الرياض تعيش ليلة حالمة باكتساح جماهيري و«ترند» عالمي بمنصات التواصل

تزامناً مع انطلاق فعاليات «موسم الرياض» بحفل فرقة البوب الكورية الجنوبية «BTS»

جانب من حفل بحفل فرقة البوب الكورية الجنوبية «BTS»
جانب من حفل بحفل فرقة البوب الكورية الجنوبية «BTS»
TT

الرياض تعيش ليلة حالمة باكتساح جماهيري و«ترند» عالمي بمنصات التواصل

جانب من حفل بحفل فرقة البوب الكورية الجنوبية «BTS»
جانب من حفل بحفل فرقة البوب الكورية الجنوبية «BTS»

انطلقت فعاليات «موسم الرياض» الاستثنائي بالعاصمة السعودية، أمس، بحضور جماهيري كبير، وتفاعل بأكثر من وسم تصدرت الوسوم الأكثر تداولاً على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، وحظي «سناب شات» كذلك بنصيب الأسد بمشاركات مختلفة ومتنوعة وبعدد كبير عبر الخريطة التفاعلية.
وعاشت الرياض ليلة حالمة، ووصل صدى فعاليات أولى لياليها إلى العالم أجمع، بحفل ضخم أحيته فرقة البوب الكورية الجنوبية «BTS»، حضره أكثر من 60 ألف متفرج في استاد الملك فهد الدولي (الدرة)، فيما تفاعل المغردون عبر وسم «BTSinSaudiArabi»، ليتصدر «الترند العالمي» على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) بأكثر من 500 ألف تغريدة في ساعات إطلاقه الأولى.
وتداول المغردون عبر الوسم، أبرز الفيديوهات التي قدَمها أعضاء الفرقة الموسيقية، في عرض عالمي أسطوري اكتسى فيه «موسم الرياض» جمالاً في يومه الأول، وكان لتفاعل الفرقة الموسيقية مع الحشد الجماهيري الكبير والتعبير عن سعادتهم بكلمات عربية، النصيب الأكبر من الفيديوهات الأكثر تداولا قائلين: «نحب الرياض، نحبكم، أفضل، غنوا معنا».
وشهدت «الدرة»، منذ ظهر أمس، ازدحاماً كبيراً من الجماهير الغفيرة قبل نحو 8 ساعات من إسدال الستار عن الفعالية الموسيقية، وجرت عمليات الدخول بطريقة سلسة ومنظمة.
وبأكثر من 70 ألف زائر، فُتحت أبواب فعالية «معرض الصقور» وكانوا داخل المعرض وخارجه وحضروا باكراً، وكذلك بمبيعات تجاوزت المليوني ريـال في لحظة تدشينه، وجاءت المبيعات في اليوم الأول للمعرض من خلال البيع المباشر في قسم عارضي الصقور، بالإضافة لقسم مزاد الصقور، الذي عرض 12 صقراً من أنواع مختلفة.
واكتظَّت الأجنحة والأقسام المشاركة في المعرض بالحضور منذ الساعات الأولى لانطلاقه، بينما كان الحضور خارج المعرض قبل افتتاحه في الساعة الـ12 ظهراً بساعات، كما أُغلقت البوابات الخاصة، بسبب توافد أكثر من هذا العدد خارج مقرّ المعرض.
وتصدرت حصيلة اليوم الأول لـ«موسم الرياض» الأوسمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المرتقب أن يستقطب «موسم الرياض» أكثر من 5 ملايين زائر، يُتوقع أن يكون بينهم 100 ألف سائح أجنبي من خلال مجموعة من الفعاليات المتنوعة، الترفيهية والرياضية والفنية، إضافة إلى العروض الحصرية والعروض المسرحية، وعروض الأزياء والسيرك والخدع البصرية والألعاب، كما يشهد الموسم مشاركة 37 مطعماً عالمياً وأكبر مدينة ألعاب متنقلة.
