناك أيضاً حديث مع البنوك بشكل مستمر أنه في حالة الحاجة إلى السيولة فإن مؤسسة النقد العربي السعودي، ستتدخل لدعم السيولة في حالة وجود أي ضغوط عليها».
وشدد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، في تصريحات صحافية على هامش المؤتمر المصرفي السعودي - الإماراتي في نسخته الأولى في الرياض أمس (الأحد)، على أن القطاع المصرفي بالمملكة يتمتع بمستوى عالٍ من السيولة، مشيراً إلى أن «ساما»، تراقب بشكل يومي، المؤشرات المصرفية للتأكد من سلامة وقوة الوضع المالي للبنوك.
وانطلقت أمس في السعودية ثامن أيام الاكتتاب العام في أضخم طرح عالمي بعد انقضاء أول أسبوع للاكتتاب العام لشريحتي الأفراد والمؤسسات بمؤشرات إقبال إيجابية، في وقت سيكون فيه هذا الأسبوع هو الأخير للمكتتبين الأفراد، في حين ستنعم المؤسسات بفرصة أسبوع ثالث تنتهي في الرابع من الشهر المقبل.
وبدأت البنوك المحلية في السعودية بالتأكيد على أن الفرصة لا تزال متاحة مع أخذ الاعتبار أنه لم يتبقَّ إلا القليل على إقفال الاكتتاب العام، بما في ذلك بنك الرياض الذي أطلق نشرة دعائية قال فيها: «خمسة أيام على انتهاء الاكتتاب»، داعياً إلى إمكانية الاستفادة من الاكتتاب عبر قنوات أونلاين، وأجهزة الجوال، والهاتف، والصرف الآلي وكذلك عبر الفروع.
وفي شأن متصل بطرح «أرامكو»، أوضح رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية محمد القويز خلال ملتقى الإدراج الذي نظمته أمس لجنة الاستثمار والأوراق المالية بالغرفة الرئيسية بالرياض، أن طرح شركة «أرامكو» في السوق السعودية يجلب كثيراً من السيولة من المستثمرين الأجانب، مبيناً دخول ما يزيد على 82 مليار ريال من صافي الاستثمارات الأجنبية في السوق منذ بداية العام الحالي، وهذا يؤكد محافظة السوق المالية على مستوى التقييم الحالية.
من جهته، قال ‏‏‏‏‏في الملتقى ذاته المدير التنفيذي لشركة السوق المالية السعودية المهندس خالد الحصان، إن طرح شركة أرامكو سيغير من مركز «تداول» في الفترة المقبلة لتصبح ضمن أكثر 10 أسواق في العالم من حيث مستوى القيمة السوقية.
وفي جانب آخر، عقدت شركة «أرامكو» السعودية اجتماعات مع مستثمرين في دبي أمس (الأحد)، لتسويق طرحها العام الأولي في جهود لجذب استثمارات في الاكتتاب الجاري حالياً، إذ وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء، التقى مسؤولو «أرامكو» مع مسؤولين استثماريين في الخليج بينهم صندوق الثروة السيادي الكويتي، دون صدور أي بيان رسمي يؤكد ذلك.
إلى ذلك ، انطلقت أمس (الأحد)، في الرياض أعمال المؤتمر الأول المشترك بين مسؤولي البنوك في السعودية والإمارات، بتنظيم مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» بالتعاون مع مصرف الإمارات المركزي ضمن مبادرات مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي.
وتأتي مبادرة عقد مؤتمر سنوي للبنوك بإشراف الهيئات الرقابية لتحديد التحديات والفرص في القطاع المصرفي ضمن المبادرات المنبثقة عن لجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي الذي يهدف بشكل أساسي إلى تعزيز مصالح البلدين وإيجاد فرص جديدة تحقق الرفاهية للشعبين الشقيقين، وإطلاق مبادرات مشتركة ينعكس أثرها الإيجابي على جوانب الحياة اليومية لكلا البلدين.
ويسلط المؤتمر الضوء على أهم التحديات والفرص التي تواجه القطاع المصرفي بالبلدين في مجالات الأمن السيبراني، والتوعية المالية والتقنية المالية، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ولفت الخليفي، في كلمة ألقاها، إلى أن هذا المؤتمر، يعدّ إحدى مبادرات المظلة الاستراتيجية «خلوة العزم» المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي الذي تندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون والعمل المشترك بين البلدين ضمن اتفاقية تهدف لإيجاد نموذج استثنائي للتكامل والتعاون على المستويين الإقليمي والعربي عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة.
وأكد الخليفي أن القطاع المصرفي في المملكة يتسم بقدرٍ كبيرٍ من الملاءة المالية والكفاءة التشغيلية والسيولة العالية، ويخضع لرقابة لصيقة وإشراف فاعل من قبل مؤسسة النقد، مشيراً إلى أن من المهام الحيوية للقطاع المصرفي ما تقدمه المصارف من تسهيلات ائتمانية للقطاعين الخاص والعام التي شهدت نمواً ملحوظاً في السنوات الماضية.
