آلة الحرب ورهانات الدبلوماسية في ليبيا

انقسامات حادة تغذيها أطراف خارجية

آلة الحرب ورهانات الدبلوماسية في ليبيا
TT

آلة الحرب ورهانات الدبلوماسية في ليبيا

آلة الحرب ورهانات الدبلوماسية في ليبيا

غيّرت الحرب على طرابلس كثيرا من واقع الحياة السياسية والاجتماعية في ليبيا بالشكل الذي باتت تستحيل معه فرص العودة إلى «المربع الأول». فالمعركة التي اتجهت إلى تدمير القواعد الخلفية في الجفرة ومصراتة، لكسر الجمود العسكري، ما زالت منذ اندلاعها، في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، تُراكم القتلى وتزيد أعداد اليتامى، بموازاة مساعٍ دولية خجولة تبحث عن مسار لوقف إراقة الدماء، أو على الأقل هدنة تتزامن مع قدوم عيد الأضحى.
هذه التطورات تأتي في وقت يتعرض فيه الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السادس لدى ليبيا، لحملة انتقادات واسعة من سلطات طرابلس، على خلفية إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الأسبوع الماضي. هذا المفصل زاد الأمور تعقيداً، سواء باتجاه محاولات لخلخلة الأزمة، أو العودة بها إلى طاولة التفاوض مجدداً، وفقاً لمتحدثين لـ«الشرق الأوسط»، لكن منهم من يرى أن «أي تحركات دولية لوقف الحرب دون حل إخراج الميليشيات من طرابلس، ستبقي على الحرب مؤجلة حتى حين».

معركة طرابلس التي دخلت شهرها الرابع في ليبيا بين «الجيش الوطني الليبي» وقوات «حكومة الوفاق» طرحت كثيرا من الأسئلة، وكثيرا من الأمنيات، بين طرفين متناقضين: الأول يرى ضرورة حسمها سريعاً دون تلكؤ. والآخر يسأل: أليس هناك من عاقل يستطيع وقفها، ولجم شراستها؟
لكن من دون انتظار أي إجابات، يظل المؤكد أن هذه الحرب تسببت منذ اندلاعها في سقوط نحو 1100 قتيل، وإصابة 5762 بجروح بينهم مدنيون، كما تخطى عدد النازحين مائة ألف مواطن.

- مصراتة مقابل الجفرة
في وقت قريب من زمن العملية العسكرية، التي يقول المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، إنها تستهدف «تحرير» العاصمة من «الإرهاب» والميليشيات المسلحة، راوحت المعركة مكانها بين كر وفر، مع تحقيق بعض المكاسب، وتبادل المواقع التي يتيسر الاستيلاء عليها. إلا أنها اتخذت مؤخراً مساراً مغايراً بالاتجاه إلى تدمير القواعد الخلفية لكلا الفريقين المتقاتلين، في مسعى لقطع خطوط الإمداد، وشل حركة «الخصم».
متابعون لمجريات القتال، يرجعون انتقال المواجهات العسكرية إلى الجفرة ومصراتة، لما سموه «عجز القوتين المتحاربتين في تحقيق نتيجة عسكرية حاسمة بمعركة طرابلس»، إلا أن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» يرى أنه «يحقق تقدماً ملموساً على الأرض»، وأن سلاح الجو «بات يفرض سيطرته على كامل التراب الليبي».
من جهتها، لم تتوقف قوات «حكومة الوفاق» بقيادة فائز السراج، المدعوم دولياً، والتي منعت العاصمة من السقوط إلى الآن، عند صد قوات الجيش فقط، بل وجهت المقاتلات الحربية والطائرات المسيرة، إلى قصف قاعدة الجفرة في قلب الصحراء الليبية. وهذه القاعدة (650 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس) تعد بوابة تربط بين مدن شرق وجنوب وغرب ليبيا، وتتخذها قوات «الجيش الوطني» نقطة انطلاق لعمليات وإمداد رئيسية.
ولقد عبّرت قوات السراج، عما سمته «فخرها بما قام به سلاح الجو من عمل قتالي مدروس ومحكم كبّد (العدو) خسائر كبيرة جداً». وقالت إنها دمرت (حظيرة طائرات) تابعة لـ«الجيش الوطني» كانت تنتظر في قاعدة الجفرة. وعلى الرغم من نفي الجيش، نقلت وسائل إعلام محلية تابعة لـ«الوفاق» عن صحيفة «كوميرسانت» الروسية، مقالاً للكاتب الصحافي كيريل كريفوشييف، حول ما حدث لطائرتي نقل أوكرانيتين في قاعدة الجفرة الجوية، تحت عنوان: طائرتا «إيل» الأوكرانية احترقتا في الصحراء الليبية، وتساءل: من أين حملتا السلاح؟
وفيما يخص مصراتة، سارع سلاح الطيران التابع لـ«الجيش الوطني» في اليوم التالي بنقل المعركة إلى قلب المدينة (200 كيلومتر شرق طرابلس) التي تعد معقل القوة الرئيسية لـ«حكومة الوفاق»، وقصف الكلية الجوية بمصراتة. وتحدث في حينه العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي، آمر المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، عن «إصابة عدد من العسكريين الأتراك، الذين يدربون عناصر الميليشيات في الكلية»، وهذه التحركات العسكرية غير المعتادة دفعت المبعوث الأممي للتحذير من «اتساع النطاق الجغرافي للعنف» بين القوتين المتقاتلتين.

