ناشط بيئي هندي ورحلة تنظيفه لشواطئ مومباي

أفروز شاه... على قائمة أبطال شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية لعام 2019

شاطئ فيرسوفا قبل عمليات التّنظيف
شاطئ فيرسوفا قبل عمليات التّنظيف
TT

ناشط بيئي هندي ورحلة تنظيفه لشواطئ مومباي

شاطئ فيرسوفا قبل عمليات التّنظيف
شاطئ فيرسوفا قبل عمليات التّنظيف

بدأت رحلة الناشط البيئي أفروز شاه، البالغ من العمر 36 عاماً، في 2015 عندما شرع جنباً إلى جنب مع جاره هاربانش ماثور، البالغ من العمر 84 عاماً، في الاضطلاع بمهمة عملاقة تتمثل في تنظيف أكثر الشواطئ قذارة (شاطئ فيرسوفا) في مدينة مومباي، العاصمة المالية والاقتصادية في الهند في ذلك الوقت. كان شاطئ فيرسوفا قد شهد أيام الصبا واللعب الأولى من حياة الناشط أفروز شاه، ثم تحوّل مع مرور الوقت إلى مكبّ لمختلف النفايات، وقد أزعجه كثيراً أن يرى رمال الشاطئ الذهبية وقد اختفت تماماً تحت أرتال القمامة والنفايات التي تجاوزت آلاف الكيلوغرامات وزناً من طبقة سميكة تزيد على خمسة أقدام طولاً.
تولّى أفروز شاه بنفسه تنفيذ هذه المهمة غير المسبوقة وشرع في التقاط النفايات البلاستيكية من على حافة الغرق في قلب المحيط. ولقد واجه العديد من المشكلات خلال مراحل حملته البيئية لتنظيف الشاطئ، التي تضمّنت محاولة تغيير طريقة تفكير الناس وتصرفهم من حوله، مع محاولة تغيير أسلوب تعامل السلطات البلدية مع الأمر، وحضّ الطرفين على العمل سوياً للمصلحة العامة. ويقول أفروز شاه عن ذلك: «كان الشاطئ بأسره عبارة عن سجادة كبيرة من المخلفات البلاستيكية».
وشهد شهر أغسطس (آب) من عام 2016. مشاركة أكثر من 500 شخص من سكان المدينة، فضلاً عن مشاهير من سينما بوليوود الهندية، ومسؤولي الأمم المتحدة، بمن فيهم إريك سولهايم، رئيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والسباح العالمي لويس بوغ، راعي الأمم المتحدة للمحيطات، الذين شاركوا بأنفسهم وجمعوا بأيديهم ما يقرب من 284 ألف كيلوغرام من النفايات والقمامة من شاطئ فيرسوفا الذي يبلغ طوله 2.5 كيلومتر. وقبل أشهر قليلة، شاركت السيدة برون بورسون وزيرة البيئة الفرنسية مع الناشط البيئي الهندي أفروز شاه في أعمال التنظيف وتجميل الشاطئ. كما أشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بأعمال أفروزشاه وجهوده الكبيرة خلال برنامجه الإذاعي الشهير «حديث من القلب» في عام 2016. وفي العام نفسه، نال أفروز شاه أعلى وسام تمنحه منظمة الأمم المتحدة «وسام بطل الأرض»، نظير جهوده البيئية المتميزة.
واليوم، أصبح أفروز شاه معروفاً في كافة أرجاء العالم بأنّه الرجل الذي بدأ أكبر مشروع للتّنظيف في العالم على شاطئ فيرسوفا في مومباي الهندية. وتحوّلت جهوده إلى حركة بيئية حملت اسم «مؤسسة أفروز شاه»، إذ تمكنت الحركة التطوعية البيئية في إزالة 60 مليون رطلاً من القمامة والنفايات، لا سيما النفايات البلاستيكية، من مختلف شواطئ وأنهار مدينة مومباي.
ما الذي دفعه إلى العمل منفرداً؟
