استحضار الطريق الطويل للسرد العربي

«تاريخ العيون المطفأة» لنبيل سليمان

غلاف الرواية
غلاف الرواية
TT
20

استحضار الطريق الطويل للسرد العربي

غلاف الرواية
غلاف الرواية

أولى جيرار جينيت الحكاية اهتماماً خاصاً، حتى أنه وضع كتاباً في استعادة خطابها، والسبب بنيتها الكلية التي تقوم على خطابين، أحدهما اختياري هو نص السارد، والخطاب الآخر هو الشخصية أو الشخصيات، ومثاله الحكاية البروستية في رواية «بحثاً عن الزمن الضائع» (عودة إلى خطاب الحكاية، ص9)، مؤكداً أن التمييز النقدي، أو بالأحرى التقسيم اللساني بين الثالوث: القصة - الحكاية - السرد، مما كان الشكلانيون والبنيويون مؤمنين به، أمر عفا عليه الزمن، بعد الشمول الذي صار يحيط بمجموع الواقعة السردية الذي به زالت الحيرة، على أساس أن الأصل في الواقعة قصة وقعتْ، ثم سُردت بفعل حكاء، ثم دونت احتمالاً في نص مكتوب.
وأهمية الحكاية تكمن في أن القصة تقاطع نفسها بنفسها كي تُخلي المكان لنمط آخر من الخطاب، هو السرد، فتصبح المسافة المتجسرة بين خطاب الحكاية وخطاب السرد هي بمثابة وهم محاكاتي، وهو ما اعتمده الروائي نبيل سليمان في روايته الجديدة «تاريخ العيون المطفأة»، الصادرة بطبعتها الأولى عن دار «ميم» للنشر في الجزائر 2019، جاعلاً الحكاية فعلاً ارتجاعياً، به يعاد إنتاج فعل السرد. والشفرة هي «العمى» التي اتخذت بعداً سيكولوجياً جعل الشخصيات إمّا مبأرة أو مبئرة، والوسيلة الفنية التي يسرت هذا التشفير هي طريقة الاستدعاء لراويين: الأول حكاء، والآخر سارد.
والرواية تستحضر التاريخ الطويل للسرد العربي، الذي كان فيه الحكاء هو المهيمن، بالتخييل وبحكايات عادة ما تكون قصيرة، وفيها شخصية تتعرض لصنوف من الأحداث الفنتازية.
وبين وجود حكاء يتولى السرد قاصداً التخييل، وسارد يتوخى محاكاة الواقعة، يكون التنازع السردي قد تحقق. ومن تبعات تحققه أن كلاً منهما يريد إزاحة الآخر عن دربه، فميدان السارد الموضوعي واقع نصي يريد عرضه بمنطقية التحبيك، وبصوت أحادي غائب، والحكاء ميدانه التخييل الفنتازي الذي به يَسْرح بخياله كيفما شاء، محلقاً في أجواء من الحلم، حتى لا يكون هناك خيط فاصل بين ما هو منطقي وما هو غير معقول، منتقلاً من الحاضر إلى الماضي بلوازم مثل «ضاع نفس الأركيلة، وضاعت الجمرات، يا محترم» أو «تململت القطة في الحضن الأنيس» أو «فيلبد كالقطة في الحضن الأنيس».
وهو ما يسميه جان لينتفلت السرد اللاحق، ويسميه جينيت قصة مثلية، وما المماثلة القصصية المتأتية من وجود راويين إلا نوع من التظاهر باللازمنية بين حكاية هي سرد مثلي لأن الحكاء مشترك بقصته الخاصة، وقصة هي سرد غيري لأن السارد وإن كان داخل القصة، فإنه غير مشترك في أحداثها، كما هو الحال مع شهرزاد التي هي سارد داخل القصة، لكنها ساردة غيرية القصة لأنها لا تحكي قصتها ألبتة.
وبوجود سارد ينافسه حكاء، ينقسم المسرود له إلى قسمين: واحد خارج القصة حقيقي، والآخر داخل القصة خيالي.
ويتلاقى عمل الحكاء والسارد في صنع شخصيات قصصية محتملة تجعل الحكاية مرتبطة بالكون السردي، عبر علاقة موضوعية لكنها تفسيرية، بمعنى أنها تريد أن تعلل لمَ كانت شخصية «مولود» وحدها هي العاقة والخائنة التي قبلت بالتآمر والتجسس على الأقربين بكل تخاذل وجبن وصفاقة. وكيف أن التلاعب بالزمان استرجاعاً واستباقاً بالأحلام والتنبؤات سيُفسر لنا لمَ كانت الشخصيات كلها معرضة للعمى، باستثناء مولود الذي جعله كل من الحكاء والسارد في منأى عن العمى.