- صالح: مؤامرة دولية!
وصول المقاتلات الحربية لكلا الفريقين إلى الجفرة ومصراتة، يراه متابعون عملية نوعية على المسار العسكري لن تكون الأخيرة. ويتوقع المتابعون تمدداً لنيران الحرب إلى مناطق خارج العاصمة، خاصة بعد دعوة حفتر قواته «بألا تأخذهم رأفة بمن يمنعهم عن (تحرير) طرابلس»، فضلاً عن تأكيده أن القوات المسلحة هدفها تحرير البلاد من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها.
تصريحات حفتر، التي بشّر خلالها بأن «الجيش الوطني» سيرفع راية النصر في طرابلس قريباً، قرئت على نحو أن الرجل الأقوى في البلاد، ماضٍ باتجاه الاستمرار في المعركة العسكرية حتى نهايتها، بغض النظر عن أي جهود تبذل للحيلولة دون ذلك.
واستكمالاً للمسار المناهض لجانب من السياسات الخارجية حيال ليبيا، اشتكى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، من أن بلاده تتعرض منذ سنوات «لمؤامرة دولية»، وأن «تركيا وقطر وتنظيم (الإخوان) من المتآمرين عليها». وقال إن «بريطانيا وإيطاليا لعبتا دوراً في التآمر». ومضى صالح يقول إن «الجيش يحارب ضد الميليشيات الإرهابية في ليبيا، بأسلحة قديمة، وإنه (الجيش) يتعاون مع بلاد (صديقة) للحصول على الدعم والسلاح».
ولكن، حديث رئيس مجلس النواب عن «المؤامرة الدولية» على بلاده، لم يمنع إيطاليا وبريطانيا من التحرك صوب إيجاد حل «لوقف الحرب على طرابلس»، فالأولى تعهدت على لسان وزير داخليتها نائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني، بالضغط على الاتحاد الأوروبي، لوقف الحرب. ونقلت وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» عن سالفيني قوله إن «الهجوم على العاصمة يجب أن يتوقف، وأنه على الدول التي تتدخل في الشأن الليبي التوقف عن هذا التدخل من أجل استقرار ليبيا». وذهب الوزير الإيطالي إلى أن حكومة بلاده «ستكون أكثر صرامة خلال الاجتماع القادم الذي سيعقد مع دول الاتحاد الأوروبي، من أجل وضع حد لما وصفه بـ(العدوان على العاصمة)».
كذلك نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر دبلوماسية، تقدم بريطانيا للدول الأعضاء بالمجلس حول ليبيا، بمسودة بيان يدين الحرب على طرابلس، وذلك عقب يومين من الإحاطة الأخيرة لسلامة.

