أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أنّ الولايات المتحدة ستسعى خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على مساندة دولية في وجه إيران التي تتهمها باستهداف منشأتين نفطيتين في السعودية. وفيما قلل نظيره البريطاني دومينيك راب من إعلان ميليشيات الحوثي مسؤوليتها عن استهداف منشآت «أرامكو»، مشيراً إلى دعم بلاده حق السعودية في الدفاع عن نفسها، أكد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، أنه «لا أحد يريد الحرب، الجميع يريدون حلاً سلمياً، ويتعين أن يكون الهدف هو القضاء على سياسات إيران العدوانية». وبالتزامن، أغلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، باب التكهنات حول احتمالات لقاء مع قادة إيران، نافياً وجود أي خطط لديه للقاء نظيره الإيراني حسن روحاني، أو مسؤولين آخرين، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.
وقال بومبيو، عبر قناة «إيه بي سي» إنّ «الرئيس (دونالد) ترمب، وأنا شخصياً، نريد أن نمنح الدبلوماسية كل فرص النجاح»، وأضاف: «أنا في نيويورك، سأكون في الأمم المتحدة طوال الأسبوع للحديث عن ذلك»، وتابع: «نأمل أن تتبنى الأمم المتحدة موقفاً حازماً».
وأشار إلى أنّ الأمم المتحدة «أنشئت تماماً لهذا النوع من الأمور (حين تهاجم دولة أخرى)، ونأمل أن تتحرك على هذا الصعيد»، وأكد مجدداً أنّ ما تعرضت له منشآت «أرامكو» السعودية الأسبوع الماضي كان «هجوماً إيرانياً نُفذ بصواريخ كروز».
وقبل ذلك بساعات، قال بومبيو، في تصريحات لبرنامج «واجه الأمة» على شبكة «سي بي إس إن»، إن الهجمات على منشآت أرامكو «عمل حربي ضد دولة»، مؤكداً أنه «لم يكن من الممكن أن تنطلق من جماعة الحوثيين في اليمن، ومن الجنون أن يؤكد أي شخص أنهم قاموا بذلك». واتهم إيران بالكذب، مشيراً في حديثه إلى نفي نظيره الإيراني جواد ظريف مسؤولية طهران عن الهجمات التي استهدفت السعودية الأسبوع الماضي، وقال: «إنه يكذب، ولدينا أدلة كثيرة بالفعل»، وأضاف: «لا أعرف لماذا يستمع أي شخص لوزير الخارجية الإيراني». وشدد مرة أخرى على سعي ترمب لتجنب الحرب مع إيران، وتعهد بالعمل على تنفيذ رغبة ترمب، قائلاً: «هذه هي المهمة التي أمامنا، مهمتنا هي تجنب الحرب، ونحن نضع قوات إضافية في المنطقة لأغراض الردع والدفاع، ويكفي أن نقول إننا قلقون من أن إيران تستمر في التصرف على هذا النحو منذ 40 عاماً، والعالم كله يدرك أن إيران هي الفاعل السيئ والقوة الشريرة في المنطقة».
وقال بومبيو لاحقاً لبرنامج «فوكس نيوز صنداي» إنه على ثقة من أن ترمب سيتخذ إجراء إذا لم تنجح إجراءات الردع هذه، وإن القيادة الإيرانية تدرك ذلك جيداً. وأضاف أن واشنطن تتخذ إجراءات لردع طهران، لكنه أضاف أن ترمب سيتخذ الإجراءات اللازمة في المنطقة إذا لم تغير طهران سلوكها، وتابع: «إذا استمر عدم نجاح (إجراءات) الردع، فإني على ثقة أيضاً من أن الرئيس ترمب سيتخذ ما يلزم من إجراءات».
وحملت الولايات المتحدة والسعودية إيران مسؤولية هذا الهجوم، ونفت إيران تورطها في الهجوم على منشآت «أرامكو»، في حين أعلنت ميليشيا الحوثي الموالية لإيران مسؤوليتها عنه. وقالت طهران إن الاتهامات تأتي في إطار حملة «الضغوط القصوى» التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على طهران، بعدما انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، عقب أن رفضت إيران التفاوض على برنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية ودورها الإقليمي المزعزع للاستقرار.
وفرضت الولايات المتحدة مزيداً من العقوبات على إيران، شملت البنك المركزي الإيراني، في حين أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إرسال مزيد من القوات لتعزيز دفاعات السعودية الجوية والصاروخية في أعقاب الهجوم الذي كان الأكبر على منشآت نفطية بالمملكة.
وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، لشبكة «سي إن إن»، إن الهجوم على منشأتي السعودية هو هجوم على النظام الاقتصادي العالمي. وعبر منوتشين عن أمله في أن يلتزم أي بلد يرتبط تعامله بنظام الدولار الأميركي بالعقوبات على إيران.
