إسرائيل تتهم «الجهاد الإسلامي» بالتخريب على تفاهماتها مع «حماس»

تهديدات في اليمين باستئناف سياسة الاغتيالات ضد قادة فلسطينيين

امرأة ترفع العلم الفلسطيني خلال مواجهات مع جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (رويترز)
امرأة ترفع العلم الفلسطيني خلال مواجهات مع جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تتهم «الجهاد الإسلامي» بالتخريب على تفاهماتها مع «حماس»

امرأة ترفع العلم الفلسطيني خلال مواجهات مع جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (رويترز)
امرأة ترفع العلم الفلسطيني خلال مواجهات مع جنود الاحتلال على حدود قطاع غزة مع إسرائيل أمس (رويترز)

في الوقت الذي سمحت فيه إسرائيل بإدخال الأموال القطرية إلى قطاع غزة، وسط حديث عن أنها وافقت على أن يُدفع قسم من هذه الأموال مباشرة لتسديد رواتب موظفي حركة «حماس»، خرج الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ببيان يهاجم فيه حركة «الجهاد الإسلامي» ويتهمها بالتخريب على تفاهمات التهدئة بين إسرائيل و«حماس»، ويهددها بعقوبات.
وجاء هذا البيان في محاولة لصد الانتقادات الواسعة في إسرائيل على التفاهمات مع «حماس»، «التي لا توقف قصف الصواريخ من قطاع غزة»، بحسب ما يقول منتقدون. وتطالب قوى اليمين المتطرف علناً بشن حرب تؤدي إلى إسقاط حكم «حماس».
وكانت إسرائيل قد تعرضت لقذائف صاروخية عدة كل يوم، منذ الجمعة الماضي، وردَّت عليها بقصف شديد في مواقع بالقطاع، لكنها واصلت في الوقت نفسه تطبيق التفاهمات مع «حماس» لتخفيف الحصار، فخرج زعماء اليمين المتطرف بانتقادات لاذعة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بلغت حد وصفه بـ«الجبن» و«الضعف»، واتهامه بالسكوت عن القصف بالصواريخ لأغراض انتخابية.
وردّ وزير الطاقة العضو في «الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن في الحكومة الإسرائيلية)، يوفال شتاينتس، على هذه الانتقادات قائلاً إن «طريقة تعامل نتنياهو مع ما يحدث على حدود قطاع غزة حازمة ومتعقلة ومدروسة». وأضاف أن «رد إسرائيل على الأحداث في الجنوب كان صارماً». وأكد أن «إسرائيل تتخذ الاستعدادات لاحتمال القيام بعملية عسكرية موسعة في القطاع في حال لم يكن هناك أي خيار آخر».
لكن الانتقادات لنتنياهو تواصلت بحدة. ورأى وزير المواصلات والعضو في «الكابنيت»، بتصلئيل سموتريتش، أن «مسايرة حماس» لا تجدي إسرائيل نفعاً، وأنه لم يعد هناك حل ملائم لمواجهة الصواريخ سوى إعادة احتلال قطاع غزة، وإسقاط حكم «حماس». ودعا سموتريتش وغيره من قادة اليمين الحاكم إلى استئناف عمليات الاغتيال بحق قادة فلسطينيين في غزة والخارج.
وكان لافتاً أن وزراء من محيط نتنياهو سربوا أنباء تقول إن «حماس» ليست مسؤولة عن إطلاق الصواريخ، وإنها بعثت برسالة إلى إسرائيل عبر قطر ومصر تؤكد فيها أن «الجهاد الإسلامي» هو الذي يطلق الصواريخ، لأنه غير راضٍ عن التفاهمات مع «حماس»، ويريد إشعال المنطقة عشية الانتخابات الإسرائيلية، لخدمة الأهداف الإيرانية.
وانسجاماً مع هذا التقدير، نشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، بياناً يهاجم فيه حركة «الجهاد الإسلامي» ويهددها، ويطالب حركة «حماس» بمحاسبتها. وجاء في البيان: «في ذروة مسار تُنفذ في إطاره إجراءات مدنية من شأنها إجراء تحسينات ملموسة في نواحي الحياة المدنية لسكان القطاع على المدى القريب والبعيد، مثل تحسُّن حالة الكهرباء والصيد والتصدير والاستيراد في القطاع قبل هذه الخطوات وبعدها، تعمل حركة (الجهاد الإسلامي) على زعزعة تلك التفاهمات وتشويهها والمساس بها».
وأضاف أدرعي أن «حركة (الجهاد الإسلامي) ارتكبت سابقاً، وتخطط حاضراً لارتكاب اعتداءات تخريبية، من ضمنها عمليات إطلاق قذائف صاروخية. إسرائيل لا ولن تقبل بمثل هذه الاعتداءات. وتداعيات ذلك (عدم تنفيذ الإجراءات المدنية المهيأة من أجل سكان القطاع) ستقع على عاتق (الجهاد الإسلامي). ويجب على (حماس)، بصفتها الحاكم في غزة، بسط نفوذها ومنع هذه الاعتداءات وهذه المخططات. نحن مصممون على حماية مواطني إسرائيل ولن نقبل بالاعتداءات أو بإطلاق القذائف الصاروخية ضد مواطنينا. ليست لدينا مشكلة مع سكان القطاع، بالعكس! الجهة التي ترتكب اعتداءات إرهابية ستمنع تحسين الوضع وتطوير الخطوات التي نُفّذت ويُخطط لتنفيذها، مما سيمسّ بسكان القطاع بشكل العام».
واعتبرت بعض الأوساط في إسرائيل أن البيان يمثّل دعماً لحركة «حماس». وأشار هؤلاء إلى أن الجيش الإسرائيلي ربما يدرس توجيه ضربات لحركة «الجهاد» وقادتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».