- طرد الميليشيات
في مطلق الأحوال، «عسكرة المواقف» بين الجانبين، لم تمنع التحركات الدبلوماسية قدماً. وهو ما بدا قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن الأخيرة منتصف الأسبوع الماضي، إذ أجرى المبعوث الأممي الدكتور سلامة مجموعة من اللقاءات في طرابلس وبنغازي، التقى خلالها السراج وحفتر، سعياً لوقف التصعيد العسكري وإعادة إحياء العملية السياسية.
والسراج، بدوره، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش مشاركتهما في تشييع جنازة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، وهو اللقاء الذي وصفته السفارة الفرنسية في ليبيا بأنه «يستهدف الدعوة لاتفاق سياسي تحت إشراف الأمم المتحدة».
بيد أن الحديث عن دعوات وقف الحرب والعودة إلى طاولة التفاوض، دفع عضو مجلس النواب صالح أفحيمة، إلى القول إن «الحرب هي نتيجة لفشل الحلول السياسية»؛ لكنه لم يمانع في هدنة تزامناً مع قدوم عيد الأضحى. وذهب أفحيمة، النائب عن مدينة طبرق بـ(شرق البلاد) في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحرب التي يخوضها «الجيش الوطني» في طرابلس، هي «حرب مؤجلة منذ عام 2014»، مكملاً «كل الجهود الدبلوماسية ما لم تتمكن من حل الإشكال القائم بإخراج الميليشيات المسلحة من طرابلس، وتمكين (الجيش الوطني) من دخول ثكناته بالمدينة، فإن أي حديث عن وقف العملية العسكرية بمثابة حرب مؤجلة».
غير أن بشير زعبية، رئيس تحرير صحيفة «الوسط» الليبية، طرح مجموعة من التساؤلات تتعلق بمن سيجلسون إلى طاولة التفاوض، والملفات التي ستناقشها بعد شهور من الحرب الدامية. وزاد زعبية في إدراج على حسابه عبر «فيسبوك» من تساؤلاته: «ماذا تبقى من (غدامس) صالحا ليكون حاضراً؟... وهل يمكن أن تتجاهل تموضعات الأطراف الرئيسية التي أنتجتها الحرب؟ وإلا، فستبقى هذه الدعوات مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، واللعب على حبل الوقت»!
وهنا نشير إلى أن العملية العسكرية التي أمر المشير حفتر، بشنها على طرابلس، تسببت في إرجاء «الملتقى الوطني» الذي كانت دعت إليه البعثة الأممية بمدنية غدامس في 14 أبريل (نيسان) الماضي، بالجنوب الغربي الليبي، وقال سلامة حينها: «لا يمكن لنا أن نطلب الحضور للملتقى والمدافع تُضرَب والغارات تُشَنّ»، مؤكداً تصميمه على عقد الملتقى «وبأسرع وقت ممكن». وهو ما لم يحدث إلى الآن.

