التغييرات السياسية في بوليفيا... استقالة رئيس أم انقلاب ؟

كتلة موراليس تنتقل إلى المعارضة البرلمانية وتشير بأصابع الاتهام إلى الجيش

قوات الأمن البوليفية في مقر القيادة العامة للشرطة أمس في العاصمة لاباز (رويترز)
قوات الأمن البوليفية في مقر القيادة العامة للشرطة أمس في العاصمة لاباز (رويترز)
TT

التغييرات السياسية في بوليفيا... استقالة رئيس أم انقلاب ؟

قوات الأمن البوليفية في مقر القيادة العامة للشرطة أمس في العاصمة لاباز (رويترز)
قوات الأمن البوليفية في مقر القيادة العامة للشرطة أمس في العاصمة لاباز (رويترز)

ما زال الغموض يخيّم على ملابسات الاستقالة المفاجئة للرئيس البوليفي إيفو موراليس والأسباب الحقيقية التي دفعته إليها، علماً بأن أقصى ما كانت تطالب به المعارضة هو الذهاب إلى الجولة الثانية لحسم الانتخابات الرئاسية التي كانت تتهمّه بالتلاعب بنتائجها. وليس واضحاً بعد ما هي حظوظ موراليس في العودة إلى بوليفيا، كما وعد عند وصوله إلى المكسيك التي سارعت إلى التجاوب مع طلبه اللجوء السياسي «حفاظاً على سلامته وحريّته، وعملاً بتقاليد اللجوء المكسيكية العريقة» كما قال وزير خارجيتها.
لكن الغموض يخيّم أيضاً على موقع رئاسة الجمهورية الذي شغر باستقالة موراليس وشغلته بصورة مؤقتة، وظروف مشكوك في شرعيتها ودستوريتها، النائبة الثانية لرئيس مجلس الشيوخ جانين آنيز التي لم يؤيد تنصيبها أكثر من ثلث أعضاء البرلمان المخوّل وحده الإشراف على انتقال السلطة. وأعلنت أنيز وهي عضوة بالمعارضة، عن تلك الخطوة بعد أن فشل مجلسا البرلمان (الشيوخ والنواب) في حشد عدد كاف من النواب لاختيار خليفة لموراليس. وكانت آنيز قد تولّت مهامها في جلسة برلمانية لم يكتمل نصابها القانوني، وبعد سلسلة من الاستقالات المتلاحقة لنائب الرئيس ورئيسة مجلس الشيوخ ونائبها الأول ورئيس مجلس النواب، الذين يلحظ الدستور تراتبية أهليتهم لتولّي رئاسة الجمهورية في حال شغورها. وقالت آنيز إنها ستتولى الرئاسة حيث يسمح الدستور بأن يصبح رئيس مجلس الشيوخ رئيساً للدولة بعد استقالة رئيس البلاد ونائبه.
وكان موراليس قد نوّه من المكسيك بالقرار الذي اتخذه أنصاره في البرلمان عندما قرروا مقاطعة الجلسة المخصصة لتعيين خلف له، وشنّ هجوماً ضد خصومه قائلاً: «أوجه التهنئة للرفاق البرلمانيين الذين تصرّفوا بوحدة وكرامة لرفض ألاعيب اليمين العنصري والانقلابي الذي يبيع وطنه. سنبقى متحّدين في دفاعنا عن الديمقراطية وسيادة القانون والحياة والوطن».
حذرت شركة «واي بي إف بي» البوليفية المملوكة للدولة، واحداً من أكبر عملائها في مجال الغاز الطبيعي في الأرجنتين من أن الإنتاج يمكن أن يتعطل بسبب الاضطراب السياسي. ورغم أن صادرات الغاز البوليفي لم تتوقف، قالت شركة «إياسا إس إيه» الأرجنتينية المملوكة للدولة إنها تلقت إخطاراً من جانب الشركة البوليفية بأن الإمدادات قد تتأثر جراء الاضطرابات السياسية الداخلية. وقالت «واي بي إف بي» لوكالة بلومبرغ للأنباء إنها تستعد لإصدار بيان عن ذلك الوضع.
الكتلة البرلمانية المؤيدة لموراليس، والتي أصبحت في حكم المعارضة بعد تطورات الأيام الأخيرة، تعتبر أن الاستقالة جاءت نتيجة الضغوط التي مارستها قيادة القوات المسلحة، وبالتالي هي ثمرة انقلاب كما قالت رئيسة الكتلة «بتي يانييكيز» التي أكدت أن «الانقلاب جرى الإعداد له قبل الانتخابات الرئاسية». لكنها أوضحت أن كتلتها لن تعرقل عملية انتقال السلطة قائلة: «سنعمل من أجل التوصل إلى مخرج دستوري للأزمة، ولن نقف أبداً ضد مصلحة الشعب. لكننا نطالب أيضاً بالضمانات اللازمة للحفاظ على سلامتنا وحرّيتنا». ويذكر أن موراليس قد اتهّم الشرطة بالانضمام إلى المؤامرة الانقلابية، بدعم من القوات المسلّحة التي تولّت منذ الاثنين الماضي مهمة الحفاظ على الأمن في البلاد بعد انفجار أعمال العنف والاحتجاجات في العاصمة والمدن الكبرى.
