سولير.. مدينة بنكهة البرتقال

مايوركا والإقامة في فندق معلق

سولير.. مدينة بنكهة البرتقال
TT

سولير.. مدينة بنكهة البرتقال

سولير.. مدينة بنكهة البرتقال

عندما زرت مايوركا منذ سبع سنوات، وصفت تلك الجزيرة الوادعة على البحر الأبيض المتوسط بجميلة الوجهات السياحية الإسبانية، وها أنا اليوم أتمسك برأي بعدما زرتها مجددا، وهذه المرة وقعت في حب مدينة في قلب الجزيرة اسمها «سولير» (Soller) وتنطق بالإسبانية «سوييه» تبعد عن العاصمة بالما بنحو 30 دقيقة بواسطة السيارة ويمكن الوصول إليها أيضا عبر جبال «سيرا دي ترامونتانا» والوديان بواسطة القطار الذي يعمل بالبخار وتستغرق الرحلة نحو الساعة.
سولير أو «سوييه» تقع إلى الساحل الشمالي الغربي لمايوركا إحدى جزر البليار وتعني تسميتها «الجزيرة الكبرى»، تبلغ مساحتها ثلاثة كيلومترات ويسكنها 14 ألف نسمة وتشتهر بزراعة البرتقال وبقطار «ترانفيا دي سوييه» الأثري الذي يربط المدينة بمرفئها.
إذا كنت تعاني من أي نوع من الحساسية المتعلقة بالبرتقال، فكر مليا قبل تناول أي طبق أو مشروب، فكل شيء يدخل فيه البرتقال وعصيره، كيف لا وهو سبب ثراء الجزيرة ومنطقة سولير بالتحديد، ومن أرباحه استطاع أهل المنطقة شق الجبل الذي يربط سولير بالعاصمة، كما أن اقتصاد المنطقة يرتكز بشكل جوهري على زراعة البرتقال والحمضيات والزيتون.
الساحة الشهيرة في سولير يطلق عليها اسم «كونستيتوسيو»، تصل إليها فتعرف أنك في بلاد المتوسط، مقاه تصطف جنبا إلى جنب، مقاعد في الهواء الطلق، سبيل ماء صالح للشرب، هدوء لا يتخلله إلا صيحات متوسطية ملؤها الحياة والحيوية، ولكن الصورة تتبدل في حال اخترت الذهاب إلى الساحة وقت القيلولة الذي يمتد ما بين الساعة الواحدة والثالثة ما بعد الظهر، وفي بعض الأحيان إلى الرابعة من بعض الظهر، فتكون أكثر هدوءا لأن وقت الراحة أو «السيستا» مقدس بالنسبة لأهالي المتوسط لا سيما في إيطاليا وإسبانيا.

* سولير
إذا اخترت المجيء إلى سولير عبر القطار، قف لدقائق في محطة سولير ومتع ناظريك بأعمال فنانين عمالقة أمثال بيكاسو وخوان ميرو، واللافت هو أن أعمالهما أصلية ومعروضة على جدران المحطة بمحاذاة السلالم، من دون سياج أو تأمين أي نوع من الحماية لها. ومن أهم ما يمكن أن تزوره في سولير كنيسة سانت بارتوميو ومشاهدة مبنى بنك سولير المبني على طراز معمار المبدع الإسباني أنتوني غاودي.