وأفاد بأن مؤشرات السلامة المالية قوية مقارنة بمتطلبات «بازل» والمعايير الدولية في مختلف المجالات، ومنها: معدل كفاية رأس المال، والقروض المتعثرة أو المشكوك في تحصيلها، ومستويات السيولة التي تُعدّ ضمن مستويات عالية جداً مقارنة بالحد الأدنى المطلوب حسب معايير لجنة «بازل».
وبيّن الخليفي أن المملكة تعد رابع أكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى العالم، والأول على المستويين الخليجي والعربي، حيث بلغت قيمة الحوالات الصادرة إلى الإمارات خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2019 نحو 71 مليار ريال (18.9 مليار دولار)، في حين بلغت قيمة الحوالات الواردة خلال الفترة ذاتها 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار)، بقيمة إجمالية تساوي 91 مليار ريال (24.2 مليار دولار).
وأوضح الخليفي أن مؤسسة النقد سنّت تشريعات للبنوك العاملة في المملكة بهدف تشجيع تمويل تلك الفئة، مشيراً إلى أنه من جهود المؤسسة لتعزيز تمويل هذا القطاع، تشكيل لجنة تهدف إلى دراسة سُبل دعم القطاع ورفع التوصيات التي من شأنها تعزيز دور المؤسسات المالية التي تشرف عليها المؤسسة.
ومن جهود «ساما»، وفق الخليفي كذلك، توحيد التعريف للمنشآت الصغيرة والمتوسطة واستحداث قطاع آخر يكتسب أهمية كبيرة «متناهية الصغر»، مبيناً أن حجم التسهيلات المقدمة إلى قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر خلال الربع الثاني لعام 2019، بلغ نحو 113 مليار ريال (30.1 مليار دولار).
وعلى صعيد مجال الأمن السيبراني، أكد الخليفي، أن هذا المجال يُعدّ إحدى أهم أولويات «ساما»، منوهاً بأن النهج الذي تتبعه في هذا المجال أدى إلى رفع درجة التزام المملكة ونظامها المالي بمتطلبات ومعايير الأمن السيبراني، حيث ركّزت «ساما» على طرق الوقاية والحماية، إضافة إلى الإجراءات المستمرة للفحص وتقييم المخاطر.
وحول أهم جهود مؤسسة النقد في تعزيز الشمول المالي والتثقيف المالي، لفت الخليفي إلى تدشين مبادرة شاملة تحمل اسم «ساما تهتم» وتستهدف 3 محاور أساسية؛ وهي حماية العملاء، والثقافة المالية، والشفافية والإفصاح.
وتضمنت هذه المبادرة وفق الخليفي، إطلاق نظام آلي لإدارة علاقات العملاء ورفع مستوى الثقافة المالية للأفراد وتعزيز ثقافة الادخار وتوعيتهم بحقوقهم ومسؤولياتهم، حيث تم تدشين مبادرة تقديم الخدمات المصرفية عبر الوكلاء لزيادة مستوى الحصول على الخدمات المالية وتنويع قنوات الوصول إليها.
وقال الخليفي: «إن من أهم الأهداف التي تسعى مؤسسة النقد إلى تحقيقها ضمن إطار برنامج تطوير القطاع المالي؛ ما يتمثل في تقليل الاعتماد على تداول النقد، من خلال التطوير المستمر للبنية التحتية لأنظمة المدفوعات الوطنية بهدف تسهيل التحول إلى بيئة رقمية للمدفوعات، وهو ما يصبّ وبشكلٍ مباشرٍ في تشجيع التوجه نحو مجتمع غير نقدي».
وشدد على تشجيع الابتكار في القطاع المالي من خلال دعم مبادرة «فنتك السعودية» التي أطلقتها مؤسسة النقد العام الماضي لتكون حافزاً لتطوير قطاع التقنية المالية وتمكينه بشتى الوسائل، لتصبح المنطقة منصة ابتكارية ومركزاً رئيسياً للتقنيات المالية حول العالم بوجود منظومة ناجحة يقودها أصحاب المصلحة المحليون والدوليون، وذلك من خلال جميع الجهات الحكومية والخاصة التي ستشجع ثقافة الابتكار.
وبيّن أن رؤية مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، ترتكز على إيجاد نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين المملكة والإمارات على المستويين الإقليمي والعربي عبر تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة، لتوفير الرخاء لشعبي البلدين.
من جهته، قال مبارك المنصوري محافظ مصرف الإمارات المركزي في كلمة أمام المؤتمر، إن «الارتباط العميق بين دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية من شأنه أن يُعزز من تطوير مبادرات استراتيجية مشتركة تهدف إلى استمرار التعاون والتكامل في كثير من المجالات بين البلدين بما فيها التمويل والاستثمار والأنشطة المصرفية وغيرها».
وشدد على ترسيخ التعاون بين البنوك الإماراتية والسعودية، وتسليط الضوء على التحديات وسبل مواجهتها في مجال الأمن السيبراني، والتقنية المالية، ودعم وتمويل المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، واغتنام فرص التمويل والاستثمار في كلا البلدين فيما ينتقلان باقتصادهما إلى حقبة «ما بعد النفط»، حيث تتشارك الدولتان الرؤى بعيدة المدى لخلق مستقبل أكثر إشراقاً وفق رؤية الإمارات 2021، ورؤية المملكة 2030.


