بيونغ يانغ تعيد التوتر إلى شبه الجزيرة الكورية

أطلقت صاروخاً قصير المدى... والبيت الأبيض يتعهد مواصلة مراقبة تحركاتها

شاشات التلفزيونات في كوريا الجنوبية تعرض إطلاق صوارخ كوريا الشمالية (أ.ب)
شاشات التلفزيونات في كوريا الجنوبية تعرض إطلاق صوارخ كوريا الشمالية (أ.ب)
TT

بيونغ يانغ تعيد التوتر إلى شبه الجزيرة الكورية

شاشات التلفزيونات في كوريا الجنوبية تعرض إطلاق صوارخ كوريا الشمالية (أ.ب)
شاشات التلفزيونات في كوريا الجنوبية تعرض إطلاق صوارخ كوريا الشمالية (أ.ب)

بعد 17 شهراً تقريباً على توقف تجاربها الصاروخية الباليستية، عادت بيونغ يونغ، أمس، لإظهار قوتها من جديد، وفي وقت حساس في محادثاتها مع واشنطن. إلا أن الصواريخ التي أطلقتها كوريا الشمالية هذه المرة ليست صواريخ باليستية، حسب هيئة أركان القوات المسلحة الكورية الجنوبية. وتعهد البيت الأبيض في أعقاب إطلاق الصواريخ قصيرة المدى باتجاه بحر اليابان، صباح أمس السبت، مواصلة مراقبة تحركاتها، مضيفاً: «لقد علمنا بأفعال كوريا الشمالية». وأعلنت وزارة الدفاع اليابانية أنه لم يحلق أي صاروخ فوق اليابان.
وحثت كوريا الجنوبية جارتها على «التوقف عن الأفعال التي تزيد التوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية»، وقالت إنها «قلقة بشدة بشأن» إطلاق الصواريخ. وقالت حكومة سيول أيضاً إن أحدث خطوة أقدمت عليها بيونغ يانغ تتنافى مع اتفاق عسكري بين الكوريتين. وقالت متحدثة باسم رئاسة كوريا الجنوبية، في بيان، «نتوقع من كوريا الشمالية المشاركة بفعالية في الجهود الرامية لاستئناف محادثات نزع السلاح النووي على وجه السرعة». وأكدت الرئاسة الكورية الجنوبية أنها تتابع الوضع من كثب، وأنها «تتشارك المعلومات بشكل وثيق مع الولايات المتحدة».
وصرحت هيئة أركان القوات المسلحة الكورية الجنوبية بأن الصواريخ من طراز «هودو».
وقالت، في بيان، إن بيونغ يانغ «أطلقت صاروخاً من مدينة وونسان، على الساحل الشرقي للبلاد، باتجاه الشرق، عند الساعة 09. 06 (00. 06 ت غ)». وأضافت أن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة «تحللان التفاصيل المتعلقة بهذا الصاروخ».
ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لإبرام اتفاق مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، لنزع السلاح النووي. وكان الاثنان قد عقدا قمتين في سنغافورة وفيتنام، لكن المحادثات يبدو أنها تعثرت.
ويعتبر إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ قصيرة المدى الأول من نوعه، بعد أن قامت باختبار سلاح تكتيكي موجه جديد يوم 17 من الشهر الماضي، وبعد عام واحد و5 أشهر من إطلاق صاروخ «هواسونج» الباليستي العابر للقارات في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017. وأضافت الهيئة أن الصواريخ قطعت مسافات ما بين 70 و200 كيلو متر.
يشار إلى أن قرارات الأمم المتحدة تحظر كوريا الشمالية من أي نوع من إطلاق تجريبي من الصواريخ الباليستية والتجربة النووية. ويرى مراقبون أن عملية إطلاق الصواريخ بعد شهرين من انهيار محادثات القمة الكورية الشمالية والأميركية في نهاية فبراير (شباط) في العاصمة الفيتنامية هانوي، من دون التوصل إلى اتفاق، يعكس موقف كوريا الشمالية، ويؤكد على عدم «استسلامها» للتوجه الأميركي الأخير الهادف إلى مواصلة العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.
كانت بيونغ يانغ حذرت الولايات المتحدة، في وقت سابق، هذا الأسبوع، من «نتيجة غير مرغوب فيها» إذا لم تغير موقفها بحلول نهاية العام. وقد صرحت نائبة وزير الخارجية الكوري الشمالي تشوي سون هوي، الثلاثاء، «قرارنا على صعيد نزع السلاح النووي لا يزال سارياً، وسنطبقه عندما يحين الوقت». لكنها أضافت أن «ذلك لن يكون ممكناً إلا إذا أعادت الولايات المتحدة النظر في حساباتها الحالية، وأعادت صياغتها». ورأت وزيرة الخارجية الكورية الجنوبية كانغ كيونغ وا، الجمعة، أن على بيونغ يانغ أن تؤكد نزعاً للسلاح النووي «ظاهراً وملموساً وجوهرياً» للحصول على تخفيف العقوبات المفروضة عليها. والتقى كيم جونغ أون في نهاية أبريل (نيسان)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في فلاديفوستوك في قمة هي الأولى بينهما، اشتكى خلالها من «النوايا السيئة» للأميركيين في أزمة ملف بلاده النووي، معتبراً أنّ الوضع في شبه الجزيرة الكورية وصل إلى «نقطة حرجة». وعلّق مدير الدراسات الكورية في مركز «ناشونال إنترست» للدراسات في واشنطن، هاري كازيانيس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «كيم قرر تذكير العالم والولايات المتحدة على وجه التحديد، بأن قدراته على صعيد الأسلحة تزداد يوماً بعد يوم». وتابع الخبير: «أخشى أن تكون هذه بداية العودة إلى حقبة التهديدات بالحرب النووية والإهانات الشخصية، وهي دورة خطيرة من التوتر ينبغي تفاديها بأي ثمن».
وتأتي الخطوة الكورية الشمالية قبل زيارة مقررة الأسبوع المقبل إلى اليابان وكوريا الجنوبية للمبعوث الأميركي الخاص ستيفن بيغون. وأكدت واشنطن أن المسؤول الأميركي سيناقش «جهود التقدم نحو نزع شامل ومراقب بالكامل للأسلحة النووية من كوريا الشمالية».
وأكدت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أن مبعوثها بشأن المسائل النووية لي دو هون، تحدّث السبت مع بيغون حول إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ. وسبق أن أعلنت بيونغ يانغ في نوفمبر وأبريل اختباراً غامضاً «لأسلحة تكتيكية» دون تفاصيل إضافية.
ورأى خبير شؤون كوريا الشمالية في سيول، أنكيت باندا، أن عمليات إطلاق الصواريخ، السبت، «لا تنتهك إجراء تعليق التجارب الصاروخية الذي أعلنه كيم جونغ أون نفسه»، والذي «لا ينطبق سوى على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات». ولفت إلى أن «كوريا الشمالية لم تقم تاريخياً بأي تجربة فيما كانت تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة، وليست هناك مفاوضات حالياً».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».