الأكراد حلفاء واشنطن بحكم الظروف لقتال «داعش»

TT
20

الأكراد حلفاء واشنطن بحكم الظروف لقتال «داعش»

كانت قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد أبرز مكوناتها، على الدوام، حليفة بحكم الظروف للولايات المتحدة التي تسعى في المقابل لترميم تحالفها التاريخي مع تركيا، برأي مسؤولين أميركيين وخبراء، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من واشنطن.
وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً بسحب القوات الأميركية المنتشرة في شمال شرقي سوريا، ليحرم بذلك المقاتلين الأكراد من الحماية في وجه الهجوم التركي.
وطلب من وزير سلاح البر الأميركي راين ماكارثي الاثنين، التعليق على ردود فعل الجنود الأميركيين على الأرض الذين عبروا عن خيبتهم وإحساسهم بالعار للتخلي عن حلفائهم الأكراد في محاربة تنظيم «داعش»، فردّ: «يجب أن نأخذ الوقت الكافي لنشرح لجنودنا مدى تعقيد الوضع». وأشار ماكارثي خلال محاضرة إلى أن النزاع قديم بين الأكراد المطالبين بالحكم الذاتي وتركيا التي تعدّهم «إرهابيين».
وحين يكون هناك شريكان للولايات المتحدة لديهما مصالح متعارضة «يجب أن يتسنى لنا أن نشرح الفرق بين (العلاقة بين) الجنود والخيارات المترتبة علينا على الصعيد الوطني»، وفق ماكارثي.
وبذلك يقر المسؤول ضمناً بما يقوله كثير من القادة العسكريين الأميركيين في الأحاديث الخاصة؛ فالخيار لم يكن يوماً مطروحاً فعلاً بين تركيا، الحليف الأطلسي الذي يؤوي قواعد أميركية استراتيجية، والأقلية الكردية السورية التي اغتنمت انتصاراتها العسكرية ضد تنظيم «داعش» للسيطرة على قسم من الأراضي السورية وإقامة إدارة ذاتية فيه.
وقال اختصاصي شؤون سوريا في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس، إن «ترمب قرر أن تركيا أهم بكثير من الأكراد». وتابع: «لا أعتقد في الواقع أنه قرار ترمب وحده. الولايات المتحدة تعدّ تركيا أكثر أهمية للدفاع عن مصالحها» والرئيس التركي رجب طيب «إردوغان أدرك أنه حين يحين الأوان، لن تعلن الولايات المتحدة الحرب على تركيا من أجل الأكراد».
وإن كان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر ندد، الاثنين، بتصرفات تركيا «غير المسؤولة» و«المروعة» في شمال شرقي سوريا، فإنه لم يسعه سوى إصدار الأمر بسحب العسكريين الأميركيين المنتشرين في المنطقة وعددهم نحو ألف.
ورغم إعلانه أن العلاقات بين البلدين باتت «موصومة» وأنه سيطلب من الحلفاء الأطلسيين الآخرين اتخاذ «تدابير» لمعاقبة أنقرة، لا يبدو التحالف العسكري مع تركيا مهدداً حتى الآن.
وأوضح مركز «أميريكان سيكيوريتي بروجكت» للدراسات أن الولايات المتحدة تخزن 50 قنبلة نووية في قاعدة إنجرليك الجوية (جنوب)، أكبر قاعدة أميركية في تركيا. ولعبت هذه القاعدة التي تستخدمها واشنطن منذ حقبة الحرب الباردة وتؤوي نحو 2500 عسكري أميركي، دوراً مهماً في العمليات ضد تنظيم «داعش»، وهي تستخدم في العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة بكاملها.
والمشكلة بحسب ما أوضح ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية في نهاية الأسبوع الماضي، أن الحكومة التركية تعدّ وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، «على ارتباط وثيق مع حزب العمال الكردستاني (...) الذي يخوض حملة إرهابية ضد تركيا منذ منتصف الثمانينات».
وتابع أن «الأتراك استاءوا كثيراً لرؤية الأميركيين يتحالفون مع وحدات حماية الشعب - حزب العمال الكردستاني»، مضيفاً أن «العلاقات مع وحدات حماية الشعب كانت بحكم الظروف».
والواقع أن الولايات المتحدة هي التي اقترحت على «وحدات حماية الشعب» تغيير اسمها حين قررت التحالف مع المقاتلين الأكراد ضد تنظيم «داعش» عام 2015. وانتشر في الأيام الماضية على شبكات التواصل الاجتماعي فيديو لقائد القوات الخاصة الأميركية الجنرال ريموند توماس يروي هذا الأمر.
ويقول الجنرال توماس رداً على أسئلة حول هؤلاء الحلفاء الجدد للأميركيين خلال محاضرة ألقاها في معهد آسبن في يوليو (تموز) 2017: «قلنا لهم حرفياً: عليكم تغيير اسمكم». ويتابع: «قالوا قوات سوريا الديمقراطية، ورأيت أن إضافة كلمة ديمقراطية أمر بمنتهى الذكاء، يعطيهم قليلاً من المصداقية».


مقالات ذات صلة

مسلسل عراقي عن «داعش» يثير استياء رئيس وزراء أسبق

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي خلال إعلانه النصر على «داعش» أواخر 2017 (إعلام حكومي)

مسلسل عراقي عن «داعش» يثير استياء رئيس وزراء أسبق

أثار مسلسل درامي عرضته قناة «العراقية» استياء ائتلاف «النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، على خلفية اتهامه الضمني بالكشف عن هوية ضباط استخبارات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي من مسيرة للترحيب باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

الاتفاق بين السلطات السورية والأكراد: أي مكاسب يحققها الطرفان؟

أبرز المكاسب التي تجنيها السلطات السورية والأكراد في حال تطبيق الاتفاق الذي وقَّعه الرئيس أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أفريقيا منطقة الساحل تتحول منذ سنوات بؤرةً للإرهاب العالمي (أ.ف.ب)

منطقة الساحل الأفريقي تتصدر «مؤشر الإرهاب العالمي»

صُنّفت منطقة الساحل الأفريقي ضمن أخطر مناطق العالم وأشدها تضرراً من الإرهاب، وذلك وفق آخر تقرير صادر عن «مؤشر الإرهاب العالمي».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي أحد أفراد قوات الأمن السورية يشير بيده وهو يقف بين السيارات في اللاذقية (رويترز) play-circle

كوريلا يزور شمال شرقي سوريا ويلتقي قادة «قسد»

قالت القيادة المركزية الأميركية إن قائدها الجنرال مايكل كوريلا زار شمال شرقي سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث التقى بقادة عسكريين أميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي مؤتمر صحافي لوزراء خارجية سوريا وتركيا والأردن والعراق ولبنان بعد اجتماع دول جوار سوريا في عمّان الأحد (رويترز)

أحداث الساحل السوري الدامية تطغى على أجندة اجتماع دول جوار سوريا في عمان

الأحداث الجارية في الساحل السوري تطغى على اجتماع دول جوار سوريا الذي استضافته عمان

محمد خير الرواشدة (عمّان)

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».