وفيما كانت الإدارة الأميركية تعرب عن ارتياحها للتطورات السياسية التي أدت إلى استقالة موراليس، كانت منظمة البلدان الأميركية، التي تتخّذ من واشنطن مقرّاً لها، تعقد اجتماعاً طارئاً لمجلسها الدائم حيث أعلن أمينها العام لويس آلماغرو «إن الانقلاب في بوليفيا حصل في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما قام إيفو موراليس بتزوير نتيجة الانتخابات»، مضيفاً: «على الجيش أن يتصرّف وفقاً لصلاحياته، وحتى الآن لم يتعدَّ أحد صلاحياته». لكن موقف الأمين العام للمنظمة لم يحجب التباين بين أعضائها حول ما حصل في بوليفيا. فبينما وصف المندوب الأميركي كارلوس تروخيّو فكرة الانقلاب على موراليس بأنها «تافهة»، قال المندوب المكسيكي، الذي منحت بلاده اللجوء السياسي للرئيس البوليفي، «إن الضغوط التي مارستها القوات المسلّحة كانت انتهاكاً خطيراً للنظام الدستوري».
وكانت المكسيك قد انتقدت بشدّة الأمين العام لمنظمة البلدان الأميركية بسبب صمته إزاء أعمال العنف والقمع الذي تعرّض لها أنصار موراليس على يد قوات الأمن والشرطة، وأيّدتها في ذلك نيكاراغوا وأوروغواي التي قال سفيرها لدى المنظمة: «لا شك في أن ما حصل في بوليفيا كان انقلاباً مدنيّاً وسياسياً وعسكرياً في وضح النهار». الأنظار كلّها تتجّه الآن إلى المكسيك التي دفعتها الظروف إلى قيادة المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية رغم إحجام لوبيز أوبرادور عن القيام بهذا الدور الذي تطالبه به القوى التقدمية منذ انتخابه أواخر العام الماضي. فالوسائل الإعلامية والسياسية والأمنية الضخمة التي لجأت إليها المكسيك لإخراج موراليس من بوليفيا، ثم إعلان الخارجية المكسيكية بأن ما حصل كان انقلاباً على الشرعية الدستورية، في الوقت الذي امتنعت 15 دولة أميركية لاتينية، على رأسها البرازيل، عن وصف ما حصل بالانقلاب، مؤشرات واضحة على أن الرئيس المكسيكي لم يعد قادراً على تجنّب هذه «المسؤولية» التي كان قد حاول التنصّل منها الأسبوع الماضي خلال لقائه بالرئيس الأرجنتيني الجديد ألبرتو فرنانديز الذي أعرب له عن رغبته في أن يقود المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية.
ومن جهة أخرى، دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الثلاثاء الجيش في بوليفيا إلى إعادة موراليس إلى السلطة. وأشار مادورو الحليف القوي لموراليس إلى أن الوضع في بوليفيا «قد يؤدي إلى حرب أهلية». وقال مادورو في اجتماع لدعم موراليس في كراكاس: «أتوجه إلى القيادة العسكرية العليا في بوليفيا: كونوا على دراية بما تفعلونه». وتابع: «قائدكم الأعلى من خلال النظام الدستوري وتصويت الشعب، يدعى إيفو موراليس آيما، وعليكم إعادته إلى السلطة». وأضاف: «لا تقمعوا الناس. لا تقتلوا الناس». وقال مادورو إنه تحدث مع موراليس عبر الهاتف الثلاثاء بعد وصول الأخير إلى المكسيك. وأضاف: «اتصلت به عبر الهاتف حالما استطعت ذلك. قال لي: مادورو، انقل تحياتي إلى الشعب الفنزويلي وأبلغهم بأني قوي وأني سأعود إلى بوليفيا وسيكون هناك الملايين منا، لقد كان في حالة جيدة». لكن مادورو قال إن موراليس أُجبر على الاستقالة «بمسدس مصوب إلى رأسه، وهو مهدد بالموت» بعد أن سحبت قوات الأمن دعمها له بعد أسابيع من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.