ويتزامن «موسم الرياض» مع إطلاق السعودية التأشيرة السياحية، 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، التي تتيح للسياح من أنحاء العالم زيارة المملكة، والاستمتاع بالفعاليات السياحية.
ويُعدّ «موسم الرياض» أحد مهرجانات مواسم السعودية الـ11 التي أُطلقت على مستوى المملكة منذ بداية عام 2019. بهدف تحويل السعودية إلى إحدى أهم الوجهات السياحية والترفيهية في العالم، وتعزيز مكانتها على خريطة السياحة والترفيه العالمية، وتعزيز دور الترفيه ضمن منظومة اقتصادية داعمة لـ«رؤية 2030».
ويمثل «موسم الرياض» أضخم المواسم الترفيهية في السعودية، ويسعى القائمون على المشروع إلى تحويل العاصمة السعودية لوجهة سياحية عالمية تستقطب نحو 20 مليون زائر من أرجاء العالم، من ضمنها الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، خصوصاً أنّ الفعاليات صُممت لتناسب جميع شرائح المجتمع من الفئات العمرية كافة.
واستقدمت الهيئة العامة للترفيه بعض المعدات الضخمة لإقامة الفعاليات الترفيهية عن طريق البحر، بينما نُقِلت معدات أخرى عن طريق الطائرات.
وتمتد فعاليات المهرجان إلى سبعين يوماً بدءاً من اليوم، وتتوزع الفعاليات التي تزيد على 100 فعالية على مساحة 14 مليون متر مربع في 12 منطقة موزعة على مختلف أنحاء العاصمة، وهي الرياض وبوليفار، وواجهة الرياض، ومعرض الرياض للسيارات، ورياض ونتر وندر لاند، وملاعب الرياض، والحي الدبلوماسي، والمربع، والملز، ووادي نمار، ونبض الرياض، ورياض سفاري، ورياض صحارى.
وتتنوع الفعاليات بين العروض الحماسية، والحياة البرية، والمطاعم والمقاهي، والماركات العالمية، إضافة إلى عروض السيارات، والمزادات والألعاب، والحفلات الشرقية والأجنبية، والتراث والفن، ومن هذه الفعاليات معرض صيد الصقور السعودي الذي ينطلق اليوم، ومهرجان فيراري، وكرنفال الرعب، وبارك التزلج، والحديقة الساحرة، وفوت بارك، وليالي عدن، وليالي المحروسة، وفرقة «بي تي إس» الكورية، وتجربة نرف، وتجربة مارفل، والنافورة الراقصة.
كما يضم الموسم أنشطة وفعاليات متنوعة، مثل: الفعاليات الغنائية، والرياضية، والترفيهية، إضافة إلى وجود أشهر المطاعم والطهاة في العالم، بوجود 31 مطعماً.
يذكر أنّ السعودية سجّلت، خلال أقل من 10 أيام من إعلان فتح باب إصدار التأشيرات السياحية الإلكترونية، إصدار 23 ألف تأشيرة لسياح من 10 دول، وفقاً لبيانات إحصائية أعلنتها وزارة الخارجية السعودية عن إصدارات التأشيرات. وسجّل السياح من الصين أكبر نسبة قدوم للسعودية، بأكثر من 7 آلاف تأشيرة، يليهم السياح من حَمَلة الجنسية البريطانية بأكثر من 6 آلاف تأشيرة، وسجل سياح الولايات المتحدة وكندا أكثر من 3 آلاف تأشيرة، وأكثر من 1100 تأشيرة للماليزيين. وسجلت الخارجية السعودية إصدار تأشيرات سياحية لسياح من فرنسا وروسيا وألمانيا وأستراليا، وكذلك كازاخستان. وتعد الدول التي أصدرت تأشيرات لمواطنيها من الدول الـ49 التي أعلنت السعودية فتح أبوابها لهم للتأشيرة الإلكترونية السريعة التي تتيح سرعة إنجاز إجراءاتهم لزيارة البلاد.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».