لبنان: الحريري يرجئ جلسة للحكومة 48 ساعة بانتظار انحسار التوتّر

مساعٍ حثيثة للتهدئة بعد حادث الجبل الدامي

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى إعلانه تأجيل جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى إعلانه تأجيل جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لبنان: الحريري يرجئ جلسة للحكومة 48 ساعة بانتظار انحسار التوتّر

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى إعلانه تأجيل جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى إعلانه تأجيل جلسة الحكومة (الوكالة الوطنية للإعلام)

أدّت الأجواء المحتقنة في لبنان على اثر الحوادث الدامية التي وقعت في منطقة الجبل الأحد، إلى إعلان رئيس الوزراء سعد الحريري، اليوم (الثلاثاء)، تأجيل جلسة لمجلس الوزراء 48 ساعة.
وقال الحريري خلال إعلانه هذه الخطوة، إن القضاء سيتخذ كل الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن إطلاق النار في قرية قبرشمون الذي أدى إلى مقتل مرافقَين من مرافقي ووزير شؤون النازحين صالح الغريب. وأضاف: «اكتمل نصاب جلسة مجلس الوزراء اليوم، لكن قررنا أن نأخذ نَفَساً، فهناك مشكلة في البلد ونحن نحتاج الى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان، ولذلك قررت تأجيل جلسة اليوم».
وبدأت الأحداث في منطقة عاليه لدى احتجاج أنصار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على زيارة للمنطقة كان يقوم بها رئيس حزب التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل المتحالف مع الحزب الديمقراطي اللبناني الذي ينتمي إليه الغريب والذي يتزعمه النائب طلال أرسلان.
وألغى باسيل زيارة قرية كفرمتى، المرحلة الأخيرة من جولته في منطقة عاليه، تجنباً لأي مشكلة أمنية. غير أن ذلك لم يمنع من وقوع الحادث لدى مرور موكب الغريب وسط المحتجين عندما كان عائداً من لقاء مع باسيل في قرية أخرى.
واتهم الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يتزعمه جنبلاط، مرافقي الغريب، بفتح النار بينما قال الأخير إن «مكمناً مسلحاً» استهدفه.
وبعد انعقاد المجلس الأعلى للدفاع الذي يضم كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين أمس (الإثنين) بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون، تسارعت اليوم المعالجات لتطويق ذيول ما حصل، خصوصاً أن ذوي المرافقين اللذين قُتلا يرفضون دفن الجثمانين قبل تسليم مطلقي النار إلى السلطات.
ويُذكر في هذا الإطار أن طلال أرسلان وحلفاءه يطالبون بإحالة القضية على المجلس العدلي، وهو محكمة استثنائية تشكَّل من كبار القضاة للنظر في جريمة تهدّد أمن البلاد ولا تقبل أحكامها أي طريق من طرق المراجعة. إلا أن الحريري لم يبدِ حماسة لذلك، وقال رداً على سؤال إن القضاء العادي قادر على معالجة الموضوع بسرعة.
ودخل على خط المعالجات بتكليف رسمي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي بدأ حركة مكوكية لتنفيس الاحتقان. ولعل ما سيساهم إيجاباً في المهمة بدء تسليم المطلوبين في ما حصل الأحد. وقد أعلن الجيش في بيان أنه تسلّم اثنين من المشتبه بهم حتى الآن.
ويحصل كل ذلك فيما يزور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد لبنان للقاء المسؤولين الكبار، وهو مكلف رعاية المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لتحديد الحدود البرية والبحرية، الأمر الحيوي بالنظر إلى وجود حقول للغاز تحت مياه البحر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.