مقالات ذات صلة

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

بعد إعلان الهيئة الملكية لمدينة الرياض نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية علمت «الشرق الأوسط» أن بعض تلك الأراضي ستباع بأقل من 1500 ريال للمتر.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي» وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

منصة «التوازن العقاري» تعلن نتائج أول دفعة أراضٍ مدعومة في الرياض

أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الأربعاء، عن صدور نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية عبر منصة «التوازن العقاري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
جانب من الحافلات الكهربائية (تصوير: غازي مهدي)

تدشين أول شبكة حافلات تعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية في مكة المكرمة

دُشّن في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، الأربعاء، أول نظام حافلات سريعة التردد، يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية، عبر «مسار BRT».

سعيد الأبيض
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال المؤتمر الصحافي الحكومي (الشرق الأوسط)

الخريف: استثمارات القطاع الصناعي السعودي ترتفع إلى 320 مليار دولار

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، إن الاستثمارات في القطاع شهدت قفزة من 800 مليار إلى 1.2 تريليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
TT

الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)

تحدّت الأسواق الناشئة الرسوم الجمركية والحروب التجارية واضطرابات الاقتصاد العالمي، محققةً عوائد مزدوجة الرقم في 2025، ما عزّز آمال المستثمرين بتكرار الأداء القوي في العام المقبل.

فبعد سنوات من الخيارات المالية الصعبة، وسياسات نقدية دقيقة اتخذها صانعو القرار في البنوك المركزية، باتت دول كانت تُعدّ عالية المخاطر تبدو اليوم أكثر متانة في مواجهة الغيوم السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد التشرذم الجيوسياسي، وفق «رويترز».

وقالت المديرة التنفيذية في «مانولايف لإدارة الاستثمارات»، إلينا ثيودوراكوبولو: «هناك رياح مواتية كثيرة انتقلت من هذا العام إلى العام المقبل، لا سيما في ظل الأداء اللافت والمميز»، مشيرةً إلى «مزيج من السياسات السليمة والحظ الجيد».

تحرّر الأسواق الناشئة

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض مناخاً من عدم اليقين، يدفع عادةً المستثمرين إلى الملاذات الآمنة مثل السندات الأميركية أو الدولار. غير أن السياسات الجمركية المتقلبة وهجمات ترمب على «الاحتياطي الفيدرالي» قلبت المعادلة، لتجعل الأسواق الناشئة تبدو أكثر استقراراً نسبياً.