* تأثير عربي
من الواضح هو تأثر أهالي منطقة سولير بالعرب، كباقي معظم المدن الإسبانية، فهناك الكثير من الكلمات العربية التي لا يزال يستعملها الإسبان، كما أن الإسبان لا ينكرون فضل العرب في تطوير شبكات الري في المنطقة ومن ثم لا يبخلون على أجدادنا العرب في وصفهم أصحاب الأدمغة الذكية التي ساهمت في ثراء تلك المناطق الجبلية الزراعية.
ولكن وعلى الرغم من التأثير العربي الواضح في سولير إلا أنه لم نجد إلا عائلة خليجية واحدة، وقد يكون السبب هو توجه معظم السياح العرب إلى العاصمة بالما وقد تتغير هذه الخريطة السياحية قريبا بسبب قدوم واحدة من أهم العلامات الراقية في عالم الفنادق والضيافة «جميرا» الإماراتية التي يقع تحت لوائها شيخ الفنادق العالمية «برج العرب»، وأقول هذا لأنه بمجرد وصولك إلى المنتجع الواقع على صخرة عملاقة مطلة على مرفأ سولير سوف تشعر بأن العرب عادوا إلى إسبانيا فتشتم رائحة البخور الذكية، وتشاهد موظفين بلباس موحد استوحي تصميمه من الشرق، وبمجرد دخولك إلى البهو الرئيس يطالعك البحر وانعكاسات شعاع الشمس على الماء من خلال واجهات زجاجية عملاقة، وعندما كنت أقوم بإجراءات الإقامة لم أكن أركز على ما أقوم به، فاستدركت موظفة الاستقبال الأمر قائلة: أليس المنظر رائعا؟ الجميع يحسدني على موقع مكتبي، وبالفعل سيحسدها كل من يرى مكان عملها.

* الأكل
لا بد أن نذكر الأطباق الإسبانية مثل الباييا (وهي مأخوذة من العربية وتعني البقايا) في مطعم «كاب رويغ» Cap Roig وفيه تتذوق المتوسط من خلال استخدام المنتجات المحلية مثل زيت الزيتون والملح الطبيعي والطماطم والبرتقال، وأنصحك بعدم تضييع فرصة تذوق عصير البرتقال لأن نكهته فريدة ولا يمكن أن تجدها في أي مكان آخر.
أما إذا كنت تبحث عن الأطباق العالمية في قالب متوسطي فما عليك إلا التوجه إلى مطعم «إس فانالس» (Es Fanals) واسمه يعني «المصابيح» بالإشارة إلى الفوانيس التي يستعملها صيادو السمك في البحر، المطعم يشتهر بمزجه المأكولات الآسيوية مع مأكولات المتوسط بطريقة لا تتضارب مع بعضها البعض، لا بل تقدم تجربة فريدة، تذوق «التاباس» الإسبانية وهي عبارة عن أطباق صغيرة على طريقة المازة العربية مختلفة مثل الجمبري بالثوم والتورتيا والبطاطس بالصلصة الحارة.
فترة المساء وعند غروب الشمس، توجه إلى «سانست لاودنج» (Sunset Lounge) ومثلما يدل اسمه فمنه ترصد لحظات المغيب وهي تعانق البحر، على شرفة واسعة يمكنك تناول ألذ المشروبات والأطباق الخفيفة، جرب طبق السوشي المشكل مع الشاي البارد بالنعناع.
في حال لم تكن وجبة الفطور هي المفضلة لديك، فسوف تغير رأيك عندما تزور «سا تالايا بول بار» (Sa Talaia Pool Bar)، أنصحك بالجلوس على الشرفة العليا على إحدى الطاولات في الزاوية التي تطل مباشرة على البحر، البوفيه غني جدا ولكن جرب أحد الأطباق المتوفرة على لائحة «الا مينوت» (a la minute) التي تحضر لك خصيصا مثل طبق البيض المحضر على طريقة «البنيديكت» مع سمك السلمون والفطر المقلي، من دون أن ننسى عصير البرتقال.