ولأنهما يدركان حرفة السرد، يزداد التنازع بينهما قوة، وكأن قدامة الحكاء وحداثة السارد لا تؤثر في جمالية السرد وهما يقصان حكاية المدن الثلاث، كمبا وقمورين وبر شمس، التي تفشا بين أهلها العشو ليلاً والعمى نهاراً، وعلامته «نقطة بيضاء تظهر في عين كل ولد وهو رضيع. النقطة تكبر حتى تصبح مثل غيمة تحجب النظر في النهار» (الرواية، ص144).
والحكاء هو الذي يبتدئ الرواية في شكل حكاية لها مقدمة يسميها كالمقدمات، وتنتهي بخاتمة يسميها كالخواتيم، وما بينهما متون فيها العهدة في السرد تلقى على الراوي «وعلى ذمة الراوي، يا سادة يا كرام». وتقسم المتون إلى عيون، وهنا يظهر السارد الموضوعي، بادئاً بالشكوى من أن الحكايات تعددت وتضاربت، لذا يحاول هو ضبط ما جرى واقعياً في المدن الثلاث.
لكن السارد يظل يتتبع خطوات الحكاء، من خلال توظيف الحكايات والرسائل، مراعياً قصر كل فصل، ومتكئاً على طريقة التتابع «أواصل ما انقطع أمس من الحكاية». وتوكيداً لرغبة السارد في مجاراة الحكاء، يجمع الماضي الشفاهي بالحاضر الكتابي، جاعلاً متلقيه مستمعاً يلبد ولا يشاكس، مختتماً بجمل سردية من قبيل: «تململت القطة في الحضن الأنيس، فتململ مولود في حضن الكنبة»، أو «القطة تفر من الحضن الأنيس مجفلة. مولود يفر من حضن الكنبة مذعوراً، ولا يزيده السرير إلا ذعراً» (الرواية، ص97).
ورغم المجاراة والمنافسة، فإن السارد يحاول أن يثبت وجوده عبر المداومة على ضمير الغائب، وبالمونولوجات التي تأتي بضمير الخطاب، مع توظيف التداعي الحر. وقد يحصل أن يباغت الحكاء السارد خلسة، فيجعله يداخل السرد بالحكي، كقوله «رأى مولود نفسه كما لو أنه أبو وعد يحكي حكاية» (الرواية، ص237).
وكذلك يدلل السارد على حضوره بالنزعة الواقعية الغرائبية التي تظل واضحة وهو يصعِّد مستوى الحبك، بادئاً بالشيخ حميد ماء العينين، وزوجته فخر النساء، منتقلاً إلى أولاده مولود فمهيمن ثم معاوية، محاولاً بالتغريب صنع الشخصيات الفنتازية (أم قنفذ والسنديانة والجنية وكبابة الشوك)، والقصد مجاراة الحكاء الذي بدا منافساً قوياً للسارد في هذا الاتجاه.
وبينما يدلل الحكاء على نفسه ببلاغة الألفاظ وفصاحة المفردات، استتباعاً للسالف من السرد العربي، فضلاً عن براعة استعمال المنامات بالعبارات «يرى فيما يرى النائم أو فيما يرى اليقظان»، أو قوله «بين ما ليس بالنوم وليس باليقظة» (الرواية، ص130).
وفي مغالبة الحكاء للسارد دلالة قوية على أن مخيال السرد العربي كان قوياً وأكثر مدى من مخيال الشعر العربي الذي تقيده موجبات الوزن والتقفية، وهو ما يغيب عن أذهاننا بسبب تركيزنا النظر على المخيال الشعري، مستنتجين عدم مجاراة المخيال العربي للمخيال اليوناني، مما كان أبو القاسم الشابي قد ذهب إليه في بحث كتبه عن الخيال عند العرب.
