حوادث رحيل علماء ذرة مصريين... تاريخ من الموت الغامض

أبرزهم سميرة موسى والمشدّ ونجيب

TT

حوادث رحيل علماء ذرة مصريين... تاريخ من الموت الغامض

على الرغم من استمرار التحقيقات بشأن التوصل لأسباب وفاة العالم المصري، أبو بكر عبد المنعم رمضان، الأستاذ المتفرغ بقسم المواقع والبيئة، بشعبة الرقابة الإشعاعية، التابعة لهيئة الطاقة الذرية، في المغرب؛ فقد عادت إلى أذهان المصريين وقائع موت غامضة طالت بعض مواطنيهم من العلماء المتخصصين في مجال الذرة والطاقة النووية.
ويبرز اسم العالمة المصرية سميرة موسى (1917 - 1952) من بين ضحايا الغموض المتعلق بالرحيل؛ خصوصاً مع وفاتها المبكرة، وما اشتهر في الأوساط العلمية عن نبوغها في مجالها.
ووفق ما جاء في سيرتها الذاتية المنشورة على موقع «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر (مؤسسة تابعة لرئاسة الدولة) فإن موسى التحقت بالجامعة، وتخرجت في كلية العلوم سنة 1939 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وحصلت على شهادة الماجستير من القاهرة بامتياز، ثم سافرت إلى إنجلترا، وحصلت على درجة على الدكتوراه في أقل من عامين، وكانت أول امرأة عربية تنال الدرجة.
وفي عام 1951 حصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة في الولايات المتحدة بجامعة كاليفورنيا، و«أظهرت نبوغاً منقطع النظير في أبحاثها العلمية، وسمح لها بزيارة معامل الذرة السرية في الولايات المتحدة، وتلقت عدداً من العروض لتستمر في أميركا، وتحصل على الجنسية الأميركية، لكنها رفضت وفضلت العودة».
وتصف «الاستعلامات» وفاة سميرة موسى بأنها كانت «في حادث سيارة غامض في الولايات المتحدة عام 1952 قبل عودتها بأيام (إلى مصر) استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس (آب)، وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة، لتصطدم بسيارتها بقوة، وتلقي بها في وادٍ عميق، وقفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد، وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسماً مستعاراً».
وفي حقبة الستينات، أحاط الغموض برحيل عالم مصري آخر، هو سمير نجيب، الذي ينظر إليه باعتباره من «طليعة الجيل الشاب من علماء الذرة العرب، إذ تخرج من كلية العلوم بجامعة القاهرة في سن مبكرة، وتابع أبحاثه العلمية في الذرة».
وبحسب سيرة نجيب الذاتية، والمصنف بين الشخصيات التي تصفها «الاستعلامات المصرية» بـ«الخالدة» فإنه «تم ترشيحه إلى الولايات المتحدة الأميركية في بعثة، وعمل تحت إشراف أساتذة الطبيعة النووية والفيزياء، وسنه لم تتجاوز الثالثة والثلاثين».
ونوّهت بأن «أبحاثه الدراسية حازت إعجاب كثير من الأميركيين، وأثارت قلق الصهاينة والمجموعات الموالية للصهيونية في أميركا، وكالعادة بدأت تنهال عليه العروض المادية لتطوير أبحاثه، وبعد حرب يونيو (حزيران) 1967 شعر أن بلده ووطنه في حاجه إليه، وصمم على الرحيل إلى مصر في أغسطس من العام نفسه، وحجز بالفعل رحلة الطائرة، لكنه توفي في حادث غامض آخر قبل موعد عودته».
أما العالم المصري الثالث البارز الذي أحيطت وفاته بغموض مماثل، فهو يحيى المشد (1932 - 1980)، والذي تخرج من قسم الكهرباء في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية سنة 1952. ونال درجة الدكتوراه في «هندسة المفاعلات النووية من الاتحاد السوفياتي».
وفي عام 1975 انتقل المشد للعمل في العراق، ووفق سيرته الذاتية المنشورة عبر موقع «الاستعلامات المصرية» فإنه «رفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية، حيث اعتبرها مخالفة للمواصفات، وأصرّت بعدها فرنسا على حضوره شخصياً إلى فرنسا لتنسيق تسلم اليورانيوم، واغتيل في عام 1980 بفندق الميريديان بباريس، وذلك بتهشيم جمجمته، وقيدت السلطات الفرنسية القضية ضد مجهول».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.