وبينما لا تزال تداعيات السياسات الأميركية تتصدّر قائمة المخاطر المحتملة على موجة الصعود المتوقعة في 2026، استغل بعض المستثمرين التراجعات التي أحدثتها إعلانات «يوم التحرير» الجمركية في أبريل (نيسان)، لزيادة انكشافهم على أصول الأسواق الناشئة.

وقال مدير المحافظ في «جانوس هندرسون»، توماس هوغارد: «نرى توجهاً متزايداً لتنويع الاستثمارات بعيداً عن الولايات المتحدة أو السعي إلى تنويع عالمي أوسع». وأضاف أن ديون الأسواق الناشئة كانت دون الملكية لفترة طويلة بعد سنوات من تدفقات الخروج.

وشهدت دول عدة تحولات جذرية؛ إذ تحولت تركيا إلى سياسات اقتصادية تقليدية منتصف 2023، وألغت نيجيريا الدعم وخفّضت قيمة النايرا، وواصلت مصر إصلاحات مدعومة من صندوق النقد الدولي، فيما اجتازت غانا وزامبيا وسريلانكا فترات تعثّر تلتها تحسينات في التصنيفات الائتمانية.

وساعد هذا الصعود في عكس سنوات من نزوح رؤوس الأموال، مؤكداً -حسب المستثمرين- أن الخيارات الصعبة التي اتخذتها الحكومات تُؤتي ثمارها، وتمهّد لقوة إضافية في 2026.

وقالت جوليا بيليغريني، من «أليانز غلوبال إنفستورز»: «باتت هذه الاقتصادات قادرة على امتصاص الصدمات الكبرى؛ إذ تقف على أسس أقوى».

كما أشار محللون إلى عام آخر من صافي الترقيات الائتمانية بوصفه دليلاً إضافياً على استمرار المتانة. وقال استراتيجي «مورغان ستانلي»، جيمس لورد: «الأساسيات تتحسن في هذه الفئة من الأصول، خصوصاً من منظور الجدارة الائتمانية السيادية»، لافتاً إلى «زخم متنامٍ في الترقيات عاماً بعد عام».

ملاذات جديدة؟

في وقت تعرّض فيه «الاحتياطي الفيدرالي» لانتقادات، أظهرت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة استقلالية ومصداقية في صنع السياسات، حسب المستثمرين.

وقال رئيس ديون الأسواق الناشئة في «إم أند جي»، شارل دو كينسوناس: «مصداقية السياسة النقدية في الأسواق الناشئة ربما بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق». وأضاف: «خفّضت الفائدة، بل سبقت (الفيدرالي)، لكنها لم تُفرط في الخفض، مما ساعد العملات على الصمود».

وأسهم الانضباط النقدي في تفوق عملات الأسواق الناشئة، بالتزامن مع تراجع الدولار، ما غذّى الإقبال على ديون العملات المحلية التي حقّقت عوائد بنحو 18 في المائة هذا العام، مع توقعات بإمكان تكرار عوائد مزدوجة الرقم في 2026.

وحتى عدم اليقين الانتخابي -من المجر إلى البرازيل وكولومبيا- الذي كان يُقلق المستثمرين عادة، بات لدى البعض مصدر فرص. وقالت جوليا بيليغريني: «التغييرات السياسية المحدودة التي قد تلي الانتخابات يمكن أن تخلق تحركات سوقية تولّد فرصاً استثمارية».

أميركا تبقى الخطر الأكبر على آفاق الأسواق الناشئة

ويبقى الخطر الأكبر مرتبطاً بالولايات المتحدة، فدخولها في ركود قد يطلق موجة سحب رؤوس أموال تضر بالأسواق الناشئة. كما أن رفع «الفيدرالي» الفائدة قد يعزّز الدولار ويضغط على عملات هذه الأسواق. ويزيد الغموض مع احتمال تعيين رئيس جديد لـ«الفيدرالي» في 2026.

لكن حتى هذه المخاطر لم تعد بالحدة السابقة ذاتها. وقال دو كينسوناس: «من الناحية الأساسية، أصبحت الأسواق الناشئة أقل حساسية بكثير للاقتصاد الأميركي مما كانت عليه».

