موسكو تراقب «انتهاكات المسلحين» في إدلب وتحث أنقرة على تنفيذ «خفض التصعيد»

TT

موسكو تراقب «انتهاكات المسلحين» في إدلب وتحث أنقرة على تنفيذ «خفض التصعيد»

استبقت وزارة الدفاع الروسية أمس، اتهامات لطيرانها بانتهاك الهدنة المعلنة في إدلب، ونشرت على موقعها الإلكتروني مقاطع فيديو قالت إنها تظهر استهداف مواقع المسلحين بعد توجيههم ضربات مدفعية على القرداحة.
وأكدت الوزارة أنها تراقب «انتهاكات الفصائل المتشددة» ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصدر عسكري تشديداً في لهجة مطالبة تركيا بتطبيق سريع لاتفاق «سوتشي» الموقع خريف العام الماضي، حول إلزام المقاتلين بالانسحاب من المنطقة العازلة، والفصل بين القوى المعتدلة و«الإرهابيين».
ولم تكد تنتهي أعمال الجولة الـ13 لمحادثات «إطار آستانة» في عاصمة كازاخستان نور سلطان، التي أسفرت عن إعلان هدنة مؤقتة في إدلب، لم تتضح معالمها تماماً، حتى برزت المعطيات حول انتهاكات للهدنة. ولفت بيان عسكري روسي الجمعة، إلى رصد خروقات من جانب المعارضة السورية، عبر شن الفصائل هجمات باستخدام قذائف مدفعية على المناطق المجاورة من داخل منطقة جبل شبو في إدلب. ووفقاً للبيان، فقد اشتمل الهجوم على إطلاق 12 قذيفة أطلقت على القرداحة، ما أسفر عن مقتل شخص وجرح 3 آخرين. ولفت العسكريون الروس إلى أن الضباب الذي لف المنطقة حال دون تمكن وحدات الاستطلاع الجوي والمراقبة من كشف الهجوم في توقيت مناسب.
وفي وقت لاحق ليلة السبت، نشرت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني مقاطع فيديو لضربات شنها سلاح الجو الروسي على المناطق التي انطلق النيران منها، وقالت إنها استهدفت «البنية التحتية للإرهاب في محافظة إدلب السورية، وأسفرت عن القضاء على قوى بشرية مسلحة وأنظمة مدفعية وصاروخية».
وتزامن التطور مع بروز معطيات عن توجيه موسكو تحذيراً شديد اللهجة إلى تركيا بضرورة تسريع عملية تنفيذ اتفاق سوتشي، في شأن إقامة المنطقة منزوعة السلاح في شريط يبلغ 20 كيلومتراً في محيط مناطق التماس مع القوات الحكومية.
وكان لافتاً أن وكالة أنباء «تاس» الحكومية الروسية نقلت عن رئيس مركز المصالحة في قاعدة «حميميم» أليكسي باكين، إنذاراً غير مسبوق، إذ حدد لأنقرة مهلة 24 ساعة لـ«تنفيذ التزاماتها بشكل كامل وفقاً لاتفاق سوتشي». ووفقاً للوكالة، قال باكين وهو جنرال مسؤول عن عمليات التدريب ورفع الكفاءة في وزارة الدفاع، إن على تركيا «إظهار استجابة في غضون 24 ساعة والتنفيذ الكامل للاتفاقيات المتعلقة بسحب المقاتلين والأسلحة من المنطقة منزوعة السلاح استجابة لمبادرة السلطات السورية لوقف إطلاق النار بالكامل وأي أعمال هجومية في منطقة التصعيد بإدلب».
وزاد أن موسكو «تتوقع أن يمتثل الجانب التركي امتثالاً تاماً لأحكام اتفاقيات سوتشي التي تنص على انسحاب المسلحين والأسلحة من المنطقة منزوعة السلاح، وإنهاء القصف، وفتح الطريق السريعة بين دمشق وحلب».
وفي إشارة لافتة، ذكر باكين في بيانه أن منطقة القرداحة التي تعرضت للهجوم هي مسقط رأس عائلة الأسد وتبعد عن قاعدة «حميميم» 14 كيلومتراً، مشيراً إلى أن القصف يشكل تحدياً لرئيس النظام بشار الأسد الذي أعلن الهدنة، كما يشكل تحدياً للقوات الروسية. لكن اللافت أن التصريحات القوية لباكين التي نقلتها وكالة «تاس» لم تنقل في وسائل إعلام حكومية أخرى، كما أن وزارة الدفاع لم تؤكد رسمياً التوجه لتحديد مهلة زمنية لتركيا لتنفيذ اتفاق سوتشي. ورغم أن مصادر عسكرية روسية كانت تحدثت عن أن موسكو تتوقع تحركاً جدياً من أنقرة، لكن الحديث عن مهلة زمنية مدتها 24 ساعة لم يظهر في بيانات رسمية.
في غضون ذلك، أكدت خولة مطر، نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، أن العمل يجري بجهد مستمر للإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية.
ونقلت قناة «آر تي» التلفزيونية الروسية في مقابلة مع المسؤولة الأممية أن «المبعوث الخاص (غير بيدرسن) كان يطرح دائماً مواضيع وقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات بين الطرفين، على أساس بنود اتفاق سوتشي في روسيا».
وأضافت أنه «لا يمكن أن يكون هناك مسار سياسي حقيقي وعلى الأرض فيما المعارك متواصلة، ونتمنى أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار وأن يعم الهدوء سوريا ليبدأ المسار السياسي الصحيح بناء على قرار الأمم المتحدة 2254».
وشددت المسؤولة الأممية على ترقب «خطوتين أخيرتين» لتشكيل اللجنة الدستورية، سيجري بعد إنجازهما اتخاذ قرار في شأن «أين ومتى سيعلن عن التقدم في التسوية السياسية»، مؤكدة أن هذا المسار يشكل الحل الوحيد للخروج من الأزمة.
وكررت خولة مطر التأكيد على أن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا طالب أكثر من مرة بتزويد فريق الأمم المتحدة ببيانات عن كل المعتقلين لدى الأطراف السورية، وأن هذا سيسهم في الدفع نحو الحل السياسي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».