يقول أفروز شاه: «لم نتمكن من انتظار تدخل الحكومة في الأمر، فلقد انتظرناهم 70 عاماً كاملة بعد الاستقلال. وهذه أرضي، وهذا كوكبي، وهذا محيطي، ولا بد من تنظيفه». لذا، شرع في العمل بعطلات نهاية الأسبوع، أسبوعاً تلو الآخر، حيث كان يأتي ممسكاً بالسلال والمجاريف، محاولاً سحب المواد البلاستيكية وغيرها من الخردة والنفايات الملقاة على شاطئ المحيط، وينظف الشاطئ منها. ومع مرور الشهور، بدأ المشاركون بالتزايد جنباً إلى جنب مع أنباء نجاحه الباهر التي عمّت الآفاق. وفي وقت وجيز، تحوّلت الحركة المحلية الصغيرة إلى أكبر حملة من حملات التنظيف المجتمعية في عموم الهند، حيث انضم إليها الآلاف من المتطوعين الذين يعملون على تنظيف الشواطئ الهندية بصفة أسبوعية.
ويواصل الناشط أفروز شاه عمله من دون تلقي أي منح مالية أو دعم تنظيمي من خارج البلاد، وأغلب التمويل يحصل عليه من أرباح عمله كمحامٍ ناجح في مومباي، وجهوده البيئية تعتمد على العمل التطوعي في المقام الأول، وفي ذلك، يقول: «يقوم كل واحد منا بواجبه على قدر استطاعته، من ثمّ يغادر إلى منزله. وأحاول التبرع بعشرة في المائة من أرباح عملي لدعم الجهود البيئية. وإن احتجت إلى ثلاثة جرارات أو أربعة حفارات، فإنني أذهب إلى البنك وأسحب الأموال الكافية لاستئجارها».
وتنامت مجموعة المركبات والعربات التي يستعين بها أفروز شاه في أعماله البيئية على مدى العامين الماضيين. والآن، وبالإضافة إلى سيارته الخاصة، فإنّه يملك ثلاثة قوارب (أحدها جاءت تبرعاً من إحدى شركات البلاستيك، واثنان تبرعت بهما شركة أديداس)، فضلاً عن جرار وحفار قوي كانا تبرعات من الممثل الهندي الشهير أميتاب باتشان.
وبحلول أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018، انتهت أعمال التنظيف بالكامل في شاطئ فيرسوفا، ثم توسّعت أعمال التنظيف الخاصة بالناشط أفروز شاه لتشمل شواطئ أخرى بالإضافة إلى نهر «ميثي» في مومباي.
كما انعكست نجاحات تنظيف الشواطئ خلال العام الجاري عندما تمكنت السلاحف الصغيرة من مغادرة بيضها على شاطئ فيرسوفا في مومباي متجهة صوب بحر العرب. ووفقاً إلى الروايات السابقة، تُعدّ المرّة الأولى التي تشاهد فيها تلك السلاحف الصغيرة في رحلتها الطبيعية من على شاطئ فيرسوفا خلال 15 إلى 20 عاماً الماضية.
واحتفل بهذا الحدث الفريد من نوعه بحماس كبير ولافت للأنظار، والسّبب أنّ وجود السلاحف البحرية يعد دليلاً قاطعاً على صحة الأنظمة البحرية البيئية في تاك الأماكن على المحيط.
يقول أفروز شاه: «أصبح شاطئ فيرسوفا نظيفاً بالكامل الآن، وهناك جهود مستمرة ومطبقة بالفعل على الشاطئ. أشعر أن عملي على شاطئ فيرسوفا قد انتهى الآن، وحان الوقت للمضي قدماً إلى مكان آخر»، وأضاف أنّه سيدعم ويساند المتطوعين كلما احتاجوا للمساعدة، لا بد أن نحبّ بلدنا والطبيعة من حولنا، هذا ما تعنية الوطنية الحقيقية بالنسبة إلى أفروز شاه، الذي يواصل عمله في تنظيف شواطئ مدينة مومباي وأنهارها على مدى السنوات الأربع الماضية من دون توقف.
وبعد مرور سنوات من العمل المستمر، كما يقول الناشط أفروز شاه: «في كل أسبوع، هناك ما يشبه الموعد الغرامي مع المحيط بالنسبة لي. إنّني عاشق للشواطئ للغاية، وبحر العرب بصفة خاصة، وهذا الحب هو مصدر إلهامي الذي يدفعني دفعاً لمواصلة زيارة هذا المكان أسبوعاً تلو الآخر».
