لافروف: شركاؤنا الأتراك ينفّذون التزاماتهم في إدلب

قلل من المخاوف الدولية بشأن الوضع الإنساني

TT

لافروف: شركاؤنا الأتراك ينفّذون التزاماتهم في إدلب

سعى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، إلى تخفيف حدة الانتقادات التي وجهتها موسكو في الأسابيع الأخيرة، ضد أنقرة بسبب «الفشل في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق سوتشي»، وقال إن «تركيا تسعى بشكل ملحوظ للقيام بمسؤولياتها لتهدئة الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب». لكن الوزير تعمد في الوقت ذاته، التقليل من المخاوف الدولية حول الوضع الإنساني واحتمال أن تشهد المنطقة نزوح نحو مليوني نسمة، ورأى أن هذا الملف مرتبط بتطبيق الاتفاقات الروسية – التركية.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده في موسكو، أمس، مع وزير خارجية غرينادا، بيتر ديفيد، إن بلاده «تعلم أن شركاءنا الأتراك يعملون جاهدين على تنفيذ التزاماتهم بموجب اتفاق سوتشي حول إدلب، والمتمثلة في فصل المعارضة السورية المسلحة القادرة على الاتفاق والمستعدة للانخراط في العملية السياسية، عن عناصر العصابات الذين يرفضون أي اتفاقات ولا يمكن أن يقبلوها». مضيفاً أن «الأطراف التي ترفض التهدئة وتنفيذ اتفاقات وقف النار يتعين معاملتها كالإرهابيين».
كانت موسكو وأنقرة قد توصلتا في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى اتفاق على إعلان منطقة منزوعة السلاح على خط التماسّ بين المسلحين والجيش السوري في إدلب. لكن الجانب الروسي اتهم أنقرة أكثر من مرة خلال الشهور الماضية بأنها «لم تتمكن حتى الآن من الوفاء بالتزاماتها».
في الوقت ذاته، جدد لافروف الدفاع عن العمليات العسكرية التي يشنها الطيران الروسي والقوات الحكومية السورية في مناطق إدلب ومحيطها، وقال إن الجيش السوري «لن يتهاون مع اعتداءات الإرهابيين من إدلب»، معرباً عن «تفهّم موسكو الكامل لموقف الحكومة السورية من هذه المسألة»، وجدد تأكيد أن روسيا «تدعم القوات السورية في مساعيها للقضاء بسرعة على مصادر الانتهاكات الخطيرة لنظام وقف التصعيد في المنطقة».
وتطرق الوزير الروسي إلى المخاوف الدولية من اندلاع أزمة نزوح جديدة واسعة النطاق، وقال إن «مشكلة اللاجئين السوريين في شمال غربي سوريا يمكن حلها بعد التنفيذ الكامل لمذكرة سوتشي، وبعدما تفي تركيا بالتزاماتها بالكامل».
وكان منسق الأمم المتحدة للأزمة الإنسانية في سوريا قد حذّر في وقت سابق من احتمال وقوع موجة نزوح كبيرة جديدة تشمل نحو مليوني سوري يمكن أن يتجهوا إلى تركيا إذا استمر التصعيد في مناطق الشمال الغربي.
وقال لافروف إن «السوريين في منطقة التصعيد في إدلب، وجدوا أنفسهم رهائن لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي». وزاد أنه (التنظيم) «يمارس الإرهاب ليس ضد المدنيين وحسب بل ضد المجموعات المسلحة الأخرى التي لا تتفق معه».
ورأى أن «الحل النهائي للوضع الإنساني يكمن فقط في التنفيذ الكامل لمذكرة سوتشي».
وزاد الوزير: «لقد أخذ أصدقاؤنا الأتراك على عاتقهم مهمة ضمان مثل هذا التفكيك بين المعارضة المسلحة والمجموعات الإرهابية، وبمجرد حدوث ذلك، سيتم تخفيف معاناة هؤلاء المليوني مدني وسيكونون قادرين على العيش في سلام». داعياً تركيا إلى تسريع تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقات الثنائية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في وقت سابق أنها تتوقع مغادرة 80 ألف شخص عبر المعابر التي أعلنت السلطات السورية عن فتحها حول محافظة إدلب نهاية الشهر الماضي، في حال استمر التصعيد العسكري الحالي.
وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا اللواء فيكتور كوبتشيشين، إن استعدادات تقوم بها الحكومة السورية بالتعاون مع الجانب الروسي لإيواء الراغبين في مغادرة منطقة حفض التصعيد في إدلب. وزاد أن المعطيات المتوفرة لدى وزارة الدفاع ترجح تدفق أعداد كبيرة من النازحين، مشيراً إلى أنه تم اتخاذ تدابير لاستقبالهم في مراكز الإيواء المؤقتة في محافظات حماة وحمص ودير الزور.
وجاء حديث المسؤول العسكري الروسي خلال اجتماع خُصص لمناقشة الموقف بعد مرور نحو شهر على إعلان موسكو فتح معابر بالتعاون مع الحكومة السورية للراغبين في الخروج من المدينة، علماً بأن وزارة الدفاع أعلنت أن المعابر لم تشهد حركة نزوح خلال الفترة الماضية.
في سياق آخر، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، أطرافاً غربية بـ«تزوير الحقائق» حول حادث استخدام الأسلحة الكيماوية في مدينة الدوما السورية. وأوضح أن «هناك الكثير من الوقائع التي تُظهر مساعي التزوير المتعمدة، بدءاً من الطريقة التي تهدف إلى تجنب أي مناقشة مهنية للأدلة التي ظهرت حول ما حدث في 7 أبريل (نيسان) من العام الماضي في الغوطة الشرقية». ورغم ذلك زاد الوزير الروسي أن «بين الخبراء الغربيين مهنيين قدموا تقارير تكشف الحقيقة». وقال إن قيادة الأمانة الفنية لبعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية «رفضت تنظيم إحاطة بمشاركة جميع الخبراء الذين حققوا في الحادث الذي وقع في الدوما في أبريل 2018».
وكانت وزارة الخارجية الروسية، قد رفضت نتائج التحقيق الدولي واتهمت الغرب بالتضليل، ورأت أن «الهدف من نشر الأنباء عن قيام القوات السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية يخفي محاولة لتبرئة الإرهابيين وتبرير الضربات الغربية المحتملة على مواقع حكومية سورية».
على صعيد آخر، أعلنت الوزارة أمس، أن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، بحث مع مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي أصغر حجي، إطلاق عمل اللجنة الدستورية في سوريا.
وأفادت في بيان بأن «الجانبين بحثا العديد من القضايا الدولية والإقليمية الملحّة المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، وبالدرجة الأولى الوضع حول سوريا». وأكدت الخارجية الروسية أن الجانبين «أعارا اهتماماً كبيراً للوضع في سوريا وحولها مع التركيز على مهمة تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية في جنيف بأسرع ما يمكن».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.