موسكو تدعو إلى تكريس نقاط التفتيش التركية في إدلب لـ«مرور اللاجئين»

كشفت عن إنشاء «مخابئ» لطائراتها بقاعدة «حميميم»

قاعدة حميميم الجوية القريبة من اللاذقية (وزارة الدفاع الروسية)
قاعدة حميميم الجوية القريبة من اللاذقية (وزارة الدفاع الروسية)
TT

موسكو تدعو إلى تكريس نقاط التفتيش التركية في إدلب لـ«مرور اللاجئين»

قاعدة حميميم الجوية القريبة من اللاذقية (وزارة الدفاع الروسية)
قاعدة حميميم الجوية القريبة من اللاذقية (وزارة الدفاع الروسية)

حملت الدعوة التي أطلقها «المركز الروسي للمصالحات في سوريا» إلى تنشيط عمل نقاط التفتيش التي أقامتها تركيا بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، ضمن جهود إعادة اللاجئين، أول إشارة علنية إلى إقرار موسكو بالإبقاء على هذه النقاط والسعي إلى توسيع نشاطها بالتعاون مع أنقرة.
وأعرب، أمس، رافيل موغينوف رئيس المركز التابع لقاعدة «حميميم» الروسية، عن أمل في أن «تسفر الجهود المشتركة مع الجيش التركي عن إسهام نقاط التفتيش التركية في تأمين عودة اللاجئين بمنطقة وقف التصعيد في إدلب».
وأبلغ المسؤول العسكري الروسي الصحافيين بأن موسكو تعول على العمل المشترك مع تركيا في هذا الإطار، وأوضح: «يعلم الجميع أن المسلحين في منطقة وقف التصعيد بإدلب يعوقون مرور اللاجئين. نناشد الجانب التركي مساعدتنا، لأن لديه مراكز مراقبة في هذه المنطقة، ونأمل أن نتمكن معاً من جعل نقاط التفتيش هذه تسهم في تنشيط عمليات عودة اللاجئين عبر معبري صوران وأبو الضهور».
وأشار إلى أنه بعد تحرير خان شيخون في الجزء الجنوبي من محافظة إدلب، بدأت نقطة تفتيش صوران في محافظة حماه المجاورة بالعمل في اتجاهي الشمال والجنوب.
وأضاف أن الفترة الأخيرة شهدت تنشيطاً لـ«عودة مدنيين إلى المدن والقرى التي حررها الجيش السوري، وعاد نحو 10 آلاف شخص إلى الأراضي المحررة خلال الشهر الماضي».
وكانت موسكو ودمشق أعلنتا عن إعادة افتتاح معبر أبو الضهور في منطقة وقف التصعيد بإدلب في 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، وأعلن الطرفان قبل ذلك عن افتتاح «ممر إنساني» في قرية صوران، لكن هذه المرة الأولى التي تشير فيها موسكو إلى دور محتمل لنقاط التفتيش التركية في المنطقة لتنشيط هذا التوجه، خصوصاً أن الدعوة تعكس تأكيداً روسياً على بقاء نقاط التفتيش التركية وموافقة من جانب موسكو على الجهود التي تقوم بها أنقرة حالياً لتعزيزها بقوات إضافية.
ولم توضح المصادر الروسية موقف دمشق من هذه الدعوة، علماً بأن السلطات السورية كانت شددت على ضرورة انسحاب الوحدات التركية من المنطقة، وتصف دمشق الوجود التركي فيها بأنه «احتلال».
لكن مصدراً روسياً أبلغ «الشرق الأوسط»، أمس، أن موسكو تسعى إلى توسيع مساحة التفاهمات مع تركيا بهدف ضمان تحقيق تقدم على الأرض، وزاد أن الحوارات الروسية - التركية «لم تسفر حتى الآن عن تفاهمات كاملة»، لكنه شدد على قيام موسكو بجهود لاستكمال بلورة رؤية متكاملة مشتركة مع الجانب التركي.
ولا تستبعد أوساط روسية أن تكون الدعوة إلى تنشيط عمل مراكز المراقبة التركية الـ12 جزءاً من التوجه نحو وضع صياغة مشتركة مع تركيا، لترتيبات الوضع في إدلب خلال المرحلة المقبلة.
على صعيد آخر، كشفت مصادر عسكرية روسية عن قيام موسكو بإنشاءات جديدة في قاعدة «حميميم» الجوية الروسية قرب اللاذقية، بهدف توفير مخابئ ومدارج غير مكشوفة للطائرات الروسية المرابطة في القاعدة.
ونقلت قناة «زغيزدا» التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع الروسية مقاطع فيديو تظهر جانباً من الإنشاءات الجديدة، وقالت إن المقاتلات الروسية الحديثة وقاذفات «سوخوي34» لن تبقى بعد هذه التطورات مكشوفة في العراء تحت الشمس الحارقة لتصورها الأقمار الاصطناعية وغيرها من الوسائل الجوية والفضائية.
وقال نائب قائد فوج الطائرات المقدم، قسطنطين دولغوف، للقناة التلفزيونية إن الترتيبات الجارية تهدف إلى «تعزيز قدرات القوات الجوية الروسية في سوريا، ومن بينها أن إطلاق عمل مرأب الطائرات المغلق يسهل تزويدها بشكل منتظم بالوقود وغيره من المحروقات، الأمر الذي يقلص الوقت اللازم لإعداد الطائرة للقيام بطلعة جوية جديدة».
وأضاف أن ظروف عمل المهندسين والفنيين تحسنت في ظل وجود مخابئ للطائرات ومنشآت مغلقة؛ إذ إنهم «اقتربوا من طائراتهم، ويمكن أن يعملوا الآن في الظل وليس تحت الشمس الحارقة. وقد تم تزويد مرأب الطائرات بمكيفات الهواء».
وأشار المقدم دولغوف إلى أن عدد «مخابئ الطائرات» في «حميميم» بلغ 18 مخبأ، وأنه تمت تقوية سقف المرأب بهيكل معدني يمكن أن يحمي الطائرات من «درونات انتحارية» في حال نجحت الطائرات المسيّرة التي تطلقها المعارضة في التسلل إلى أجواء القاعدة العسكرية.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن مسؤول في وزارة الدفاع، لم تذكر اسمه، قوله، أمس الخميس، إن بلاده تعيد بناء مدرج هبوط ثانٍ لتمكين قاعدة «حميميم» الجوية التابعة لها في سوريا، من خدمة مزيد من الطائرات.
وأشار المسؤول إلى أن 30 مقاتلة وطائرة هليكوبتر موجودة حالياً في تلك القاعدة الجوية.
وكانت موسكو أعلنت قبل أسابيع أنها تجري أعمالاً واسعة لتعزيز قدراتها العسكرية في سوريا، ويعكس الكشف عن إنشاء مخابئ الطائرات جزءاً من الترتيبات الروسية الموجهة لتقليص خطر الهجمات باستخدام الطائرات المسيّرة، التي شهدت تكثيفاً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، كما أنها تهدف إلى تقليص مجالات التجسس والمراقبة من خلال منع الأقمار الاصطناعية الغربية من تصوير ورصد التحركات الجارية داخل القاعدة الروسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».