ومع ذلك، يثير التفاؤل المفرط بعض التحفظ، فقد أظهر استطلاع «إتش إس بي سي» لمعنويات الأسواق الناشئة، الصادر في ديسمبر (كانون الأول)، اختفاء النظرة السلبية بالكامل وتسجيل صافي معنويات قياسي هو الأعلى في تاريخ الاستطلاع.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت للأسواق الناشئة في «بنك أوف أميركا»، ديفيد هاونر: «لم أصادف عميلاً واحداً متشائماً رغم حديثي مع أكثر من 100 عميل خلال الأسابيع الأخيرة». وأضاف محذراً: «عندما يتفق الجميع على اتجاه السوق، يعلّمنا التاريخ ضرورة توخي الحذر».


صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

حذَّر صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، يوم الجمعة، من المخاطر الكبيرة التي تحيط بتوقعاتهم الاقتصادية الأخيرة، داعين إلى توخي الحذر في إدارة السياسة النقدية، وعدم استبعاد خيار خفض أسعار الفائدة مجدداً في الوقت الراهن.

وأبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة، يوم الخميس، ورفع بعض توقعاته للنمو والتضخم، وهي خطوة عدّها المستثمرون إشارةً إلى عدم وجود تخفيضات وشيكة لتكاليف الاقتراض، وفق «رويترز».

ورغم أن الأسواق استبعدت أي خفض محتمل لأسعار الفائدة، وتتوقَّع رفعها في 2027، فإن عددًا من صناع السياسات، بمَن فيهم فرانسوا فيليروي دي غالهو من فرنسا، وأولاف سليغبن من هولندا، ومارتن كوخر من النمسا، وخوسيه لويس إسكريفا من إسبانيا، وأولي رين من فنلندا، حذَّروا من التسرع في استخلاص النتائج.

وقال كوخر للصحافيين في فيينا: «لسنا في وضع مريح فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي العام، لأن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة. وهذا يعني وجود احتمال لخفض إضافي إذا لزم الأمر، واحتمال لرفع الفائدة إذا اقتضت الظروف ذلك». ووافقه إسكريفا، مؤكداً أن الخطوة التالية قد تكون في أي من الاتجاهين.

وأفادت مصادر مطلعة بأن صناع السياسات كانوا عموماً مرتاحين لتوقعات السوق باستقرار أسعار الفائدة خلال العام المقبل، لكنهم حرصوا على عدم إرسال أي إشارات تستبعد إمكانية التيسير النقدي الإضافي.

وأشار معظم الخبراء إلى أن مخاطر النمو والتضخم متوازنة، رغم أنها كبيرة ومعرَّضة لتقلبات مفاجئة نتيجة التطورات الجيوسياسية. وقال سليغبن: «أعتقد أن مخاطر النمو والتضخم متوازنة إلى حد كبير، رغم أنها كبيرة. ما زلنا في وضع جيد، فالتضخم في أوروبا يقترب من 2 في المائة، ويمكن القول إنه أشبه بجنة بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية، لكن في الوقت نفسه ندرك أن المخاطر لا تزال كبيرة».

وفي حديثه لصحيفة «لو فيغارو»، تبنى فيليروي وجهة نظر أكثر تساهلاً، داعياً إلى «أقصى قدر من المرونة»، مؤكداً: «هناك مخاطر في كلا الاتجاهين بالنسبة للتضخم، خصوصاً على الجانب السلبي، لذلك سنكون على قدر عالٍ من المرونة في كل اجتماع من اجتماعاتنا المقبلة».

وقد رفع البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، توقعاته للتضخم لعام 2026؛ نتيجة تسارع نمو الأجور والخدمات، لكنه لا يزال يتوقع أن يكون نمو الأسعار الإجمالي أقل من الهدف خلال العامين المقبلين.

وأوضح البنك أن انخفاض التضخم الحالي يعود في معظمه إلى تأثيرات استثنائية في قطاع الطاقة، بينما يظل نمو الأسعار الأساسي أعلى من الهدف، ما يستدعي توخي الحذر. ومع استمرار انخفاض أسعار الطاقة منذ تاريخ انتهاء التوقعات، هناك خطر من أن تبدأ توقعات الأسعار بالانخفاض تدريجياً مع انخفاض قراءات التضخم الشهرية، مما يطيل أمد ضعف نمو الأسعار.