* رحلة بحرية
يقدم جيمرا بورت سولير الكثير من النشاطات والزيارات في الجزيرة، ومن أهمها رحلة بحرية على متن قارب أنيق، تقدم على متنه المشروبات والفواكه، تستكشف من خلاله زرقة البحر المتوسط وروعته، وستتحمس كثيرا للسباحة في وسط البحر، الأمر مسموح به ولكن تأكد من عدم وجود قناديل البحر في أوقات معينة من السنة وإلا فسيحل بك ما حل بي، ولكن السباحة في تلك الماء الصافية ينسيك وجع قرصة القنديل الحارقة، فأنا لا أشعر بالندم لأني اختبرت سباحة فريدة في مياه بحري المفضل على الإطلاق.
وبعد رحلة استطلاعية في وسط المتوسط، تكون قد قرعت أجراس معدتك، ويكون جاء وقت الغداء، لحسن حظنا أن الفندق اختار لنا مطعما محفورا في أحد الجبال التي تسور البحر، فتوقف القارب عند أسفل الجبل، وبدأنا المشي لمدة لا تتعدى العشر دقائق لنصل إلى «سا فورادادا » (Sa Foradada)، وهنا أريد أن أشدد على أن هذا المكان من أجمل الأماكن التي زرتها في حياتي ولم أختبر شيئا من هذا القبيل إلا في جزيرة «سردينيا» في إيطاليا، مع فارق أن «سا فورادادا» يحتل موقعا مميزا لأنه عال عن البحر ولا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البحر أو عن طريق المشي في الجبال لمدة تتراوح ما بين الساعة والساعة والنصف، المطعم خال من الماء والكهرباء، تطهى فيه جميع الأطباق على الحطب في مطبخ مفتوح، شاخت جدرانه وتحولت إلى لون أسود داكن بسبب حرق الحطب يوميا ما عدا فترة الأقفال في فصل الشتاء.
من أهم ما يمكن أن تأكله في المطعم طبق الباييا بثمار البحر أو الدجاج والتاباس الإسبانية التقليدية.

* حصة لتعليم كيفية تحضير المربى
إذا كنت من محبي الطبخ وتحديدا الحلوى أو من أنصار الطبيعة، ينظم الفندق رحلات للمشي في حقول الزيتون والبرتقال بالتنسيق مع مكتب السياحة في سولير، فلقاء مبلغ 28 يورو يمكنك المشي في الحقول والتعرف على مختلف أصناف الأشجار لمدة ساعة ونصف الساعة وبعدها تتوجه إلى حصة خاصة تتعلم خلالها كيفية تحضير مربى البرتقال والحامض، وفي نهاية الحصة وبعد مشاهدتك فيلما قصيرا يعرفك على ثروة مايوركا وسولير الزراعية وكيفية استغلالها، يكون المربى التي حضرتها أصبحت جاهزة لوضعها في وعاء خاص بك، تزينها بما تشاء وتختار النكهة التي تروق إليك، وتكتب عليه ما يحلو لك من عبارات تذكرك برحلتك.
يشار إلى أنه من الممكن القيام بحصة تعليم تحضير المربى من دون المشي في الحقول والعكس، يكفي أن تخبر مسؤول الاستعلامات في الفندق بذلك.

* التنقل
يؤمن جميرا بورت سولير حافلات للمقيمين في الفندق تقلع كل نصف ساعة من الفندق وإلى مرفأ سولير، وإذا رغبت بالتوجه إلى منطقة سولير، يمكنك التنقل عبر القطار الخشبي القديم، يقلع كل نصف ساعة من أمام المرفأ مباشرة، الرحلة باتجاه واحد تكلف خمسة يوروهات، وتستغرق نحو العشر دقائق، وإذا كان لديك الوقت لزيارة العاصمة بالما وأقسام أخرى من الجزيرة يمكنك أن تستقل سيارة الأجرة (كلفة الوصول إلى بالما 45 خمسة وأربعون يورو).
للمزيد من المعلومات حول سولير وجميرا بورت سولير يمكنك زيارة: www.jumeirah.com و[email protected] و[email protected] وwww.saforadada.com

