المغرب: مناقلات واسعة في صفوف رجال السلطة بعد خطاب عيد العرش

العاهل المغربي يعيّن مديراً جديداً للتشريفات الملكية والأوسمة

العاهل المغربي دعا في خطابه بمناسبة عيد الجلوس الى إسناد مناصب المسؤولية في الإدارة الى أصحاب الكفاءات (أ.ف.ب)
العاهل المغربي دعا في خطابه بمناسبة عيد الجلوس الى إسناد مناصب المسؤولية في الإدارة الى أصحاب الكفاءات (أ.ف.ب)
TT

المغرب: مناقلات واسعة في صفوف رجال السلطة بعد خطاب عيد العرش

العاهل المغربي دعا في خطابه بمناسبة عيد الجلوس الى إسناد مناصب المسؤولية في الإدارة الى أصحاب الكفاءات (أ.ف.ب)
العاهل المغربي دعا في خطابه بمناسبة عيد الجلوس الى إسناد مناصب المسؤولية في الإدارة الى أصحاب الكفاءات (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية المغربية أمس إجراء حركة انتقالية واسعة، شملت 895 رجل سلطة، يمثلون نحو 20 في المائة من مجموع أفراد هذه الهيئة العاملين بالإدارة الترابية. وجاءت هذه الخطوة بعد أن عقد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية أول من أمس، اجتماعاً مع كبار المسؤولين في قطاع الأمن والمخابرات.
وتأتي هذه الانتقالات تنفيذاً لتعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس، التي جاءت في خطابه بمناسبة الذكرى الـ20 لتوليه مقاليد الحكم؛ حيث دعا إلى إسناد مناصب المسؤولية في الإدارة إلى أصحاب الكفاءات، تحضيراً للمرحلة الجديدة التي يسعى المغرب إلى دخولها من أجل تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، والقطع مع «التفاوتات الصارخة، ومظاهر الريع».
وأوضحت وزارة الداخلية في بيان لها أنها أسست لتجربة فريدة من نوعها في منظومة الوظيفة العمومية، تتمثل في تنزيل نظام جديد ومتكامل لتقييم نجاعة أداء رجل السلطة، وذلك من خلال وضع مسطرة للتقييم الشامل بـ360 درجة، قوامها تقييم المردودية بمقاربة أكثر موضوعية، تجعل من المواطن محوراً في تقييم الأداء.
وتستند هذه الآلية، حسب البيان، إلى زيارات ميدانية إلى مقر عمل رجال السلطة، تقوم بها لجان عهد إليها بإجراء مقابلات شفوية مع ممثلي مختلف الفاعلين، الذين لهم صلة بمحيطهم المهني، من رؤساء تسلسليين ومرؤوسين، ومسؤولين محليين على المصالح الأمنية والخارجية، كما تمتد إلى شرائح واسعة من المواطنين، من مرتفقين وفاعلين جمعويين واقتصاديين ومنتخبين.
ومن خلال إعمال معايير الاستحقاق والتقييم الشامل للأداء، أسفرت هذه الحركة الانتقالية أيضاً عن ترقية ما مجموعه 203 رجال سلطة في المهام بالإدارة الترابية، وبالإدارة المركزية لوزارة الداخلية. كما تم في خضم الإعداد لهذه الحركة، عقد اجتماعات اللجان الإدارية المختصة إزاء هيئة رجال السلطة، أسفرت عن ترقية 390 رجل سلطة في الدرجة والإطار، في شأن هيئة رجال السلطة، ومكنت من إغناء الإدارة الترابية بالأطر الجديدة المتخرجة من المعهد الملكي للإدارة الترابية، والبالغ عددهم 117 خريجاً وخريجة.
في السياق ذاته، عقد وزير الداخلية مساء أول من أمس، في مدينة تطوان، اجتماعاً مع ولاة الجهات وعمال عمالات وأقاليم ومقاطعات المملكة (المحافظون)، وولاة وعمال الإدارة المركزية لوزارة الداخلية، وذلك بحضور كبار المسؤولين الأمنيين، بينهم الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية.
وخلال هذا الاجتماع جرى تقييم مدى مساهمة مصالح وزارة الداخلية في تدبيرها لعدد من الأوراش الاستراتيجية والحيوية، التي ميزت العشرين سنة الماضية؛ حيث تمت الإشارة إلى مجموعة من التدابير الملموسة، التي قامت وزارة الداخلية باتخاذها، والتي مكنت من تسجيل حصيلة إيجابية، تهم كثيراً من الأوراش الحيوية، وعلى رأسها ورش الجهوية المتقدمة، والمراكز الجهوية للاستثمار، والميثاق الوطني للتمركز الإداري، وإطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فضلاً عن رهان إصلاح منظومة أراضي الجماعات السلالية.
وأشارت وزارة الداخلية إلى أنها خطت خطوات كبيرة في مجال تطوير منظومة تدبير الموارد البشرية المرتبطة بهيئة رجال السلطة؛ حيث تم التأسيس بداية 2019 لتجربة فريدة من نوعها، تتعلق بتنزيل نظام جديد ومتكامل لتقييم نجاعة أداء رجل السلطة. كما جرى خلال الاجتماع تجديد دعوة كافة مصالح وزارة الداخلية إلى المثابرة على بذل الجهود، والتنزيل السليم لتوجيهات الملك، و«الحرص على الاهتمام بمصالح المواطنين والعناية بشؤونهم، والنهوض بالمسؤوليات بكل ما تستلزم من صدق وإخلاص ونزاهة واستقامة ومثابرة».
في غضون ذلك عين العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، مديراً جديداً للتشريفات الملكية والأوسمة، هو عبد العالي بلقاسم، المكلف مهمة بوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، وذلك خلفاً للمدير السابق عبد الجواد بلحاج.
وكان بلحاج قد أبعد من مهامه منذ عدة شهور، ولم يظهر في كثير من الأنشطة الملكية، بينما بدأ نجم بلقاسم يرتفع.
وبلقاسم ضابط سامٍ في الجيش برتبة كولونيل مأجور (عميد)، وهو ثالث مدير للتشريفات الملكية والأوسمة في عهد محمد السادس.
وسبق أن شغل هذا المنصب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الجنرال الراحل مولاي حفيظ العلوي، الذي كان وزيراً للقصور الملكية والتشريفات والأوسمة، وخلفه عبد الحق المريني (في عهد الحسن الثاني)، وذلك تحت اسم «مدير التشريفات الملكية والأوسمة»، وظل في منصبه حتى عام 2010؛ حيث خلفه بلحاج، بينما عين المريني مؤرخاً للمملكة ومحافظاً لضريح محمد الخامس في الرباط.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».