أمّا بالنسبة لقصة نهر «ميثي» في مومباي - وهو يحمل هذا الاسم نظراً لأنّ مياهه كانت عذبة في يوم من الأيام لدرجة سهولة الشرب مباشرة منها - فهي قصة تبعث على المرارة والألم. فلقد وصف خبراء البيئة ذلك النهر، الذي يبلغ طوله 18 كيلومتراً وهو يحمل فيضان مياه بحيرة «بوواي»، وبحيرة «فيهار» إلى المصب في بحر العرب، بأنّه أكبر مصارف المجاري في المدينة. وبعد دوره العجيب في فيضانات مومباي العارمة في عام 2005. عندما صرف النهر آلاف اللترات من مياه الصرف الصحي والمياه المحملة بالنفايات الصناعية إلى شوارع المدينة بدلاً من القيام بدوره الفعال كمجرى لصرف مياه العواصف والأمطار.
وعلى مدى الشهور العشرة الماضية، شوهدت النتائج المذهلة حيث صار أكثر من كيلومترين من النهر خالياً تماماً من المخلفات والنفايات البلاستيكية.
ويدور أسلوب الناشط أفروز شاه في العمل حول جمع مجموعة من المتطوعين والتركيز على مشكلة واحدة بعينها حتى الانتهاء منها تماماً وببطء شديد، قطعة بلاستيكية واحدة في المرة الواحدة. وعندما التقينا به، كان يواصل العمل على مشروع جديد يمتد لثمانية أسابيع. وحتى الآن، تمكن رفقة المتطوعين الذين يعملون معه من تنظيف 200 متر أخرى من النهر الممتد لمسافة 18 كيلومتراً. ويوضح: «لقد انتهينا من إخراج النفايات الصلبة من مجرى النهر، بالإضافة إلى النباتات المائية الضارة، وللتعامل مع النفايات السائلة نقوم بتركيب محطة معالجة حيوية في أول محطة للصرف الصحي تدخل مجرى النهر. ودعونا نرى كيف تعمل هذه التجربة. فهي عملية بطيئة وتزداد صعوبة مع مرور الوقت عند مواجهة الصناعات الملوثة لمياه النهر التي توجد على ضفافه بطول 6 كيلومترات».
وفي عطلة نهاية الأسبوع، يقوم الناشط أفروز شاه بطهي الطعام ويحمله بنفسه إلى 50 أو 100 متطوع من العملين معه. وهو يستعين بالوجبات الشعبية كمنصة لتثقيف الملايين الذين يعيشون على جانبي ضفاف النهر، شارحاً لأفكاره البيئية مثل إعادة التدوير والاستدامة.
وألهمت أعماله المستمرة منذ أكثر من 200 عطلة من عطلات نهاية الأسبوع انضمام أكثر من 200 ألف متطوع إلى حملته البيئية الكبيرة.
من جانبه، يقول المخرج السينمائي الهندي راجيش شرينغاربيور (الذي كان يلعب في صباه على شاطئ دادار في مومباي، لكنه فوجئ أنّه تحول إلى مكب للنفايات عندما حاول زيارته رفقة ابنته في أبريل (نيسان) 2017): «سمعت عن أفروز شاه للمرة الأولى من الصحف التي تناقلت أنباء جهوده البيئية. ولقد ألهمتني أعماله كثيراً، لأبدأ بتنظيف شاطئ دادار على نفس الأسلوب والمنوال».
ويواصل المخرج الهندي حديثه: «رغم وجود بعض الخيوط البلاستيكية هنا وهناك بين رمال الشاطئ، فإنه تحسن كثيراً عما كانت عليه الأوضاع قبل عامين كاملين. حيث يمكنك مشاهدة الناس يلعبون الكرة الطائرة الآن على شاطئ دادار، وهناك عائلات تخرج إليه في العطلات مع صغارها».
ومع البدء في تنظيف الشواطئ بالجهود المحلية واحداً تلو الآخر، تحاول مجموعات المتطوعين الآن التركيز على الأسباب الجذرية للمشكلة بالأساس مع العمل المتواصل للوصول إلى حلول نهائية لها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.