فائض بالمليارات في ميزانية ألمانيا رغم الانكماش الاقتصادي

TT

فائض بالمليارات في ميزانية ألمانيا رغم الانكماش الاقتصادي

رغم الانكماش الاقتصادي، حققت ألمانيا فائضا في ميزانيتها خلال النصف الأول من هذا العام يقدر بالمليارات. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي، في مقره بمدينة فيسبادن، غرب البلاد، أمس الثلاثاء، أن ميزانيات الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات والتأمينات الاجتماعية حققت فائضا بلغ إجمالي قيمته نحو 45.3 مليار يورو.
وبسبب النزاعات التجارية الدولية والغموض الذي يكتنف عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وخفوت النشاط الاقتصادي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 0.1 في المائة، مقارنة بالربع الأول، الذي حقق فيه أقوى اقتصاد في أوروبا نموا بلغ 0.4 في المائة. مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ومقارنة بالربع الأخير من العام 2018.
ويمثل فائض الموازنة، الذي حققته ألمانيا في النصف الأول من العام الجاري، بفضل إيرادات الضرائب وتدفق اشتراكات التأمينات الاجتماعية، 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وكان محللو وكالة بلومبرغ للأنباء يتوقعون تراجع معدل نمو الاقتصاد الألماني خلال الربع الثاني من العام الماضي إلى 0.3 في المائة سنويا.
وأشارت بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي إلى زيادة الإنفاق الحكومي خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 0.5 في المائة مقارنة بالربع الأول، في حين زاد الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 0.1 في المائة خلال الربع الثاني. وتراجع الإنفاق الاستثماري خلال الربع الثاني بنسبة 0.1 في المائة مقارنة بالربع الأول من العام الحالي.
وبحسب البيانات، ارتفعت إيرادات الضرائب على نحو معتدل بنسبة 2.8 في المائة، كما أدى التطور الإيجابي في سوق العمل إلى زيادة اشتراكات التأمينات الاجتماعية بنسبة 4.‏4 في المائة. وبوجه عام، سجلت ألمانيا فائضا في الموازنة على كافة المستويات الرسمية. وحققت الحكومة الاتحادية أعلى فائض بقيمة 17.7 مليار يورو.
وتبعد ألمانيا بذلك على نحو كبير عن الحد الأقصى لعجز الموازنة المنصوص عليه في معاهدة الاتحاد الأوروبي، والتي لا تجيز زيادة عجز الموازنة في دول الاتحاد عن 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة. وكان آخر عجز في الموازنة سجلته ألمانيا العام 2013 وكان العجز ضئيلا ولم يتجاوز الحد المنصوص عليه في المعاهدة.
ومن المتوقع مستقبلا ضعف إيرادات الدولة بسبب خفوت النشاط الاقتصادي، حيث يتشكك المحللون في حدوث التعافي المأمول للاقتصاد في الربع الثالث من هذا العام.
ويتحدث خبراء الاقتصاد عن «ركود تقني» حال انخفض الناتج المحلي الإجمالي لربعين سنويين على التوالي، إلا أن الأمر في هذه الحالة يتعلق بركود خفيف للغاية. وقد يبدو الوضع مختلفا تماما إذا انكمش الناتج المحلي الإجمالي خلال عام واحد مقارنة بالعام السابق له، وهو ما لا يتوقعه خبراء الاقتصاد حاليا. وكان آخر انكماش اقتصادي على مدار عام سجلته ألمانيا في العام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
وتوقعت الحكومة الألمانية مؤخرا أن تحقق البلاد نموا اقتصاديا على مدار العام 2019 بنسبة 0.5 في المائة. وبلغ النمو الاقتصادي لألمانيا العام الماضي 1.5 في المائة.
وعزا مكتب الإحصاء الاتحادي انكماش الاقتصاد في الربع الثاني من هذا العام إلى التجارة الخارجية، حيث تراجعت الصادرات الألمانية من البضائع والخدمات على نحو أكبر من الواردات مقارنة بالربع الأول من هذا العام.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.