نقمة وغضب في لبنان بعد معلومات عن ذبح «داعش» أحد العسكريين المختطفين

وساطة جديدة للإفراج عن المعتقلين لدى «النصرة»

نقمة وغضب في لبنان بعد معلومات عن ذبح «داعش» أحد العسكريين المختطفين
TT

نقمة وغضب في لبنان بعد معلومات عن ذبح «داعش» أحد العسكريين المختطفين

نقمة وغضب في لبنان بعد معلومات عن ذبح «داعش» أحد العسكريين المختطفين

هزت الصور التي جرى تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين للعسكري اللبناني المختطف لدى «داعش»، الرقيب علي السيد، والتي تبين عملية ذبحه، الرأي العام اللبناني، وخصوصا أهالي باقي العسكريين المختطفين منذ مطلع الشهر الحالي والموزعين ما بين مسلحي «جبهة النصر» و«داعش» المتمركزين في منطقة جرود عرسال الحدودية شرق لبنان وفي جبال القلمون السورية.
ولم تؤكد قيادة الجيش أو الحكومة اللبنانية حتى ساعة متأخرة من يوم أمس (الجمعة) خبر ذبح السيد، كما أنها لم تنفه، وهو ما زاد نقمة وغضب أهالي العسكريين المخطوفين وأهالي بلدة فنيدق الشمالية، مسقط رأس السيد، ما دفعهم للقيام باعتصامات احتجاجية وقطع عدد من الطرقات.
ونقل أحد أهالي العسكريين المختطفين عن أحد مشايخ عرسال الذي هو على تواصل مع الخاطفين، أن «هؤلاء يشتكون من انقطاع المفاوضات معهم بعد تعليق هيئة العلماء المسلمين جهودها الأسبوع الماضي، ويؤكدون أنه لا مفاوضات مفتوحة مع أي طرف لبناني أو عربي، وهو ما أدى لقيام (داعش) بذبح أحد الجنود».
وكشف قريب أحد العسكريين، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ونتيجة توقف المساعي الرسمية اللبنانية، تم تشكيل لجنة من فاعليات عرسال يوم أمس (الجمعة) تضم كذلك مشايخ سوريين انتقلت للقاء أمير جبهة النصرة في القلمون، أبو مالك التلي، بمحاولة للتفاوض معه لإطلاق العسكريين الـ18 الذين تحتجزهم الجبهة». وأضاف: «كل ما يحكى عن وساطات تقودها قطر أو تركيا تبين أنه لا أساس لها من الصحة».
وكان أحد عناصر «داعش»، المدعو أبو مصعب حفيد البغدادي نشر مساء أول من أمس (الخميس) صورا على حسابه على «تويتر» تظهر عملية ذبح الرقيب السيد، بإطار تغريدة قال فيها: «تم بحمد الله جز رقبة عسكري من الجيش الصليبي على يد الدولة الإسلامية، وسيصدر بيان أو فيديو من مؤسسة رسمية، والله غالب على أمره».
ونشر البغدادي يوم أمس صورة أخرى تظهر عملية اقتياد السيد للذبح في منطقة جبلية، وعلق عليها قائلا: «صورة من اقتياد العسكري نحو الذبح من قبل الدولة الإسلامية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
وكان الرقيب السيد والجندي عبد الرحيم دياب ظهرا قبل أيام في مقطع فيديو يعلنان فيه انشقاقهما عن الجيش اللبناني، لكنهما ظهرا في وقت لاحق في فيديو آخر يظهر أنهما محتجزان لدى «داعش» بالإضافة إلى 9 آخرين.
وسادت حالة من الغضب منطقة عكار شمال البلاد مع بدء تناقل صور السيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأصدر أهالي بلدته فنيدق بيان طالبوا فيه الحكومة اللبنانية تأكيد صحة الخبر المتداول أو نفيه، معلنين تضامنهم الكامل مع أهل المخطوف وباقي العسكريين الأسرى، محذرين من «تداعيات التقصير المقصود وعدم التجاوب الرسمي معهم».
وقطع معتصمون طريق جرود عكار في بلدة بزال بالإطارات المشتعلة، وطالبوا بالإسراع في معالجة قضية العسكريين المختطفين.
واعتصم المئات من ذوي وأقرباء العسكريين، في الباحة الداخلية لسرايا حلبا شمالا، وطالبوا السلطات اللبنانية بضرورة تكثيف الاتصالات والضغوط لعودة أبنائهم سالمين.
وبالتزامن، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن عناصر من الجيش اشتبكوا يوم أمس مع 3 مسلحين يستقلون سيارة رباعية الدفاع عند حاجز وادي حميد في عرسال، ما أدى إلى توقيف اثنين منهم وهما لبنانيان من البلدة نفسها، في حين فر الثالث في اتجاه الجرد في السلسلة الشرقية. وضبطت في السيارة أسلحة وذخائر وتجهيزات ومعدات عسكرية.
وأعلن الجيش في بيان أنه أوقف عند حاجز مستوصف عرسال سيارة يقودها لبناني ضبط بحوزته مسدسا حربيا، برفقته سوريان اثنان، أوقفا أيضا للاشتباه بمشاركتهما في القتال ضد الجيش في منطقة عرسال.
وكانت الاشتباكات بين الجيش اللبناني والمسلحين في منطقة عرسال تجددت أول من أمس (الخميس) بعد أقل من شهر على معارك دامية شهدتها البلدة، بعدما أفيد عن أكثر من محاولة للمسلحين لاقتحام المنطقة تصدى لها الجيش.
ووصف وزير الداخلية نهاد المشنوق الوضع في عرسال بـ«القنبلة الموقوتة الجاهزة دائمة للانفجار»، لافتا إلى أن «موضوع عرسال لم ينته، والوضع بين المسلحين والأهالي وموضوع العسكريين المخطوفين، يشغل كل اللبنانيين».
وقال المشنوق بعد لقائه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون: «نتمنى بمساعي القوى السياسية كلها أن نحقق تقدما في موضوع عرسال وموضوع النزوح السوري ككل، فلا بد من وضع جدولة له لنخفف من آثاره السلبية على الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية».
ميدانيا، سيطر هدوء حذر داخل بلدة عرسال، مع تسجيل حالات نزوح محدودة لعائلات تمكنت من تأمين مأوى لها في القرى المجاورة. ويخشى أهالي البلدة من محاولات جديدة قد يقوم بها المسلحون للسيطرة على عرسال على غرار ما حصل مطلع الشهر الحالي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.