«صفحة جديدة» بين عون وجنبلاط

«الاشتراكي» يؤكد حرصه على «التعاطي الإيجابي» مع رئيس الجمهورية

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدى حضوره قداساً في بيت الدين أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدى حضوره قداساً في بيت الدين أمس (دالاتي ونهرا)
TT

«صفحة جديدة» بين عون وجنبلاط

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدى حضوره قداساً في بيت الدين أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لدى حضوره قداساً في بيت الدين أمس (دالاتي ونهرا)

عاد الهدوء ليطغى على العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بعدما شهدت، على خلفية أحداث الجبل الأخيرة، توتراً بلغ ذروته بعد المواقف التي نُقلت عن الرئاسة الأولى، ورأى فيها «التقدمي» انحيازاً واضحاً تجاه خصوم جنبلاط، وفي طليعتهم النائب طلال أرسلان.
من هذا المنطلق، جاءت زيارة وفد «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«اللقاء الديمقراطي» إلى قصر بيت الدين، المقر الصيفي الرئاسي، يوم أمس، لتفتح صفحة جديدة، وتعيد التواصل بين عون وجنبلاط الذي أراد أن يوجه رسالة إيجابية لرئيس الجمهورية بوصفه «جاره»، نظراً إلى قرب المسافة بين قصر بيت الدين وقصر المختارة (مقر جنبلاط).
ورداً على سؤال عن هذه الزيارة التي جاءت بعد أحداث الجبل، وتداعياتها التي استمرت 40 يوماً، يشير مصدر قيادي في الحزب «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن جنبلاط «كان منفتحاً على العهد منذ انتخاب العماد عون، ولم يسبق له أن قصّر معه... إلى أن جاءت الأحداث الأخيرة التي كانت ضمن مخطط واضح لاستهداف جنبلاط.
وحصل ما حصل من تدخلات مع القضاء، ومواقف يمكن وصفها بالانحيازية، ولكن جاء لقاء المصالحة والمصارحة في قصر بعبدا ليرسي هدوءاً، على أن تترَك المسائل الأمنية وتداعياتها للقضاء». ويؤكد المصدر: «هذا كان مطلبنا من الأساس، بحيث احتكمنا للمؤسسات الأمنية الشرعية وللسلطة القضائية، وسلّمنا المطلوبين. ولكن رغم هذا اللقاء، فإننا حتى اليوم نسمع بين الفينة والأخرى أصوات نشاز من قبل بعض نواب وقياديي (التيار الوطني الحر) يصرون على نبش الماضي، والتشكيك في المصالحة. وبالأمس، انبرى أحدهم من نواب (التيار الوطني الحر) من الشمال، مطلقاً كلاماً مسيئاً لروحية لقاء قصر بعبدا، وكذلك للمصالحة، وكأنه يعيش في عالم آخر».
ويردف القيادي «الاشتراكي»: «قول رئيس الحزب وليد جنبلاط أهلاً وسهلاً بالرئيس ميشال عون في قصر بيت الدين والجبل هو فوق كل اعتبار، ويدل على تقاليد أبناء الجبل، وشهامتهم في التعاطي مع كل المسائل، فكيف إذا كان رئيس البلاد يقضي جزءاً من الصيف في الجبل بين أهله ومحبيه، ونحن من المرحبين به والمتمنين له طيب الإقامة، بل إن الوفد الذي زار الرئيس عون في بيت الدين، وتحدث باسمه الوزير أكرم شهيب، إنما يعبّر عن حرصنا على التعاطي الإيجابي مع رئيس الجمهورية، الذي هو بالمحصّلة رئيس كل لبنان، وهذا ما نتمناه ونحرص عليه».
ولفت المصدر إلى أن الوزير شهيب «أطلق سلسلة عناوين بارزة برسم المشككين بالمصالحة، والذين ما زالوا يسعون للفتنة، أو المتضررين من لقاء بعبدا»، وأضاف أن «شهيب الذي واكب كل التطورات التي جرت من منطلق حرصه، وبتوجيهات من رئيس الحزب، على وأد الفتنة والتهدئة خلال الأحداث الأخيرة، أشار إلى أن ما جرى في البساتين (حيث حصلت حادثة الجبل، وأسفرت عن مقتل اثنين من مرافقي وزير محسوب على أرسلان، خصم جنبلاط) صفحة طويناها، وختمنا هذا الجرح الأليم، وصولاً إلى تركيزه على مصالحة الجبل التي ستبقى ثابتة متماسكة، في ظل الحملات التي تتوالى مشككة بها لأهداف سياسية، وهذا بالمحصلة لا يصب في صالح أبناء الجبل، وتحديداً المسيحيين الذين يعيشون بين أهلهم وفي قراهم وبلداتهم. لذا كان الوزير شهيب حاسماً واضحاً فيما قاله، إثر لقاء وفد الاشتراكي واللقاء الديمقراطي بالرئيس عون، من خلال الحرص على هذه اللاءات التي لا تحرق ولا تغرق، أي المصالحة والعيش الواحد والحوار، وبالتالي أن تكون العلاقة مع رئيس الجمهورية على أفضل ما يرام».
وأكد أن الأجواء كانت ودية وإيجابية جداً «وستلمسون ذلك من خلال الخطوات المقبلة، حيث يبدي الحزب التقدمي الاشتراكي كل إيجابية من أجل وحدة الجبل واستقراره، وبالتالي استقرار البلد بشكل عام».
وبصدد ما يقال عن زيارة رئيس الحزب وليد جنبلاط، ونجله رئيس «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط، قصر بيت الدين للقاء رئيس الجمهورية، يجيب المصدر قائلاً: «ليس غريباً أن تحصل هذه الزيارة، ونحن كلفنا رئيس الحزب بلقاء الرئيس عون، وأبدينا له كل المودة والتقدير. وسيكون لرئيس الحزب ولرئيس اللقاء الديمقراطي لقاء مع رئيس الجمهورية للترحيب به، ولمناقشة الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، واستكمال الخطوات الإيجابية التي حصلت في قصر بعبدا، بعد لقاء المصالحة والمصارحة، آملين من البعض أن يكفوا عن نفخ السموم ونبش الماضي، ونذكّر هؤلاء بالمقولة التاريخية: إذا كان جبل لبنان بخير، فعندئذ يكون لبنان بألف خير. فلا يلعبوا بأمن الجبل واستقراره، أو يسيئوا للمصالحة، فهذه المسائل نحن الأحرص عليها، ورئيس الجمهورية ليس لطرف أو تيار، بل هو رئيس لكل اللبنانيين».



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».