«البشرة البحرية»، كما أطلق عليها الباحثون في جامعة «كاوست»، هي رقاقة ذكية تُسهل دراسة سلوك الحيوانات البحرية وتوفّر المزيد من المعلومات. وتقوم هذه المنظومة الخاصة، بوسم الحيوانات إلكترونيّاً على مطاط صناعي قابل للتمدد مصنوع من السيليكون، يمكنه تحمُّل الالتواء والتمزق والتمدد، حتى عند التعرض لضغوط عالية في المياه العميقة.
«يمكن للإلكترونات المرنة المتكاملة تتبّع حركة الكائن البحري، وسلوكه في الغوص، وصحة البيئة البحرية المحيطة به آنياً»، بحسب قول جوانا نصار، التي تعمل الآن في معهد كاليفورنيا للتقنية وكانت طالبة دكتوراه ضمن الفريق الذي طوّر الرقاقة بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست).
تُعدّ القدرة على مراقبة وتسجيل مجموعة من المؤشرات البيئية أمراً حيويّاً في دراسة نظم البيئة البحرية، غير أن المنظومات المتوافرة حاليّاً لتتبّع الحيوانات في البحار ضخمة، وارتداؤها غير مريح للحيوانات.
وتوضح جوانا نصار أنه وباستخدام مواد لينة وبعض الحيل البسيطة في التصميم، تمكنّ الفريق من التفوق على المنظومات القياسية الحالية من حيث عدم الحاجة إلى التدخلات الجراحية، وخفة الوزن، والعمر التشغيلي، وسرعة العملية.
وفي النموذج الأوَّلي الحالي تُستَكمل بيانات الموقع عن طريق تسجيل درجة حرارة المياه وملوحتها، ويمكن إضافة قدرات أخرى للاستشعار عن بُعد مُستقبلاً. وتشمل القدرات الممكنة للرقاقة استشعار الحالة الفسيولوجية للحيوانات الموسومة، إذ يسمح ذلك بالربط بين المعلومات عن كيمياء المحيطات من جهة، وصحة ونشاط حتى الحيوانات الصغيرة في أثناء تنقّلها داخل موطنها من جهة أخرى.
ويجري حاليّاً استرداد البيانات عبر وصلة لا سلكية بعد نزع الرقاقة. ويأمل الباحثون في المستقبل في تطوير طريقة لاسترداد البيانات عن بُعد بالتغلب على مشكلات نقل الإشارات عبر الماء.
تُمثل «البشرة البحرية» واحدة من ابتكارات عديدة طوّرتها مجموعة الأستاذ محمد مصطفى حسين البحثية، بالتعاون مع مجموعة الأستاذ كارلوس دوارتي في كاوست. ويشير حسين إلى أنهم حققوا تقدّماً ملموساً باستمرار في مجال الإلكترونيات المرنة والقابلة للتمدد؛ بصنع منظومات إلكترونية يمتاز كل مُكوِّن فيها بالمرونة المادية. وقد شارك فريقه مع مجموعة دوارتي من العلماء البحريين نظراً لتخصصهم في دراسات تنقّل الحيوانات البحرية الضخمة على نطاق واسع.
جرى اختبار «البشرة البحرية» وأثبتت جدواها عند لصقها على سرطان البحر الأزرق السابح (Portunus pelagicus)، غير أنها تصلح لوسم طائفة كبيرة من الكائنات البحرية. ويخطط الفريق للانتقال إلى دراسات الدلافين وأسماك القرش الحوتي.
ويتمثّل الهدف بعيد المدى للفريق في تحقيق أداءٍ موثوق عند تثبيت «البشرة البحرية» لمدة تصل إلى عام على الحيوانات المنفردة من أنواع مختلفة.
تعتقد نصار أن نظام البشرة البحرية الحالي والتحسينات المخطط لها، سوف تسمح بتحليلات أكثر شمولاً للنظام البيئي البحري إلى حد كبير، بما في ذلك دراسة الحيوانات في أماكن لم يتسنّ في السابق مراقبتها فيها. كما تشير إلى أن دراسة التغيّرات السلوكية للكائنات البحرية فيما يتعلق بجودة وصحة المحيط سوف تساعد العلماء على تقييم صلاحية الأماكن للعيش، وذلك في ظل الزيادة العالمية في درجات الحرارة، ومشاكل التلوث، وتأثيرات الصيد الجائر.
«بشرة ذكية» لمراقبة الكائنات البحرية
«بشرة ذكية» لمراقبة الكائنات البحرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة