عمت حالة من الإظلام التام مدن الجنوب الليبي، كما انقطعت عنها المياه العذبة، بعد اقتحام مجموعة مسلحة محطة لتغذية الكهرباء، و«إجبار فنيي الشركة العامة على فصل التيار».
ونقل المحامي علي أمليمدي، أحد سكان سبها، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن «سكان الجنوب يعانون شح المياه وانقطاع الكهرباء، في ظل ارتفاع درجة حرارة الطقس بشكل كبير».
وأضاف أمليمدي بنبرة ضيق: «لم يعد لأهل الجنوب الكادحين إلا الله»، لافتاً إلى انقطاع التيار منذ أسبوع: «بداية من مناطق الشويرف، مروراً بغات وأوباري ومرزق ووداي عتبة».
من جهته، قال المكتب الإعلامي لجهاز النهر الصناعي (منظومة الحساونة - سهل الجفارة) أمس، إنه «في مشهد أصبح متكرراً وغير مسؤول، دخلت مجموعة مسلحة لمحطة تغذية الكهرباء، النهر (1) الرئيسية، أول من أمس، وأجبرت فنيي الشركة العامة للكهرباء على فصل التيار عن حقول آبار المياه بالمنظومة»، مشيراً إلى أن «المسلحين طالبوا بالعدالة أثناء طرح الأحمال الكهربائية، وإعادة التيار إلى مدن الجنوب»، ولافتاً إلى أنه «سيترتب على فصل التيار الاستمرار في انقطاع المياه عن المدن، لحين انفراج هذه الأزمة».
كما نوه الجهاز إلى «ضرورة النأي بمشروع النهر الصناعي عن كافة الخلافات والصراعات والمطالب الفئوية»، مبرزاً أن «المشروع يقدم خدمة الإمداد المائي لكافة المواطنين، والجهات الأمنية والعسكرية بالدولة مطالبة بتحمل مسؤوليتها لحماية حقول آبار مياه الحساونة ومسارات أنابيب المياه بالمنظومة، للحفاظ على استمرار الإمداد المائي».
ومنظومة «الحساونة - سهل الجفارة»، هي المرحلة الثانية لمشروع النهر الصناعي، الذي دشنه الرئيس الراحل معمر القذافي، وصممت لنقل 2.5 مليون متر مكعب من المياه يومياً، من حقول الآبار بجبل الحساونة إلى الشريط الساحلي حتى مدينة طرابلس.
بدورها، قالت الشركة العامة للكهرباء في بيان مساء أول من أمس، إن مجموعة خارجة عن القانون من براك الشاطئ دخلت محطة النهر رقم (1)، وفصلت جميع الخطوط المغذية للشبكة الجنوبية، والخط المغذي لمحطة تحويل النهر رقم (2)، واستولت على بطاقات التوصيل، ما ترتب عليه خروج الوحدة الرابعة بمحطة أوباري الغازية، وحدوث إظلام كامل في المنطقة الجنوبية. ولفتت إلى أنه تم التعدي على محطات الـ220 والعاملين بها، كما أن «بعض المناطق رفضت الدخول في عملية طرح الأحمال، وهو ما أدى إلى عدم استطاعة الشركة المساواة في عدد ساعات الطرح». ومنذ سقوط نظام القذافي عام 2011، تعاني ليبيا من انفلات أمني واسع، وانتشار كبير للسلاح.
وقد دفعت أزمة انقطاع التيار الكهربائي والمياه إلى طرح المحلل السياسي الليبي محمد عمر محمد بعيو عدة أسئلة، وفي مقدمتها: «هل أصبحت شركة الكهرباء غنيمة حرب؟».
وأضاف بعيو عبر حسابه على «فيسبوك» أمس، أن «الشركة العامة للكهرباء تعلن كل يوم أن من الأسباب الرئيسية لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، الاعتداءات التي تتعرض لها محطات التوليد، وغرف التحكم في مختلف المناطق التي تقع فيها، من طرف مسلحين يرفضون دخول مناطقهم في النظام الاضطراري، المسمى توزيع الأحمال، ويجبرون الفنيين على إعادة التيار بطريقة عشوائية، أدت وتؤدي إلى أسوأ ما يمكن أن يقع لأي شبكة كهرباء في العالم، وهو الإظلام التام».
واستكمل بعيو الذي يقيم في طرابلس موضحاً: «بدلاً من أن يتم الالتفات إلى هذه الجرائم، ومنع وقوعها، وحماية المحطات الكهربائية وغرف التحكم، تجد عدداً من (الميليشياويين) وإعلاميي الدفع المسبق المأجورين، يغيّرون اتجاه الحقائق والوقائع، ويصبّون جام غضبهم على مسؤولي الشركة». مضيفاً: «أنا أعرف جيداً كل الحقائق والمعلومات المتعلقة بهذا القطاع الاستراتيجي، وأعلم أن الكارثة أكبر من أن يتحمل مسؤوليتها مديرو الشركة وحدهم»، لافتاً إلى أن «هدف الحملة على القائمين على الشركة إبعادهم عن إدارة الشركة، ليستولي عليها المتأسلمون، وممثلو الميليشيات والعصابات».
وانتهى بعيو إلى القول: «إذا أردتم الماء والكهرباء وبقية مقومات الحياة، أو ما تبقّى منها، فليس أمامكم سوى النزول إلى الميادين في حراكات سلمية مدنية، تعتصمون بها حتى تفرضوا إرادتكم وتستعيدوا حقوقكم».
الجنوب الليبي بلا مياه أو كهرباء والأزمة تقترب من طرابلس
الجنوب الليبي بلا مياه أو كهرباء والأزمة تقترب من طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة