الأمن المصري يتصدى لهجوم «إرهابي» شمال سيناء

السعودية تدين العملية الإرهابية... ومقتل 7 مدنيين بقذيفة مجهولة في العريش

TT

الأمن المصري يتصدى لهجوم «إرهابي» شمال سيناء

شهدت مدينة العريش على ساحل شمال سيناء بمصر، إحباط قوات الشرطة محاولات لعناصر إرهابية استهداف حواجز بمنطقة المساعيد. وأفاد مصدر أمني، فضل عدم ذكر اسمه، «الشرق الأوسط»، بأنه «عشية أول من أمس، تم رصد تحركات لعناصر إرهابية بمحيط حاجز أمني على مدخل منطقة المساعيد (غرب العريش)، وحاجز أمني آخر لتأمين كنيسة مارمينا والبابا كيرلس بالمنطقة، وتم استهداف العناصر وإحباط محاولة استهداف الأكمنة».
وقال أحمد سعد، موظف (34 سنة)، وهو من سكان المنطقة المحاذية لهذه الأكمنة، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم «سمعوا إطلاق نار بكثافة من أسلحة متوسطة، أعقبه إغلاق قوات الأمن لحركة السير على الطريق الرئيسية الرابطة بين منطقة المساعيد وبقية أنحاء مدينة العريش، واستمر إطلاق النار لنحو 10 دقائق بشكل متواصل، وسط حالة رعب من الأهالي، ثم أعيد فتح الطريق بعد إغلاق استمر لنحو ساعة؛ خلالها سمع دوي انفجار هائل في منطقة غرب العريش».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن اللواء رضا سويلم، مدير أمن شمال سيناء، قوله إن قوات الأمن تمكنت من قتل اثنين من المهاجمين، وأصابت اثنين آخرين، بينما أصيب أمين شرطة ومجند.
وجاء الهجوم بعد 24 ساعة من إعلان الداخلية المصرية مقتل ضابط و6 مجندين، ومقتل 4 من العناصر الإرهابية، خلال مواجهات بمدينة العريش. في غضون ذلك، قتل 7 مدنيين في انفجار قذيفة صاروخية سقطت على مجلس بدوي بالعريش مساء أول من أمس، نقلت جثامينهم، بعد تحول أجزاء منها لأشلاء، لمشرحة مستشفى العريش العام.
وبحسب مصادر قبلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن القتلى من أبناء قبيلة السواركة (إحدى أكبر قبائل سيناء)، كانوا يوجدون في منطقة تجمع الصالحين التابعة لقرية الميدان، على بعد 17 كيلومتراً من مدينة العريش غرباً، في مجلسهم، وبعد حلول موعد أذان العشاء، تعرضوا لسقوط قذيفة أودت بحياتهم جميعاً.
وقال سلامة السواركة، مُعلم من أبناء المنطقة، لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئنا بسماع صوت انفجار قوي وتصاعد للدخان من موقع سقوط القذيفة، فهرعنا للمكان ووجدنا من كانوا في المجلس بعضهم تحول لأشلاء، وتم على الفور استدعاء سيارات الإسعاف».
وأكدت مصادر طبية بمستشفى العريش نقل 6 جثث وبقايا أشلاء بشرية لشخص، ومن بين القتلى طفل يقدر عمره بنحو 12 سنة، تم التحفظ عليها بمشرحة مستشفى العريش وبدأت جهات التحقيق المختصة مباشرة الاستماع لأقوال ذويهم حول الواقعة.
ونشر «اتحاد قبائل سيناء»، وهو تجمع من أبناء القبائل المتعاونين مع قوات الجيش والشرطة في العمليات الأمنية في سيناء، بياناً جاء فيه: «تأكد استشهاد 7 مواطنين من قبيلة السواركة بتجمع الصالحين... نتيجة سقوط قذيفة صاروخية أثناء تجمعهم بمقعد العائلة الخاص بهم». ورسمياً لم يصدر أي بيان من أي جهة حول الحادث، فيما تحدث مصدر أمني بشمال سيناء لـ«الشرق الأوسط»، اشترط عدم ذكر اسمه، بأنه «تمت مباشرة التحقيق في الواقعة من الشرطة والنيابة العامة، وقام فريق من النيابة بمناظرة الجثث، ولم يوجه ذووهم أي اتهام لأي جهة بالمسؤولية، وصرحت النيابة بدفن الجثث». وتشهد مدينة العريش استمراراً لحالة التأهب الأمني ومراجعة القوات الأمنية على الحواجز الثابتة والمتحركة في الشوارع الرئيسية والفرعية، وإجراء فحص أمني لمن يتم الاشتباه فيه.
وبالتزامن مع حالة التأهب داخل المدينة، تسير الحياة اليومية بشكلها الطبيعي في الأسواق والمقرات الحكومية، كما لم يتأثر إقبال الأهالي اليومي على شاطئ المدينة بعد ساعات الظهر حتى منتصف الليل؛ حيث موعد حظر التجوال الذي يفرض يومياً، من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حتى الخامسة صباحاً.
وجاء ارتفاع وتيرة الأحداث الإرهابية في العريش بعد عامين من عودة الحياة لطبيعتها في العريش. وكانت آخر عملية إرهابية في المدينة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، عندما استهدف مسلحون مقراً لأحد البنوك، واستولوا على أموال من خزانته، وقتلوا 3 من قوات الشرطة.
وتقاتل قوات الأمن المصرية منذ سنوات مجموعات مسلحة في شمال سيناء، تَدين في معظمها بالولاء لتنظيم «داعش». وفي فبراير (شباط) 2018، بدأت قوات الجيش بمشاركة الشرطة عملية واسعة النطاق ضد تلك المجموعات.
وتراجعت وتيرة الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن خلال الفترة الماضية، بينما أقدمت السلطات، قبل شهور، على إجراءات لتخفيف القيود المتعلقة بالسفر ونقل البضائع وتوفير الوقود في سيناء، والتي كانت تخضع لترتيبات صارمة لمنع وصولها إلى العناصر «الإرهابية» أو لمنع تسلل آخرين إلى المنطقة.
وأعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها الهجوم الإرهابي الذي استهدف منطقة تمركز لقوات الشرطة بمدينة العريش في شمال سيناء بمصر، وما نتج عنه من سقوط عدد من عناصر الأمن المصري.
وبحسب البيان الذي نقلته «وكالة الأنباء السعودية (واس)»، أمس، عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية، فإن الرياض جددت موقفها المتضامن مع مصر ضد جميع مظاهر العنف والإرهاب والتطرف، فيما قدم المصدر العزاء والمواساة لذوي الضحايا وللحكومة وللشعب المصري.
كما أدانت البحرين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف منطقة تمركز لقوات الشرطة في شمال سيناء، معربة عن بالغ تعازيها وخالص مواساتها لأهالي وذوي الضحايا جراء هذا العمل الإرهابي.
وشددت وزارة الخارجية البحرينية في بيان لها أمس، على موقف بلادها الثابت الداعم لمصر، وجهودها الحثيثة في مواجهة العنف والإرهاب، ومساعيها الدؤوبة لترسيخ الأمن والسلم، مؤكدة على ضرورة توثيق التعاون الدولي من أجل القضاء على الإرهاب بكل صوره وأشكاله.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.