رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرس عزل وزير اتهمه بالضعف في حادثة اقتحام الأقصى

TT

رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرس عزل وزير اتهمه بالضعف في حادثة اقتحام الأقصى

كشفت «القناة 12» الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يدرس طرد بتسلئيل سموتيرتش، وزير النقل والمواصلات. وبدأ فعلياً مشاورات مع مقربين منه حول هذا الموضوع، لأن سمويرتيش وجّه انتقادات لاذعة لنتنياهو عقب الأحداث التي شهدتها باحات المسجد الأقصى أول من أمس. وأعلن نتنياهو، الذي يخوض حالياً حملة الانتخابات التشريعية المقررة في 17 سبتمبر (أيلول)، أنه قرر السماح لليهود بالدخول، «بالتشاور مع أجهزة الأمن»، قائلاً إن «المسألة لم تكن في معرفة إذا ما كان بإمكانهم الذهاب، ولكن في إيجاد أفضل سبيل للقيام بذلك، بغية الأمن العام، وهذا ما قمنا به». وكانت اقتحام المستوطنين للأقصى قد لاقى إدانات واسعة من قبل السلطة الفلسطينية ودول عربية وجامعة الدول العربية وبرلمانات ومؤسسات. كما أشعل الأمر خلافاً إسرائيلياً داخلياً.
واتهم الوزير سموتيرتش نتنياهو بالعجز السلطوي الكامل والضعف الذي يصل إلى نسبة 100 في المائة، قائلاً إن «سياسة نتنياهو ضعيفة، ولا تصل إلى درجة صفر، وإنه كان يقف خلف قرار منع المستوطنين من اقتحام الأقصى لعدة ساعات». وردّ نتنياهو بمهاجمة سموتيرتش، قائلاً في فيديو نشره عبر حسابه على «تويتر»: «إنه لا يستجيب لتوصيات (تويتر) وتغريداته»، في إشارة إلى حديث سموتيرتش. وأوضح نتنياهو أنه سيواصل اعتماد سياسته المبنية على التصرف بمسؤولية وحزم، مشيراً إلى أنه عقد مؤخراً مشاورات أمنية لتنظيم اقتحامات المستوطنين للأقصى.
وتم استدعاء الوزير سموتيرتش، أمس، إلى جلسة في مكتب نتنياهو، بعدما أوصى نواب من حزب «الليكود» بعدم طرده، والاكتفاء بعزله عن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية. لكن مصادر أشارت إلى أن رئيس الوزراء نتنياهو لم يتخذ قراره في هذا الشأن بعد. وقال مسؤولون كبار في قائمة «اليمين الموحّد» إنهم لا يصدقون هذه التهديدات، «لا نصدق أن نتنياهو سيمضي حتى النهاية، ويعزل سموتيرتش من وزارة المواصلات. يبدو هذا وكأنه محاولة تخويف من جانب نتنياهو والليكود». أما سموتيرتش فقال حول احتمال عزله: «أنا أعمل كالمعتاد. لدينا دولة في انتظار أن نديرها». وكان نتنياهو قد عيّن سموتيرتش وزيراً للنقل والمواصلات منذ نحو شهرين، خلفاً للوزير، يسرائيل كاتس، الذي تولى وزارة الخارجية.
من جهة أخرى، اعتبرت جهات إسرائيلية أن المواجهات التي اندلعت أول أيام عيد الأضحى في باحات المسجد الأقصى تصبّ في خانة «الانتهازية والاستهتار» بغرض تحقيق مكاسب سياسية قبل الانتخابات المقررة في إسرائيل الشهر المقبل. وقالت صحيفة «هآرتس» إن «عدداً قليلاً من الناشطين اليهود استغل فترة الانتخابات التشريعية لإملاء شروطهم السياسية بشأن كيفية التصرف في الحرم». وألقت الصحيفة الإسرائيلية باللوم على «مؤسسة الوقف التي أظهرت ضعفها، على الرغم من حشدها المصلين».
وكانت مواجهات قد اندلعت، أول من أمس، بعد اقتحام مستوطنين المسجد الأقصى، وأدت إلى سقوط 61 جريحاً، فيما أحصت الشرطة الإسرائيلية سقوط 4 جرحى في صفوفها، وأعلنت اعتقال 7 أشخاص. وتزامن هذا العام، اليوم الأول من عيد الأضحى مع ذكرى اليهود لما يسمونه «خراب الهيكل». وقالت الصحيفة: «على عكس اسمه، فإن الوضع القائم في الحرم غير ثابت للغاية. في الواقع، إنها عبارة عن مجموعة معقدة للغاية من الصراعات التي لا نهاية لها، ونزاع ديناميكي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أضف إليها ضجة القوى المختلفة؛ الشرطة، جماعة الهيكل، الأوقاف، الأردن، السلطة الفلسطينية، تركيا، الحركات السياسية الفلسطينية، السياسيين الإسرائيليين. فقد حقّق كلا الطرفين انتصاراً، إذ نجح الفلسطينيون في جلب الحشود إلى الحرم، والحد من وجود اليهود في 9 أغسطس (آب)، فيما تمكن الإسرائيليون من جلب مئات الزوار إلى ساحة المسجد، رغم الإجراء الذي أغلق الحرم أمام اليهود. لكن المنتصرين الحقيقيّين هم المتطرفون. على كلا الجانبين».
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بمحاولة تغيير الوضع القائم منذ حرب 1967 الذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخول الأقصى في أي وقت، بينما لا يسمح لليهود بذلك إلا في أوقات محددة للزيارة وبأعداد محددة ومن دون الصلاة. لكن إسرائيل تؤكد دوماً على أنها لن تسمح بإجراء أي تغيير على الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف. يذكر أن الوصاية في الأقصى تابعة للمملكة الأردنية التي تؤكد أن «الوصاية على القدس هي للأسرة الهاشمية منذ عام 1924. وانتقلت حتى وصلت إلى الملك الحالي عبد الله الثاني شخصياً».
ويلوّح الأردن بين الحين والآخر بأن الإخلال بالوضع القائم قد يعرّض معاهدة السلام التي وقّعها الأردن مع إسرائيل عام 1994 للخطر. ونصّت معاهدة السلام مع إسرائيل، المعروفة باسم «وادي عربة» على رعاية الأردن للحرم القدسي، لكن جذور هذه الرعاية تعود إلى 1924 عندما منح وجهاء فلسطين في القدس حق الرعاية للشريف حسين. وتم التأكيد على الرعاية الهاشمية في اتفاقية وقّعتها السلطة الفلسطينية عام 2013 مع الملك عبد الله. ويدير عدة مئات من الموظفين الأردنيين الحرم ويسمحون لليهود بزيارته، لكن دون الصلاة فيه. وتعرف المنطقة التي تضم أيضاً مسجد قبة الصخرة باسم الحرم القدسي الشريف عند المسلمين، وجبل الهيكل عند اليهود. ويعتبر الحرم القدسي الشريف شرارة جاهزة للاشتعال في الصراع، وهو ثالث الحرمين الشريفين عند المسلمين، وأكثر الأماكن قدسية عند اليهود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».