وقال رين: «على الرغم من المفاجآت الإيجابية الأخيرة في النمو، فإن الوضع الجيوسياسي والحرب التجارية المستمرة قد يؤديان إلى مفاجآت سلبية لمنطقة اليورو. وتجعل هذه التطورات توقعات التضخم أكثر غموضاً من المعتاد بسبب المواجهات الجيوسياسية والنزاعات التجارية العالمية».


«أدنوك» توقّع تمويلاً أخضر بمليارَي دولار مع «كي - شور» الكورية

الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
TT

«أدنوك» توقّع تمويلاً أخضر بمليارَي دولار مع «كي - شور» الكورية

الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)

أعلنت «أدنوك» توقيع اتفاقية تمويل أخضر بقيمة 7.34 مليار درهم (نحو مليارَي دولار) مع «شركة التأمين التجاري الكورية» (كي - شور)؛ لتمويل مشروعات منخفضة الكربون عبر عملياتها المختلفة، في خطوة قالت إنها تعكس التزامها بإدماج مبادئ التمويل المستدام ضمن خطط النمو والتوسع.

وأوضحت «أدنوك» أن التسهيل الائتماني المدعوم من «كي - شور» جرت هيكلته ضمن «إطار عمل التمويل المستدام» الخاص بالشركة، بما يتيح تمويل المشروعات المؤهلة والمتوافقة مع المعايير الدولية المعتمدة للتمويل المستدام.

وأضافت أن «فيتش المستدامة» أصدرت رأياً مستقلاً بصفتها «طرفاً ثانياً» يؤكد توافق إطار عمل «أدنوك» مع تلك المعايير.

وجرى الإعلان عن الاتفاقية خلال زيارة الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ومجموعة شركاتها، إلى جمهورية كوريا، حيث التقى يونغجين جانغ، الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور».

وقال خالد الزعابي، رئيس الشؤون المالية لمجموعة «أدنوك»، إن التسهيل الائتماني «يؤكد التزام (أدنوك) بتمويل النقلة النوعية في أنظمة الطاقة بالتزامن مع الحفاظ على نهج قوي ومنضبط في إدارة رأس المال». وأضاف أن الشراكة مع «كي - شور» توسِّع نطاق الوصول إلى التمويل الأخضر، وتعزِّز العلاقات الاقتصادية مع كوريا، إلى جانب دعم مساعي الشركة لترسيخ مكانتها ضمن الشركات الرائدة في مجال الطاقة منخفضة الكربون عالمياً.

وبيّنت «أدنوك» أن هذا التسهيل يمثل أول تمويل ائتماني أخضر للشركة، يأتي مدعوماً من وكالة ائتمان صادرات كورية، وذلك بعد صفقة مماثلة بقيمة 11 مليار درهم (3 مليارات دولار) أبرمتها مع «بنك اليابان للتعاون الدولي» في عام 2024. وبذلك ترتفع القيمة الإجمالية للتمويلات الخضراء التي حصلت عليها «أدنوك» إلى 18.35 مليار درهم (5 مليارات دولار) خلال 18 شهراً، وفق البيان.

وفي سياق أهداف خفض الانبعاثات، أشارت الشركة إلى أنها تُعد من بين منتجي النفط والغاز الأقل كثافة في مستويات الانبعاثات الكربونية، وتعمل على خفض كثافة انبعاثات عملياتها التشغيلية بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2030.

كما لفتت إلى أنها تستثمر 84.4 مليار درهم (23 مليار دولار) في مشروعات خفض الانبعاثات من عملياتها، إلى جانب تسريع نمو مصادر الطاقة الجديدة، بما في ذلك الهيدروجين والطاقة الحرارية الجوفية والطاقة المتجددة.

وأضافت «أدنوك» أنها عضو مؤسس في «ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز»، وهو ائتلاف يضم شركات وطنية ودولية تعهدت بتحقيق صافي انبعاثات من الميثان قريبة من الصفر بحلول عام 2030، وصافي انبعاثات صفري بحلول أو قبل عام 2050.

وذكرت الشركة أن «بنك أبوظبي الأول» تولى دور المنسق لجزء «التمويل الأخضر»، بينما قام بنك «سانتاندير» بدور المنسق لجزء «وكالة ائتمان الصادرات» ضمن الاتفاقية.