«بيت الفنان حمانا» يستضيف السيرك الفرنسي «كي بوس» والثلاثي طنب

السيرك الفرنسي «كي بوس» في ضيافة «بيت الفنان حمانا» في 14 الجاري
السيرك الفرنسي «كي بوس» في ضيافة «بيت الفنان حمانا» في 14 الجاري
TT

«بيت الفنان حمانا» يستضيف السيرك الفرنسي «كي بوس» والثلاثي طنب

السيرك الفرنسي «كي بوس» في ضيافة «بيت الفنان حمانا» في 14 الجاري
السيرك الفرنسي «كي بوس» في ضيافة «بيت الفنان حمانا» في 14 الجاري

ضمن أجواء فنية وموسيقية وأخرى ترفيهية، يحتفل «بيت الفنان» في بلدة حمانا بالعيد الثاني لتأسيسه مستضيفاً عروضاً متعددة تستمر لغاية 29 الجاري. وتبدأ هذه الحفلات في 10 أغسطس (آب)، مع الثلاثي الغنائي آمال وفاديا ورونزا طنب تحت عنوان «تريوأوريان»، فيقدمن أغنيات لبنانية عريقة خاصة بهن وأخرى للرحابنة، ويرافقهن فيها كل من سمير طنب على البيانو، وماريو الراعي (كمان)، وماريا مخول (قانون)، وسيمون طربيه (كيبورد)، وفادي يعقوب (إيقاع شرقي)، وفايز رزق الله (إيقاع غربي). وتُختتم الأمسية بحفل كوكتيل على أنغام موسيقى فرقة «ذي سنوينغينغ سيسترز». وفي 14 من الشهر الحالي يستضيف «بيت الفن حمانا» السيرك الفرنسي «كي بوس» الذي تقدمه الفرنسية بولين ضمن لوحات استعراضية تسير فيها على القصب والحبال وتقفز خلالها في الهواء ضمن ألعاب بهلوانية ممتعة. ويُنظّم هذا العرض في الباحة الخارجية لـ«بيت الفنان» الذي جُهز خصيصاً لاستقبال هذا العرض.
ولأول مرة تطال نشاطات «بيت الفنان حمانا» مناطق لبنانية متعددة. فيحلّ ضيفاً على مدينة طرابلس الشمالية في 16 الجاري من خلال عروض مسرحية إضافةً إلى عرض السيرك المذكور. أمّا في 18 أغسطس فتستقبله بلدة الهرمل البقاعية لتحتفل بالمناسبة أيضاً ضمن برامج مشابهة. وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية (في 23 و24 و25 الجاري)، تتنقل عروض «بيت الفنان» في كل أماكن بلدة حمانا لتقدم لوحات غنائية وموسيقية تشارك فيها فرق محلية أمام ساحة البلدة وكذلك على قمة جبلها «لامارتين» وفي أسواقها الشعبية.
«إنّنا نرغب من خلال إقامة هذه الحفلات في أماكن مختلفة من البلدة تعريف الزوار على المعالم الثقافية والتراثية الموجودة فيها»، يقول نادر فوز المسؤول الإعلامي في المركز الثّقافي «بيت الفنان حمانا»، ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ «أبواب الاحتفالات ستكون مشرعة أمام الجميع مجاناً، كما سنؤمّن باصات خاصة ليتنقل فيها الزوار خلال الجولات السياحية التي ننظمها ضمن برنامج الاحتفالات».
وفي 29 الجاري، سيختم بيت الفنان مهرجاناته الجوالة وذلك في مدينة صيدا الجنوبية. ويقدم فيها عروضاً وأعمالاً مسرحية وفي مقدمها «جيولوجيا الخرافة». وهي من تنظيم «مجموعة كهرباء» التي تأسست عام 2007 كجمعية ثقافية تضمّ فنانين وتقنيين عاملين في مختلف الميادين الفنية ضمن خلفيات فكرية متعددة. وتتلقف مشاهدها مجموعة من الرسائل التوعوية التي يشارك فيها باقة من الفنانين بينهم رسامون وممثلون وراقصون. ويتركز هذا العرض على مؤثرات صوتية وأخرى بصرية حديثة. فتأخذ المشاهد في رحلات غامضة تنطوي على لوحات فنية تعبيرية.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أبدت فاديا طنب سعادتها لمشاركتها في هذه التظاهرة الفنية التي ينتظرها اللبنانيون في موعدها من كل سنة نظراً إلى المروحة الثقافية الغنية التي تتضمنها. وتضيف: «إننا متحمسون جداً لتقديم هذه الحفلة في (بيت الفنان حمانا) الذي يأخذ على عاتقه وبمبادرة شخصية من القيّمين عليه تسليط الضوء على لبنان الثقافة والحضارة. كما أنّ هذه الحفلة لفريق (تريوأوريان) المؤلّف من أُختَيَّ وأنا شخصياً تأتي بعد غياب لنا عن الجمهور اللبناني لنحو ثلاث سنوات، إذ كانت كل واحدة منا منشغلة بارتباطاتها العملية». وتتابع: «سنحْيي حفلاً منوعاً فيه أغنيات وموسيقى للرحابنة وسيد درويش، إضافة إلى 5 قطع موسيقية لسمير طنب». وتؤكد طنب خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن الحفل الذي يستغرق نحو 90 دقيقة سيتضمن أيضاً أغنيات غربية لمغنين عالميين أمثال جاك بريل ونينا سيمون وفرانك سيناترا. وستتشارك مع شقيقتيها في أدائها مباشرةً على المسرح في وصلات جماعية وأخرى فردية من نوع الـ(سولو).



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».