ترمب لن يلتقي الإيرانيين
وتخطط إدارة ترمب لعقد مشاورات مع عدد من الدول، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول خيارات التعامل مع إيران، والهجوم على منشآت النفط السعودية. وبدوره، يعقد بومبيو اجتماعات مع دول مجلس التعاون الخليجي والأردن، لمناقشة مواجهة إيران، والمضي قدماً في تشكيل تحالف إقليمي لمواجهة تهديدات إيران، والتهديدات الأخرى في المنطقة.
وأشارت مصادر أميركية إلى أن واشنطن ستضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لتبني موقفاً موحداً بشأن إيران، كما أنها ستجدد دعوتها الدول للانضمام لتحالف أمني بحري لحراسة الملاحة وإمدادات الطاقة في الخليج العربي.
وقال ترمب، أمس، لدى التوجه إلى تكساس، حول إمكانية حدوث أي اختراق في علاقات واشنطن وطهران: «لا شيء مطروح على الإطلاق، وليس لديّ أي نية للقاء مع إيران».
السعودية تقدم أدلة على تورط إيران
وتعتزم السعودية تقديم أدلة في اجتماع عالمي في نيويورك هذا الأسبوع، لاتخاذ إجراء منسق لمعاقبة عدوها اللدود إيران وردعها. وتريد الرياض أن يتخذ المجتمع الدولي مزيداً من الإجراءات العقابية.
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، في تصريحات لشبكة «سي إن إن» الأميركية، مساء السبت، إنه إذا كشفت التحقيقات أن الهجوم على منشآتي النفط في «أرامكو» قد انطلق من الأراضي الإيرانية، فسوف تعد السعودية ذلك عملاً حربياً، مضيفاً: «إننا نحمل إيران المسؤولية، لأن التقارير تشير إلى أنها صنعت وسلمت الصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت السعودية. وإذا ثبت أن الهجوم انطلق من أراضيهم، فهذا ينقلنا إلى وضع مختلف، وسيعد ذلك عملاً حربياً».
وأكد الجبير سعي الرياض إلى حل سلمي للتوترات الحالية، وقال: «لا أحد يريد الحرب، الجميع يريدون حلاً سلمياً، ويتعين أن يكون الهدف هو القضاء على سياسات إيران العدوانية»، ونوه بأن «الحرب هي الملاذ الأخير، والإيرانيون هم المتهورون في الانخراط في مثل هذا السلوك».
أما عن إنكار إيران مسؤوليتها عن الهجوم، الذي ورد على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، فقال الجبير: «لقد قال، هو (ظريف) ومسؤولون آخرون، كثيراً من الأشياء غير الصحيحة التي تعد أكاذيب صريحة. إما أن ظريف لا يقول الحقيقة، أو لا يعلم ما الذي تفعله حكومته».
لندن تدرس هجمات «أرامكو» بعناية
وبدوره، شكك وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، مرة أخرى، في الرواية التي يتبناها كل من الحوثيين وإيران حول هجمات «أرامكو».
وقال راب، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس، إن السعودية لديها الحق في الدفاع عن نفسها، وأضاف: «حسب معلومات حصلت عليها، من غير المعقول تصديق أن يكون المسلحون الحوثيون في اليمن هم من يقفون وراء الهجمات»، وتابع: «ندرس بعناية معلومات بشأن هجمات السعودية قبل تحميل أحد المسؤولية».
وكانت الميليشيات الحوثية قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات، إلا أن الوزير البريطاني قال إن هذه الرواية تفتقر للمصداقية، لكنه رفض في الوقت نفسه توجيه اتهام لأي جهة أخرى محددة، أو تسمية متورط بعينه. وأوضح أن هذا أمر «يجب التحقق الكامل منه، لأن ما سيترتب عليه سيكون إجراءً قوياً قدر الإمكان، وسيحظى بدعم واسع».
وسيكون تقديم دليل دامغ على المسؤولية عن الهجوم الأخير بطائرات مسيرة حاسماً في التغلب على تحفظات القوى الأوروبية، وغيرها من القوى التي كانت مترددة إلى حد كبير في الانضمام إلى تحالف للأمن البحري، بقيادة الولايات المتحدة، بعد اتهام إيران أيضاً بشن هجمات على ناقلات نفط في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) في مياه الخليج.
وتدعو فرنسا إلى خفض التصعيد، كما تحاول إنقاذ الاتفاق النووي، في حين تخفض إيران التزاماتها. وحذرت الصين وروسيا، اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، من توجيه اتهام دون تقديم دليل.
ونقلت رويترز عن دبلوماسي غربي أن هجوم 14 سبتمبر (أيلول) «يشكل تصعيداً كبيراً، فهناك مشكلة واضحة. لكن المعضلة الحقيقية في كيفية الرد دون مزيد من التصعيد... لم يتضح بعد ما الذي تريد الولايات المتحدة فعله».