- «البديل الأميركي» لسلامة
الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي، بحديثه عن «وجود مرتزقة أجانب وجماعات متطرفة يشاركون بالقتال ضمن صفوف قوات (الوفاق) عرضته لحملة انتقادات واسعة، وصلت إلى مطالبة قطاع كبيرة من سلطات طرابلس، بـ«طرده وإخراجه من البلاد فوراً». ووصفه مسؤولون لـ«الشرق الأوسط» بأنه «لم يعد الطرف النزيه، وأنه يدعم الانقلاب العسكري». في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني». ولكن، لا بد من القول، إن أي مبعوث أممي لم يحظَ قط برضا طرفي النزاع في (شرق وغرب) ليبيا. إذ سبق أن تعرض سلامة لحملة مشابهة من الموالين لـ«الجيش الوطني» بزعم أنه أغفل ذكر «دور الجيش في محاربة الإرهاب»، وأثنى على «الجانب الآخر» المتمثل في سلطات طرابلس، خلال حديث سابق أمام مجلس الأمن.
في هذه الأثناء، حمّل سياسيون ونواب ينتمون إلى العاصمة، من بينهم العضو حمودة أحمد سيالة، المبعوث الأممي، المسؤولية في القصف الأخير على مطار معيتيقة الدولي بطرابلس، من قبل قوات «الجيش الوطني». وقال سيالة إن «هذا الهجوم العنيف جاء بسبب الإحاطة الأخيرة لسلامة». وتساءل: «هل تعلم يا سيد سلامة أن عدم إدانة المعتدي وعدم تسميتك الأشياء بأسمائها تسببا في قصف وقتل 50 مهاجراً وعدد من الأطباء والمسعفين؟». واستطرد متهكماً: «هل اقتصرت معرفتك باللغة العربية والنحو على المبني للمجهول وعجزت عن تبيان الفاعل والمفعول به وتمييز المعتدي من المعتدى عليه؟».
الحقيقة، أن حملة الانتقادات غير المسبوقة التي تعرض لها المبعوث الأممي، ساهم فيها كل من له صلة بـ«حكومة الوفاق»؛ بل إن المفتي المعزول الصادق الغرياني، الذي يقيم في تركيا دخل على خط الأزمة، وأفتى بضرورة طرد سلامة من ليبيا. إذ عبر قناة «التناصح» التي يمتلكها نجله سهيل وتبثّ من تركيا، طالب الشعب الليبي بجمع التواقيع للمطالبة بإنهاء خدمته وطرده من ليبيا؛ «لأنه لا يستحق أن يبقى بيننا بعد كل هذه الافتراءات».
لكن على الجانب الآخر بالبلاد مَن امتدح إحاطة الدكتور سلامة أمام مجلس الأمن، ورأى أنها كشفت عن تفاصيل تتعلق بتركيبة القوات التي تحارب في صفوف «الوفاق»، وذهب الصحافي والإعلامي عيسى عبد القيوم، إلى أن إحاطة سلامة كانت «الأكثر توازناً من حيث المعلومات والالتزام بالتشريعات الليبية». وتطرق عبد القيوم إلى تأثير كلمة سلامة على الإعلام الموالي لسلطات طرابلس. وقال: «يحاول إعلام الدوحة عبثاً التخفيف من وقع إحاطة سلامة على سلامة وضعهم السياسي بعد (تلبُك) وضعهم العسكري».
وأمام هذه الحملة التي يتعرض لها المبعوث الأممي حذر المحلل السياسي الليبي محمد عمر محمد بعيو، من مغبة العراك، متحدثاً باللهجة المحلية: «طريقة الليبيين لمّا يتعاركوا بدل ما يوقفوا العركة يضربوا الحزّاز». والحزّاز هو الشخص الذي يفضّ النزاع أو الخلاف، في إشارة إلى غسان سلامة.
ورأى بعيو أن المبعوث الأممي «سيذهب وبديلته جاهزة وهي الست ستيفاني امرأة وأميركية، وجرّبوا اضربوها يا أشاوس». وستيفاني تي. ويليامز، هي نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للشؤون السياسية، وكانت القائمة بالأعمال الأميركية السابقة في البلاد.

- الحل في الخارج
كثيرون ممن تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» يرون أن معضلة الأزمة الليبية المستحكمة، منذ إسقاط الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، تتمثل في التدخل الخارجي في البلاد بشكل واسع وملحوظ، واحتكام أطراف النزاع الداخلي إلى أطراف خارجية تملي عليها ما تريد، ويرون أن بلادهم أضحت «ساحة مفتوحة لتجريب السلاح». وعلى مسار مشابه، شهدت أميركا وروسيا تحركات ليبية هي الأولى من نوعها، عندما اتجه أعضاء مجلس النواب الليبي (المنقسمون إلى جبهتين) إلى الكونغرس الأميركي، ووزارة الخارجية الروسية في زيارتين متعاقبتين.
وبعد يومين فقط، من زيارة وفد البرلمان الليبي في طبرق (شرق) للولايات المتحدة الأميركية، ولقاء المسؤولين في الكونغرس «لإيضاح صورة ما يحدث في ليبيا»، سارع أعضاء مجلس النواب عن طرابلس (غرب)، إلى روسيا، في زيارة استهدفت هي الأخرى إطلاع الجانب الروسي على «حقيقة ما يجري في معركة طرابلس».
وعليه يرى كثير من الليبيين أن أزمة بلادهم لن تحل «إلاّ إذا تحرر ساستها من عقدة الارتباط الخارجي، وتنفيذ ما يملى عليهم من القوى الخارجية»!


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.