ويشترك الحكاء والسارد في رغبتهما في الاستباق باستعمال المفارقة الساخرة الناجمة عن إثبات الشيء ثم إتباعه بما ينفيه، رغبة في شد القارئ وتشويقه لما ستؤول إليه أحداث القصة، متعامليْن مع ثيمة العمى تعاملاً آليغورياً جديداً يغاير الدلالة السلبية المعتادة التي فيها العمى رمز للجهل والضلالة والمرض الذي يصيب الحيوات فيجعلها ضعيفة مستكينة، إلى دلالة إيجابية فيها النجاة والتحصن والبراءة التي لا يحظى بها إلا الأنقياء، كالشيخ حميد ماء العينين، وزوجته فخر النساء، وأماني ومليكة، وغيرهم. وهذا التعامل الآليغوري الجديد مع العمى يتماشى مع ما كانت العرب قديماً تستعمله استعارة، فتسمي الكفيف بصيراً. ولطالما فخر الشعراء العميان بعماهم، ومنهم بشار بن برد، وقد تغنى أبو العيناء البصري بالعمى، عاداً إياه نعمة بسببها اغتنى، بينما غيره من الشعراء افتقر. وكان الجاحظ قد أورد في كتابه «البرصان والعرجان والعميان والحولان» مواضع كثيرة تؤكد أن أشراف العرب كانوا من العميان، وأن عددهم بلغ من الكثرة ما لم يستطع معه إحصاءهم.
وإذا كان توظيف ثيمة العمى قد عرفها السرد العربي القديم، وكذلك طرقها السرد الحديث، فإن التعاطي معها في السردين، وعند الراويين، كان واحداً من ناحية الارتفاع بمنزلة العميان، وعدم انتقاص حالهم أو استضعافهم.
وفي العصر الحديث، تطور تعامل الكتاب الغربيين مع ثيمة العمى، فجوزيه ساراماغو الذي تعامل مع العمى سيكولوجياً في روايته «العمى»، وغدا الإبصار خطيئة في رواية «بلد العميان» لهربرت جورج ويلز، بينما فقدانه تكفير عنها. وهذا ما تعلمه البطل نونيز الذي اعتقد خاطئاً أنه «في بلد العميان، يكون الأعور ملكاً» (ص13)، وهو رديف للمثل العربي الشائع «الأعور في بلد العميان أمير». لكن نونيز وجد العجب، وفي مقدمة هذا العجب أن لا وجود لكلمة اسمها «أرى». والمدهش أن دليل نونيز ومعلمه كان الرجل الأعمى الذي عرفه أن «هناك الكثير ليتعلمه المرء في العالم».
أمّا ما تؤكده رواية «تاريخ العيون المطفأة»، فهو أن الحياة تعاش بالعمى حين تسير بالمقلوب، وأن العمى فيها بحسب النورولوجيا الحديثة والقديمة على درجات، فهناك الأعشى والأعمى والمبصر والبصير والرائي بقلبه والناظر بإحساسه.
وبسبب ذلك صار للعيون تاريخ يجمع الماضي والحاضر معاً. فأما الماضي، فيعرضه الحكاء الذي يراهن على التخييل، مستعملاً جملة «قال الراوي» و«قلنا، يا سادة يا كرام»، مستدعياً حكايات الجنيات. وأما الحاضر، فيقدمه السارد الموضوعي الذي يراهن على الواقع، مستدعياً مسائل العولمة، كالهجرة والنزوح بحثاً عن الحرية أو الدراسة أو المال، وقضايا المراقبة والاستجواب التي تهدد الإنسانية، وبسببها تتشظى الهويات، وتتزعزع الانتماءات، وتنهار القيم الأخلاقية.
وما تقسيم الرواية إلى فصول بثمانٍ وأربعين عيناً، ثم تكرار ذكر عام 1948، سوى إشارة آليغورية تدلل على ما ساد أمة العرب في هذا العام من ظلام كبير فتت وحدتها وضعضع أملها بالقادم. وإذا كان النور قد انطفأ في العيون، فإن القلوب الصامدة هي وحدها التي ستظل مبصرة طريقها في العتمة، مستمدة من الإسلاف قوتها.
وبذلك تكون رواية «تاريخ العيون المطفأة» رواية ما بعد حداثية، تسير في درب السرد القديم، وتستمد من السرد الحداثي توجهاته، سابرة الممكن والمستحيل، وقد تعاضد التجريب في الأشكال مع الترميز في الثيمات. وطبيعي ألا يكون للتجريب الشكلي أهمية، إن لم يسانده اشتغال موضوعي جمالي، تماماً كالنظرية التي لا قيمة لها، إذا لم تصلح لخلق الممارسة، كما يقول جينيت.


