مسؤولون فلسطينيون: الحصار المالي يشتد والوضع على شفا انهيار

أشتية يتحدث عن «سياسة ابتزاز»

TT

مسؤولون فلسطينيون: الحصار المالي يشتد والوضع على شفا انهيار

قال مسؤولون فلسطينيون إن الحصار المالي على السلطة الفلسطينية يشتد، محذرين من انهيار مالي محتمل إذا ما استمر الوضع على حاله. واتهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، الإدارة الأميركية الحالية «بانتهاج سياسة الابتزاز تجاه الفلسطينيين»، وتضييق الخناق عليهم، من خلال الحرب السياسية والمالية ضدهم، لإجبارهم على الاستسلام والقبول بصفقة القرن المزعومة.
أشتية قال في تصريح أمس إنه «من غير المحتمل الاستمرار والقبول بالوضع القائم، ولن يتم القبول إلا بحل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، مع ضمان حق اللاجئين». وجاءت اتهامات أشتية في وقت وصف فيه مسؤولون آخرون الوضع بالصعب، إذ قال وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» حسين الشيخ، إن الحصار المالي «يشتد ضراوة» على السلطة الفلسطينية، في ظل مقاطعتها الإدارة الأميركية ورفضها المسبق مبادرة «صفقة القرن» التي تبلورها واشنطن للسلام مع إسرائيل. وغرّد الشيخ على حسابه في موقع «تويتر» قائلاً: «ربما يستطيعون تدميرنا، ولكن المؤكد لا يقدرون على هزيمتنا».
وأضاف الشيخ: «الحصار المالي يشتد ضراوة على السلطة الفلسطينية، بهدف تركيعنا والقبول بعروض التنازل عن ثوابتنا الوطنية، والحرب العلنية والخفية ضد القيادة ترتفع وتيرتها، والتاريخ يعيد نفسه، والمؤكد هو انتصار إرادتنا».
ما يستحق الذكر، أنه في الأشهر الثلاثة الأخيرة تعمقت أزمة السلطة المالية بشكل غير مسبوق، بعدما واصلت إعادة أموال المقاصة إلى إسرائيل، بسبب خصم تل أبيب منها. وفي فبراير (شباط) الماضي، بدأت تل أبيب بخصم مبلغ 42 مليون شيكل (نحو 11.5 مليون دولار) شهرياً من أموال العوائد الضريبية التي تحولها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، وقرّرت ذلك بشكل مستمر خلال عام 2019، بإجمالي 504 ملايين شيكل (نحو 138 مليون دولار)، وهو مبلغ يوازي ما دفعته السلطة لعوائل شهداء وأسرى في العام 2018. فردّت السلطة برفض تسلم أي مبالغ مجتزأة، وردت المقاصة كاملة لإسرائيل.
للعلم، تشكل هذه الأموال الدخل الأكبر للسلطة، ما سبّب أزمة مالية كبيرة. إذ تدفع السلطة منذ شهور نصف راتب لموظفيها، ضمن موازنة طوارئ وضعتها الحكومة حتى شهر يوليو (تموز) المقبل. وفي الاتجاه نفسه، قال عزامك الشوا، رئيس سلطة النقد الفلسطينية، إن الوضع المالي الفلسطيني على شفا الانهيار. وأبلغ الشوا وكالة «رويترز» أن الضغوط المالية المتصاعدة على السلطة الفلسطينية دفعت ديون السلطة للارتفاع بشدة إلى 3 مليارات دولار أميركي، وأفضت إلى انكماش حاد في اقتصادها، الذي يقدر حجمه بـ13 مليار دولار، وذلك للمرة الأولى خلال سنوات... وبالتالي: «نمر حالياً بنقطة حرجة».
وتابع رئيس سلطة النقد، التي تُعد المعادل الفلسطيني لبنك مركزي، قائلاً: «ماذا بعد؟! لا نعرف. كيف سندفع الرواتب الشهر المقبل؟ كيف سنموّل التزاماتنا؟ كيف ستستمر الحياة اليومية دون سيولة في أيدي الناس؟». وأضاف أثناء زيارة إلى الأردن: «لست أدري إلى أين نتجه. عدم التيقن يجعل من الصعب التخطيط للغد».
أزمة السلطة المالية باتت، في الواقع، أزمة مركبة بسبب قطع الولايات المتحدة كذلك أموال المساعدات عنها. ويُنظر على نطاق واسع إلى التخفيضات العميقة في المساعدات الأميركية على مدى العام المنصرم، كمحاولة للضغط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى طاولة التفاوض، بعدما قطعت الاتصالات السياسية مع إدارة الرئيس دونالد ترمب عام 2017. ويومذاك، جاءت تلك الخطوة عقب قرار الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة، رغم وضعها الدولي المتنازع عليه، في ارتداد عن سياسة أميركية دامت عقوداً.
واليوم، يرغب البيت الأبيض في أن ينخرط الفلسطينيون بخطة سلام لمنطقة الشرق الأوسط طال انتظارها، وضعها جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي. ومن المرتقب الكشف عن الجانب الاقتصادي من الخطة خلال مؤتمر يُعقد في البحرين الأسبوع المقبل، يقرر الفلسطينيون مقاطعته بسبب ما يقولون إنه انحياز واشنطن للموقف الإسرائيلي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.