قال باحثون من الولايات المتحدة إن خدمات المواصلات، مثل خدمة «أوبر»، تتسبب في زحام مروري إضافي بالمدن، وذلك خلافاً للانطباع الشائع بشأن هذه الخدمات.
واستند الباحثون في دراستهم لتحليل حركة المرور بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية.
وقال الباحثون، تحت إشراف جريجوري إيرهارت، من «جامعة كنتاكي» بمدينة ليكسينغتون، إن خدمات الوساطة، مثل خدمة «أوبر» وخدمة «ليفت»، تساهم هناك، وبشكل كبير، في تزايد الحركة المرورية.
ونشر الباحثون نتائج دراستهم في العدد الحالي لمجلة «ساينس أدفانسيس» المتخصصة.
في إطار تعليقه على الدراسة، قال كريستيان فينكلر، من معهد أبحاث المواصلات التابع للمركز الألماني لأبحاث الطيران والفضاء في برلين، إن نتائج الدراسة لم تفاجئه، «حيث إن توفر عرض مواصلات جديد يعني أيضاً زيادة جاذبية المرور في حد ذاته».
ورأى خبير المواصلات الألماني أن خدمات المواصلات لا تحل على ما يبدو بالدرجة الأولى محل التنقل بالسيارات الخاصة، حيث إن الناس يستخدمون هذه الخدمات بدلاً من التاكسي أو الحافلة أو القطار أو الدراجة، كما يستخدمونها بدلاً من السير.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن الباحثين تحت إشراف أرهارت أعدوا نموذجاً حاسوبياً لحركة المواصلات في مدينة سان فرانسيسكو عام 2016، مرة باستخدام الرحلات التي تتم بوساطة خدمتي «أوبر» و«ليفت»، ومرة أخرى من دونها، ثم قارنوا حركة المرور في المدينة عام 2016 بحركة المرور عام 2010، حيث إن الشركات الموفرة لهذه الخدمات تمتلك القدرة على خفض الاعتماد على السيارات الخاصة، فإنها توفر رؤية للمستقبل تخفض من خلالها الزحام المروري، بما يسمح باستخدام الطرق والشوارع لأغراض أخرى.
وقال الباحثون إنهم أرادوا اختبار هذه الرؤية، واستخدموا في سبيل ذلك نماذج حاسوبية، إضافة إلى قواعد بيانات عن التنقلات التي تتوسط فيها «أوبر» و«ليفت»، ثم ربطوا بينها وبين بيانات السرعة التي حصلوا عليها بواسطة نظام التموضع العالمي (GPS)، ونموذج الاستفسار عن الرحلات داخل مدينة سان فرانسيسكو.
وضبط الباحثون هذا النموذج الحاسوبي على عام 2010، عندما لم تكن هذه الخدمات تلعب دوراً في المواصلات داخل المدينة، ثم قارنوا الزحام المروري في ذلك العام مع الزحام المروري عام 2016، آخذين في الاعتبار ارتفاع عدد سكان المدينة في هذه الفترة من 805 آلاف إلى 876 ألف نسمة، إضافة إلى ارتفاع عدد الوظائف في المدينة من 545 ألفاً إلى 703 آلاف.
كما راعى الباحثون مناطق العمل الكبيرة في المدينة، إضافة إلى إجراءات تهدئة المواصلات، وغير ذلك من التغيرات التي طرأت على المدينة في هذه الفترة.
وأراد الباحثون بهذه الطريقة معرفة حجم المواصلات عام 2016 من دون خدمات المواصلات.
فإذا كانت شركتا «أوبر» و«ليفت» تخففان الزحام المروري فعلاً، فكان لا بد أن تكون حركة المرور التي تم رصدها أقل عن الحركة التي يظهرها النموذج الحاسوبي.
ولكن الباحثين وجدوا العكس، حيث ارتفعت المسافة المقطوعة من قبل كل مركبة بنسبة 13 في المائة، في حين أنه، ومن دون شركتي «أوبر» و«ليفت»، فإن هذه الزيادة كانت ستبلغ 7 في المائة فقط.
وقال الباحثون إن عدد ساعات التنقل لكل مركبة ارتفع بنسبة 30 في المائة، في حين أنهم قدروا أنها لم تكن للتجاوز 12 في المائة من دون «أوبر» و«ليفت».
بل وارتفع عدد ساعات التأخير، أي الساعات الضائعة بسبب الزحام أو الحركة المرورية المتعثرة، بنسبة 62 في المائة عام 2016 مقارنة به عام 2010، في حين أن حسابات الباحثين تشير إلى أنه ومن دون خدمتي «أوبر» و«ليفت»، فإن نسبة الارتفاع لم تكن لتتجاوز 22 في المائة.
وبشكل إجمالي، فإن متوسط السرعة في طرق سان فرانسيسكو وشوارعها ارتفع بنسبة 13 في المائة، و4 في المائة فقط من دون «أوبر» و«ليفت».
وفسر الباحثون ذلك بعدة عوامل؛ منها أن تجاوز السيارات الأخرى، وإنزال المرافقين في السفريات على حافة الشوارع يؤدي لتعثر الحركة المرورية.
كما لم ترتفع نسبة استخدام الحافلات، خلافاً لاستخدام القطارات، في الفترة التي شملها التحليل، وهو ما يدل على زيادة أعداد مستخدمي «أوبر» و«ليفت».
يضاف إلى ذلك أنه، ووفقاً لدراسة سابقة، فإن 70 في المائة من الذين يقدمون عروضاً للسفر باستخدام «أوبر» أو «ليفت»، يعيشون خارج مدينة سان فرانسيسكو، وهو ما يزيد عدد الرحلات إلى داخل المدينة.
وقال خبير المواصلات الألماني، فينكلر، إن خصم أعداد الركاب من وسائل المواصلات الأخرى معروف في دراسات سابقة، ولكن لا يمكن بالضرورة سحب النتيجة التي توصل إليها الباحثون في مدينة سان فرانسيسكو على مدن أخرى، مثل مدن ألمانيا، على سبيل المثال، وذلك في ضوء الاختلاف الكبير في الظروف المحلية.
كما رأى فينكلر أن الدراسة يعيبها أنها لم تراع تزايد المواصلات الناتجة عن نقل الطرود بسبب تزايد التجارة عبر الإنترنت.
خدمات المواصلات مثل «أوبر» تتسبب بالزحام المروري ولا تخفضه
ارتفاع ساعات التأخير بنسبة 62 % في سان فرانسيسكو
خدمات المواصلات مثل «أوبر» تتسبب بالزحام المروري ولا تخفضه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة