الحوثيون وموائد رمضان... ابتزاز للجمعيات واستقطاب للمقاتلين

اتهام للانقلابيين بتحويل العمل الخيري إلى مجهود حرب

فتيان غاضبون يقفون على نافذة مخبز خيري في صنعاء أمس (رويترز)
فتيان غاضبون يقفون على نافذة مخبز خيري في صنعاء أمس (رويترز)
TT

الحوثيون وموائد رمضان... ابتزاز للجمعيات واستقطاب للمقاتلين

فتيان غاضبون يقفون على نافذة مخبز خيري في صنعاء أمس (رويترز)
فتيان غاضبون يقفون على نافذة مخبز خيري في صنعاء أمس (رويترز)

تجول أم إسلام وهي في العقد الخامس من عمرها الشوارع في صنعاء باحثة عن الجمعيات الخيرية التي كانت تقدم لها المعونات في شهر رمضان لإطعامها وأطفالها الستة لكن دون جدوى.
وتقول أم إسلام لـ«الشرق الأوسط»: «أطفالي يتضورون جوعاً ولا يوجد لدينا ما نأكله ولا أدري أين اختفت الجمعيات وفاعلو الخير الذين كانوا يساعدوننا في كل رمضان».
كانت أم إسلام ومعها الآلاف من الأسر الفقيرة في صنعاء، لا تعدم في رمضان من يمد لها يد المعونة، حيث يحتفي التجار والجمعيات الخيرية برمضان في صنعاء وتفتح موائد للإفطار في المساجد والأحياء ويتم توزيع وجبات غذائية يومية كما تقدم سلال غذائية أو تقدم مساعدات نقدية. وبحسب ما أفاد به ناشطون ومتطوعون في العمل الخيري لـ«الشرق الأوسط» شددت الميليشيات هذا العام مع قدوم رمضان على الجمعيات والتجار ومارست عليهم الابتزاز، وفرضت عليهم أماكن معينة للتبرعات وطالبتهم بمبالغ مالية لأتباعها أو للمجهود الحربي مقابل السماح لهم بالتوزيع وإقامة موائد الإفطار أو إقامة المطابخ الخيرية.
وتحدث مسؤول محلي في مكتب الشؤون الاجتماعية في صنعاء الخاضع للميليشيات لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه، قائلاً: «إن مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل الذي تتحكم به ميليشيات الحوثي أوقف أكثر من 30 جمعية خلال يومين في أمانة العاصمة لأنها رفضت اجتزاء 30 في المائة من التبرعات للمجهود الحربي».
وأضاف المسوؤل المحلي: «أنشأ الحوثيون جمعيات تابعة لهم في بعض المناطق التي أغلقت فيها الجمعيات في محاولة للسيطرة على قنوات المتبرعين واستقطاب الشباب تحت العمل الطوعي والزج بهم إلى الجبهات».
وأكد أن مكتب الشؤون الاجتماعية في صنعاء سمح لعدد محدود من الجمعيات التي تتبع جماعة الحوثي أو للمقربين من قادتها أو المتواطئين معها على نهب تبرعات التجار وفاعلي الخير، حيث تقوم هذه الجمعيات بتقديم المعونات على أنها مقدمة من زعيم الجماعة أو من قبل هيئة الزكاة التابعة لها في مسعى لتحسين صورة الميليشيات واستغلال الدعم لاستقطاب السكان.
وأعرب ناشطون وحقوقيون لـ«الشرق الأوسط» عن استيائهم من تصرفات الحوثيين الرعناء والتي لا تراعي الجانب الإنساني، معتبرين أن مضايقة الجماعة الحوثية للجمعيات وفاعلي الخير تتنافى مع روح الشهر الكريم وغايته وهو التكافل والتراحم. وأضافوا: «يأتي رمضان هذا العام في ظل معاناة للمواطنين في اليمن من فقر شديد وسوء تغذية واجتياح للأوبئة وانتهازية حوثية تقضي على الأخضر واليابس».
ويقول أبو جميل وهو فاعل خير في صنعاء اعتاد إقامة مائدة يومية في رمضان: «تمكننا من توفير بعض المتطلبات البسيطة التي تحتاجها الأسر في رمضان وتغطي حاجة 350 أسرة لكنا تفاجأنا بعد أن وزعنا الطعام في اليوم الأول من رمضان بمشرف الحوثيين في الحي يطلب حصة من الكميات الموزعة يومياً دعماً للمجهود الحربي».
ويضيف: «عندما رفضنا أجبرنا المشرف بمسلحيه على التوقف وصادروا ما كان لدينا في المخزن من مواد غذائية».
ويشير سلطان العزيزي، ويسكن في حي الجامعة القديمة بصنعاء إلى طريقة الحوثيين في استغلال وجبات رمضان من مطابخ الجماعة للاستقطاب ويقول: «أعطوني وجبة من إحدى المطابخ التابعة للمشرف الحوثي في الحي لي ولخمسة من أبنائي وزوجتي ثم طلبوا مني الحضور لحلقة بعد صلاة العشاء بأحد الجوامع لمعرفة مستوى التكافل والتعاون المجتمعي بين المواطنين ولكني تركتهم ولم أعد إليهم».
وفي حي مسيك، الذي يقع شرق العاصمة صنعاء تشكو أم ياسر من عدم السماح للجمعيات بتوزيع السلال الغذائية أو الوجبات الجاهزة وتقول: «أخبرني أحد فاعلي الخير أن الحوثيين اشترطوا منح ثلث الكمية للمشرف والذي بدوره يوزعها لمن يريد».
ويعد شهر رمضان في اليمن موسماً للعمل الخيري للأفراد والتجار والجمعيات والمؤسسات الخيرية في البلاد، إذ تنشط بشكل كبير مع قدوم شهر رمضان المبارك، والتحضير له للحصول على التبرعات التي يجود بها فاعلو الخير والتجار ورجال الأعمال والميسورون.
ويرى قاسم، وهو أحد السكان المعسرين في حي شميلة خلال حديثه أن «المساعدات والتبرعات ليست بمستوى العطاء الذي كان يتم في رمضانات السابقة، إذ لا تغطي سوى جزء بسيط من العوز الذي يجتاح المواطنين». ويؤكد أن منتظري المساعدات يقفون ساعات طويلة أمام الجمعية التي أبقى عليها الحوثيون ولم يغلقوها في المنطقة لكي يحصلوا من المطبخ التابع لها على إدام الخضراوات وخمس قطع خبز وقليل من الأرز وهي - على حد تعبيره - وجبة لا تسد جوع فرد واحد من الأسرة».
ويتهم أحد فاعلي الخير في صنعاء الميليشيات الحوثية بالتسبب في انخفاض التبرعات من سيطرة الجماعة على صنعاء ويقول: «لقد قوضت جماعة الحوثي عمل الخير وأحكمت السيطرة على المتبرعين من خلال مرتزقتها الذين يرفعون لها تقارير عن أي متبرع ليتم استدعاؤه وإجباره على التبرع للجماعة وأنشطتها وأتباعها».
ويعاني سكان صنعاء والمناطق الخاضعة للميليشيات من أوضاع إنسانية صعبة، ومع حلول شهر رمضان المبارك تزداد الأوضاع سوءاً مع وجود أزمة الوقود وانعدام التيار الكهربائي وانقطاع المرتبات فضلاً عن شحة الدعم المادي وعدم توفر المواد الغذائية وانقطاع المياه الصالحة للشرب، وانتشار الأوبئة والأمراض، مما يفاقم من معاناتهم التي لا يخففها سوى تبرعات بعض المحسنين.
وقضى الحوثيون على طقوس كان اليمنيون يقيمونها احتفاءً برمضان ويدخلون بها السعادة على ذوي الحاجة، فهناك تجاهل شبه متعمّد - على حد قول ناشطين - لمعاناة المواطن الذي يترك ليواجه مصيره مع الصراع المرير بين المرض والفاقة والجوع، ولا سيما في هذا الشهر المبارك. ويؤكد حقوقيون أن النازحين هم الأكثر تضرراً من عبث الميليشيات بالعمل الخيري والإنساني، إذ تشتد عليهم المعاناة وأغلبهم تهدمت قراهم ومنازلهم بسبب القصف الحوثي والحرب التي أشعلتها الميليشيات في كل اتجاه.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن أكثر من 75 في المائة من السكان اليمنيين يحتاجون للحماية والمساعدات الإنسانية، وتقول الأمم المتحدة: «إن 20 مليون يمني يفتقرون للأمن الغذائي، من ضمنهم 10 ملايين لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم التالية، في حين يعاني ما يقرب من 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد». وتبين أم سميرة أن جل همها هو كيف تجد وجبة الإفطار لأبنائها الأربعة وكيف تدبر وجبة السحور لهم مع زوجها الضرير وتقول: «كان يأتي رمضان وخيره معه لكن الآن جاء رمضان ونهب خيره جماعة الحوثي».
وتقرر أنها كانت مع أسرتها تعتمد على المساعدات الخيرية لتدبير الوجبات لزوجها المقعد وأولادها، حيث كانت عدد الجمعيات والمتبرعين قبل الانقلاب الحوثي يستعصي على الإحصاء، ففي كل مسجد مائدة عشاء، وفي كل مربع سكني صغير جمعية صغيرة أو مطبخ خيري، فضلاً عن هبات التجار والموسرين.
ويكشف أحد العاملين في جمعية خيرية بمنطقة بيت معياد جنوب صنعاء أن الكثير من الجمعيات امتنعت عن إقامة أي نشاط بسبب التهديدات التي تلقتها من جماعة الحوثي خلال السنوات الماضية ويقول: «حتى التجار تم إبلاغهم بالامتناع عن التبرع إلى أي جمعية وأن التبرع يجب أن يكون تحت نظر المشرفين الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها».
ويضيف: «استحدثت ميليشيات الحوثي جمعيات جديدة طائفية مثل (بنيان)، و(الزهراء) و(الصمود) وغيرها واعتمدتها بدلاً عن الجمعيات التي كانت موجودة، بسبب حرصها على السيطرة على التبرعات والدعم الإنساني وتوجيه كل المساعدات إلى أفرادها في المدن أو إلى دعم المجهود الحربي».
وبحسب ما يقوله أحد فاعلي الخير: «لم يعد يستغرب اليمنيون من غياب أغلب الأصناف الغذائية عن موائدهم في رمضان فالغلاء يجتاح كل السلع الغذائية، ولكنهم يستغربون من قيام الحوثيين بمنع إقامة الموائد الرمضانية ومنع المطابخ الخيرية من توزيع الوجبات للفقراء وإدخال البهجة على المعسرين الجوعى».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.