* جميرا بورت سولير.. فندق معلق بين البحر والسماء
يطلق على الفندق والمنتجع اسم «جميرا بورت سولير» لأنه بني على جرف مطل على مرفأ سولير الذي ترسو فيه أجمل اليخوت وتحيط به سلسلة جبال ترامونتانا، وبحكم موقع المنتجع يوصف دائما بأنه معلق بين السماء والبحر وهذا الوصف غير مبالغ به، لأنه بالفعل كذلك، المنتجع من فئة خمس نجوم ومؤلف من 120 غرفة وجناحا بعضها يطل على البحر والبعض الآخر يطل من الناحية الخلفية على الجبال الخضراء، والمنتجع مؤلف أيضا من 11 مبنى يمكن التنقل بين واحد وآخر بواسطة السلالم الخارجية التي تحيط بها الحدائق المنسقة أو بواسطة المصاعد الكهربائية.
الفندق لا يشبه سواه من حيث الموقع والتصميم، فهو طولي الشكل يغمر الصخرة الذي بني عليها وتناغم بشكل رائع مع البيئة المحيطة به، تتميز جميع غرفه بمساحات واسعة، وتناسب العائلات العربية التي تسافر مع ذويها بأعداد وافرة، كما توجد أجنحة هي أشبه بشقق مستقلة لها مدخلها الخاص وتؤمن فيها خدمة الخادم الخاص (باتلر) ومجهزة بمطبخ وغرفة للخدم والكثير من المزايا التي تفضي نوعا من الخصوصية التامة خلال الإقامة.

* لاحظنا..
اللافت في المنتجع هو أنه يتناسب مع رحلات الأزواج والعائلات بنفس الوقت، فهو مقسم بشكل يكون مثاليا وبحكم موقعه الرومانسي لأن يكون وجهة لقضاء فترة شهر العسل وفي نفس الوقت وجهة للعائلات مع الصغار من دون انزعاج أي فئة، ففي المنتجع بركة سباحة خارجية بلا حدود مطلة على مناظر ساحرة مخصصة للكبار، أما في الجهة الأخرى المقابلة توجد بركة سباحة للصغار، بالإضافة إلى ناد مخصص لنشاطاتهم، وأعتقد أن الفصل ما بين هاتين الفئتين مهم جدا ويقدم أكبر قدر من الراحة والهدوء للباحثين عن هذا النوع من السياحة.
ويشدك أيضا الفن في كل ثنايا الفندق، حيث يضم الكثير من اللوحات التي تعكس بيئة البحر الأبيض المتوسط وشعار جميرا «ابق متميزا»، وتضم المجموعة نحو 400 لوحة وقطعة فنية وكلها مصنوعة أو مرسومة في جزيرة مايوركا، وهذا ما تسعى إليه فنادق «جميرا» حول العالم التفرد والتميز، لذا نرى أن أنماط فنادقها تختلف من بلد إلى آخر لتتناسب مع بيئة الموقع.

* المركز الصحي
أصبح مركز «تاليس» (Talise Spa) من العناوين الأشهر في جزيرة مايوركا لغير المقيمين في المنتجع، وذلك نسبة لما يقدمه من علاجات فريدة والمركز الرياضي بتكنولوجيا عالية (Technogym) بالإضافة إلى بركة سباحة خارجية تعمل بنظام هيدروليكي تقوم بمهمة التدليك في الماء، العلاجات كثيرة، من أشهرها علاج التدليك بالآروما، ويرتكز على مزج الكثير من الزيوت التي تساعد على الهدوء والراحة.

* أجمل زاوية
لا يبخل المنتجع بإطلالاته على أجمل المناظر الطبيعية أينما حللت، ولكن إذا كنت من محبي التصوير فأنصحك بالتوجه إلى الشرفة «التراس» الواقعة بالقرب من بركة السباحة الخاصة بالكبار، وفي ذلك الركن ستجد فرصة فريدة لالتقاط أجمل الصور، ويمكن استئجار هذه الشرفة لإجراء مراسم الزفاف أو أعياد الميلاد الفارهة ومن الممكن أيضا نصب خيمة عملاقة لتضفي خصوصية إضافية للمناسبات الخاصة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».