مقالات ذات صلة

المسكونون بشغف الأسئلة

كتب ديفيد دويتش

المسكونون بشغف الأسئلة

كتبتُ غير مرّة أنّني أعشق كتب السيرة الذاتية التي يكتبها شخوصٌ نعرف حجم تأثيرهم في العالم. السببُ واضحٌ وليس في إعادته ضيرٌ: السيرة الذاتية

لطفية الدليمي
كتب هانز كونغ

هانز كونغ والحوار مع الإسلام

كان العالم اللاهوتي الكاثوليكي السويسري هانز كونغ (1928-2021) متحمساً جداً للحوار مع الإسلام. والكثيرون يعدونه أكبر عالم دين مسيحي في القرن العشرين

هاشم صالح
ثقافة وفنون هاروكي موراكامي

هاروكي موراكامي شخصية العام الثقافية في «جائزة الشيخ زايد للكتاب»

أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز أبوظبي للغة العربية، عن اختيار الكاتب الياباني العالمي هاروكي موراكامي شخصية العام الثقافية.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
ثقافة وفنون «ملصقات بيروت» للروائي ماجد الخطيب... رحلة باتجاه واحد

«ملصقات بيروت» للروائي ماجد الخطيب... رحلة باتجاه واحد

حين يقرر الإنسان السفر، تراوده مشاعر القلق والترقب، لكنه يجد في التجربة مغامرةً وتجديداً

حمدي العطار (بغداد)
كتب تشارلي إنجلش

الكتب مهّدت لانتصار الغرب الحاسم في الحرب الباردة

يبدو اسم كتاب صحافي «الغارديان» البريطانية تشارلي إنجلش الأحدث «نادي الكتاب في وكالة المخابرات المركزية» أقرب لعنوان رواية جاسوسيّة منه لكتاب تاريخ

ندى حطيط

فارغاس يوسا يسدل الستار على الجيل الذهبي لكُتَّاب أميركا اللاتينية

الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا في صور خلال مقابلة بمنزله 7 أكتوبر 2009 (أ.ف.ب)
الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا في صور خلال مقابلة بمنزله 7 أكتوبر 2009 (أ.ف.ب)
TT
20

فارغاس يوسا يسدل الستار على الجيل الذهبي لكُتَّاب أميركا اللاتينية

الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا في صور خلال مقابلة بمنزله 7 أكتوبر 2009 (أ.ف.ب)
الكاتب البيروفي ماريو فارغاس يوسا في صور خلال مقابلة بمنزله 7 أكتوبر 2009 (أ.ف.ب)

«أعرف أن غيابه سيترك حزناً عميقاً بين أفراد أسرته وأصدقائه وقرائه حول العالم، لكننا نعقد الأمل أن الجميع سيجد عزاء في كونه تمتع بحياة مديدة ومثمرة، وترك لنا أعمالاً سترافقنا طويلاً من بعده».

