مطالب باعتقال برلماني مغربي بتهمة التحريض على الإرهاب

بسبب انتقاده طريقة لباس متطوعات بلجيكيات

TT

مطالب باعتقال برلماني مغربي بتهمة التحريض على الإرهاب

أثار تعليق البرلماني الإسلامي علي العسري حول تداول صور شابات متطوعات من بلجيكا، وهن يرتدين شورتات وسراويل قصيرة، خلال مساهمتهن في ترصيص طريق برية في قرية نائية بمنطقة تارودانت، قرب ورزازات (جنوب)، جدلا كبيرا وسط الشباب المغربي والأسر المحافظة وفي شبكات التواصل الاجتماعي.
ووجه المحامي والناشط الحقوقي الحبيب حجي نداء لقاضي التحقيق، المتخصص في الإرهاب، مطالبا باعتقال البرلماني بتهمة التحريض على الإرهاب، فيما طرحت شخصيات ثقافية وفنية ونشطاء عريضة تحت عنوان «ألبسوهم السراويل القصيرة أو أخرجوهم». وجاء في العريضة «ألبسوا دعاة الكراهية السراويل القصيرة أو أخرجوهم... لا تسمعوا لهم، أظهروا لهم أن المغرب هو نحن ونحن الحل».
وسبق للأمن المغربي أن اعتقل معلما في القصر الكبير بتهمة التحريض على الإرهاب والكراهية بسبب تدوينة، دعا فيها إلى قطع رؤوس المتطوعات البلجيكيات.
وفي خضم هذا الجدل ظهرت صور جديدة للمتطوعات البلجيكيات وهن يرتدين اللباس التقليدي لمنطقة تارودانت، المعروف بالحايك، كما نشرت صور لاستقبالهن من طرف إمام مسجد القرية، التي ساهمن في تعبيد الطريق إليها بهدف فك العزلة عنها، وهو يقيم مأدبة غداء على شرفهن.
ورد علي العسري، البرلماني عن العدالة والتنمية (مستشار بالغرفة الثانية عن جهة فاس مكناس)، على منتقديه بأن كلامه فهم بشكل خاطئ، مشيرا إلى أنه يحترم لباس المتطوعات البلجيكيات. غير أنه تساءل عن خلفية ارتداء لباس يشبه لباس السباحة أثناء الاشتغال في ورش للأشغال بالإسمنت.
وأشار البرلماني إلى أن دواعي استغرابه ناتجة من كون الأوروبيين معروفين بصرامتهم في مجال لباس العمل بالأوراش ومعايير السلامة، المرتبطة بذلك. وتساءل إن كان خروج الفتيات البلجيكيات بذلك اللباس في منطقة معروفة بمحافظة سكانها يهدف إلى شيء آخر غير العمل الإنساني والتطوعي.
في السياق نفسه، وجه العسري سؤالا كتابيا لوزير الداخلية، يدعوه فيه إلى تقديم تقرير عن الأوراش التي يتولى الأجانب الإشراف عليها في المغرب.
وجاء في السؤال الكتابي للعسري: «تعرف جل مناطق بلادنا على مدار السنة إنجاز أوراش مختلفة، يقوم أو يشرف عليها أجانب من مختلف الجنسيات. ويتم ذلك في الغالب بالتعاون والتنسيق مع جمعيات وطنية أو فعاليات محلية، ويكون لهذه الأوراش آثار إيجابية على الساكنة المستهدفة، خصوصا عندما تستهدف فك العزلة، أو توفير الماء المشروب، أو تأهيل وحدات مدرسية، أو تزيين فضاءات عمومية، وكلها أعمال جليلة تستحق الإشادة بها، والتنويه بمن يقف وراءها. لكن هذا لا يمنع من استغلال بعضها، وإن قل ذلك، لأهداف غير معلنة، وهو ما يستوجب رصدها والاحتياط منها».
وطالب العسري من وزير الداخلية الكشف عن «الحجم السنوي لهذه الأوراش وتوزيعها النوعي والجغرافي، ومصادر تمويلها؛ وعن شكليات الترخيص لها وآليات تتبعها، والتأكد من سلامة قصدها وإنسانيتها؛ وإمكانية إصدار تقرير سنوي حول كل تلك الأوراش، وعرضه على البرلمان لمناقشته».
في غضون ذلك، أعلنت الجمعية البلجيكية BOUWORDE، التي تنتمي إليها الشابات المتطوعات، أن 3 من أصل 37 متطوعا ينتمون إلى الجمعية، ويوجدون في إطار مهام تطوعية بالمغرب، قرروا الرحيل قبل انتهاء مهامهم.
وأوضحت الجمعية في تصريح صحافي أنها راسلت السفارة البلجيكية في الرباط، عقب إعلان الأمن المغربي عن اعتقال معلم في مدينة القصر الكبير (شمال) بتهمة التهديد بقطع رؤوس الشابات البلجيكيات، متسائلة إن كانت المتطوعات البلجيكيات بأمان في الموقع الذي يوجدن فيه قرب تارودانت في الجنوب.
وأضافت الجمعية أن السفارة خيرت المتطوعين البلجيكيين الموجودين في المغرب «بين متابعة أعمالهم في المغرب دون خوف، أو مغادرة البلاد قبل انتهاء مهامهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».