الملك سلمان: لا بد من موقف رادع وحازم لمواجهة أنشطة إيران التخريبية

شدد في افتتاح القمة الخليجية الطارئة في مكة المكرمة على أن يد السعودية ستظل ممدودة للسلام... والزياني أشاد بتماسك دول التعاون

خادم الحرمين الشريفين متوسطاً قادة الدول الخليجية وممثليها بعد القمة أمس (واس)
خادم الحرمين الشريفين متوسطاً قادة الدول الخليجية وممثليها بعد القمة أمس (واس)
TT

الملك سلمان: لا بد من موقف رادع وحازم لمواجهة أنشطة إيران التخريبية

خادم الحرمين الشريفين متوسطاً قادة الدول الخليجية وممثليها بعد القمة أمس (واس)
خادم الحرمين الشريفين متوسطاً قادة الدول الخليجية وممثليها بعد القمة أمس (واس)

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أن ما يقوم به النظام الإيراني من تدخلٍ في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ودعمه للإرهاب عبر أربعة عقود، وتهديده للأمن والاستقرار «عمل ترفضه الأعراف والمواثيق الدولية».
وشدد الملك سلمان في كلمته أمام قمة قادة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت مساء أمس في قصر الصفا بمكة المكرمة، على أن بلاده حريصة على أمن واستقرار المنطقة، لتجنيبها ويلاتِ الحروب، وتحقيقِ السلام والاستقرارِ والازدهار لشعوبِ المنطقة كافة، بما في ذلك الشعبُ الإيراني، وقال: «ستظل يدُ المملكة دائما ممدودة بالسلام، وسوف تستمرُ بالعملِ في دعمِ الجهودِ كافة للحفاظ على الأمنِ والاستقرار في المنطقة».
وانطلقت أعمال قمة قادة الدول مجلس التعاون، مساء أمس في قصر الصفا بمكة المكرمة، برئاسة خادم الحرمين الشريفين، وناقشت، عددا من القضايا، من بينها التهديدات الإيرانية وتدخلاتها في دول المنطقة، بعد استهدافها عبر أذرعها التخريبية، مثل الحوثيين في اليمن والحرس الثوري الإيراني، لسفن نفطية في المياه الإقليمية قبالة سواحل دولة الإمارات، ومحطات ضخ نفط في السعودية، بتنفيذها بإيعاز من الحرس الثوري الإيراني.
وعقدت القمة بحضور الأمير محمد بن سلمان، وزعماء الخليج: الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وشهاب بن طارق آل سعيد مستشار السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة قطر، إضافة للدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وشكر خادم الحرمين قادة الدول الخليجية على تلبيتهم لدعوته لهذه القمة الطارئة. وقال: «لقد استطعنا في الماضي تجاوزَ كثير من التحديات التي استهدفت الأمنَ والاستقرار، وكذلك الحفاظ على المكتسبات وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولنا، وسنعملُ معاً بحولِ الله على مواجهة التحديات والتهديدات كافة بعزمٍ وحزم». وحذر الملك سلمان في كلمته، من أن «عدمَ اتخاذِ موقفٍ رادع وحازمٍ لمواجهة الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني في المنطقة، هو ما قادَه للتمادي في ذلك والتصعيدِ بالشكلِ الذي نراه اليوم». وطالب خادم الحرمين الشريفين المجتمعَ الدولي بـ«تحملِ مسؤولياته إزاء ما تشكله الممارساتُ الإيرانية من تهديدٍ للأمن والسلمِ والدوليين».
وأضاف أن «ما يقوم به النظامُ الإيراني من تدخلٍ في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتطويرِ برامجه النووية والصاروخية، وتهديدهِ لحرية الملاحة العالمية بما يهددُ إمداداتِ النفط للعالم، يُعد تحدياً سافراً لمواثيق ومبادئ وقوانين الأمم المتحدة لحفظ السلم والأمن الدوليين».
وقال إن «الأعمالَ الإجرامية التي حدثت مؤخراً باستهدافِ أحدِ أهم طرقِ التجارة العالمية بعملٍ تخريبي طالَ أربعَ ناقلاتٍ تجارية بالقربِ من المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وكذلك استهداف محطتي ضخ للنفط، وعدد من المنشآتِ الحيوية في المملكة، تستدعي منا جميعاً العمل بشكل جاد للحفاظِ على أمن ومكتسبات دول مجلس التعاون».
من جانبه، قال الدكتور عبد اللطيف الزياني أمين عام المجلس، في كلمته أمام القادة، إن القمة الطارئة «تنعقد في ظل وضع إقليمي بالغ الحساسية والتعقيد ينبئ بمخاطر جسيمة وتحديات صعبة تتطلب من دول مجلس التعاون اليقظة والحيطة والحذر والاستعداد، ومزيداً من التكاتف والتعاضد، للحفاظ على أمنها واستقرارها، والدفاع عن مكتسباتها وإنجازاتها ومصالحها».
وقال الدكتور الزياني إن مشاركة الدول الأعضاء بالقمة يبرهن على وحدة الصف الخليجي أمام الاستفزازات والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للمنطقة، ويؤكد العزم الثابت على تحقيق الأمن الجماعي الشامل لهذه المنظومة «في ظل استمرار الاستفزازات والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس، وما شهدته المنطقة من تهديدات وأعمال عدائية إرهابية مؤخرا».
وأضاف الدكتور الزياني: «من أجل ذلك كله جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لعقد هذه القمة الطارئة لتدارس الوضع المعقد الذي تعيشه المنطقة والتحديات التي تواجهها، واتخاذ موقف جاد وفاعل يكفل الحفاظ على أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية التي تكتسب أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي المهم لحركة التجارة الدولية، ودورها البارز في تأمين إمدادات الطاقة لدول العالم، ونموها الاقتصادي والاستثماري المتواصل، ومكانتها الإقليمية والدولية المتميز».
وضم وفد السعودية للقمة الخليجية الطارئة، الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير تركي بن محمد بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والأمير عبد الله بن بندر وزير الحرس الوطني، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والدكتور إبراهيم العساف وزير الخارجية.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».