بهذه العبارات نعى الفارو، النجل البكر لماريو فارغاس يوسا، رحيل والده وهو على أبواب التسعين، بعد أسبوعين بالتمام من احتفاله بعيد ميلاده التاسع والثمانين في منزله المطل على البحر في مدينة ليما التي لم ينقطع عنها أبداً رغم ترحاله المستمر وإقامته فترات في مدن كثيرة، كانت مدريد آخرها، حيث توطدت بيننا صداقة وكانت مدخلاً لانضمامه إلى أسرة «الشرق الأوسط» منذ نيّف وثلاث سنوات.

لا شك في أن غياب فارغاس يوسا سيُحدث فراغاً كبيراً في نفوس الذين تهافتوا على أعماله ووجدوا في أدبه رفيقاً حميماً في ساعات البهجة كما في ساعات القنوط.

يوم الأربعاء الفائت تحدثت إلى ألفارو لأبلغه أن «الشرق الأوسط» نشرت في ذلك اليوم مقالة والده عن صديقه خوسيه دونوسو، وطلبت إليه أن ينقل إلى «دون ماريو» تحيات عطرة من سمرقند التي قال لي مرة إنه يحلم بزيارتها بعد قراءة الرواية التي وضعها أمين معلوف عن هذه المدينة الساحرة. وبعد قليل، ردّ المتوج بنوبل للآداب والعضو الوحيد في الأكاديمية الفرنسية الذي لم ينشر كتاباً واحداً بلغة موليير، بقوله: «كم هو العالم بحاجة إلى مدن مثل سمرقند في أيامنا هذه!».

في تواصلي الأسبوعي مع نجله البكر، وهو أيضاً كاتب، كان يخبرني أنه منذ عودته العام الفائت إلى بيرو، بدأ فارغاس يوسا يقوم بنزهات «خفيفة» في الأماكن التي ألهمته في أعماله، وأنه في إحدى السهرات ذهب إلى مشاهدة عرض مسرحي خاص مستوحى من روايته «مَن قتل بالومينو موليرو؟». بعد ذلك زار المدرسة العسكرية التي تابع فيها مرحلة دراسته الثانوية وألهمته رائعته «المدينة والكلاب» التي ارتقى بها إلى أولمب الآداب الإسبانية مطلع ستينات القرن الفائت، ورسم فيها صورة فذة عن تعقيدات مجتمع بلاده، بيرو. كما تردد غير مرة على المقهى الذي اختمرت على مقاعده روايته «محادثة في الكاتدرائية»، وكانت نزهاته الأخيرة في أجمل أحياء ليما، «الزوايا الخمس»، المشرف على البحر.

وقد أوصى يوسا بأن يوارى الثرى في جنازة خاصة جداً، وغير رسمية، تقتصر على أفراد أسرته المقربين من جهة والده. وشاءت الصدف أن غالبية مواطنيه لم يعرفوا بنبأ وفاته من نشرات الأخبار، بل من متابعتهم إحدى المباريات المهمة بكرة القدم على ألسنة المعلقين الرياضيين، كما لو أنه هو الذي كتب هذا المقطع الأخير من حياته، وهو الذي كان شغوفاً بالفريق الذي خسر تلك المباراة، والذي كان عضواً فخرياً فيه لا يفوّت مباراة له كلما كان في ليما.

كان مزيجاً من فيكتور هوغو وغوستاف فلوبير، الذي قيل إن أحداً لم يكتب عنه بمثل العمق والتألق الذي فعله فارغاس يوسا عن صاحب «مدام بوفاري». وبرحيله ينسدل الستار على الجيل الذهبي من كتَّاب أميركا اللاتينية الذين رصّعوا الأدب العالمي بأجمل الدرر، مثل غارسيا ماركيز وكارلوس فونتيس وخوليو كورتازار.

«الشرق الأوسط»، بالاتفاق من نجله ووكيلته الأدبية، ستواصل نشر مقالات له سابقة مرتين في الشهر، وهي تتقدم إلى أسرته بخالص العزاء.