مسعى إسرائيلي لتهدئة مع «حماس» و«الجهاد»

رئيس الحكومة يوافق على عرض منطقة صناعية... ويمتنع عن الرد على الصاروخ

TT

مسعى إسرائيلي لتهدئة مع «حماس» و«الجهاد»

كشفت مصادر أمنية إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى بكل قوته إلى التوصل إلى اتفاق تهدئة مع حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» الفلسطينيتين، كي يمرر مهرجان الأغاني الأوروبية «يوروفيجن» الذي سيقام في 14 و18 من الشهر الجاري في تل أبيب.
وأكدت المصادر أن نتنياهو الذي يطلق تصريحات قتالية وتهديدات مباشرة، بلغت حد التهديد باغتيال قادة «الجهاد» قبل يومين، «يتخذ في الواقع مواقف معتدلة ويعمل على التوصل إلى تفاهمات مع التنظيمين». وأشارت إلى أنه «يقول في اجتماعات القيادات السياسية والعسكرية إنه يريد منح الفلسطينيين فرصة للتوصل إلى اتفاق خلال هذه الفترة». ونُقل عنه القول: «نعطيهم فرصة تمرير يوروفيجن. فإذا استغلوها وتوصلنا إلى تهدئة نكون كلنا رابحين. وإذا تقاعسوا ولم يستغلوها، نوجه لهم ضربة ويكون العالم كله مؤيداً لنا ومتفهماً لموقفنا مهما فعلنا».
ولهذا، قبل نتنياهو على الفور توصية تقدمت بها المؤسسة الأمنية تتضمن إعادة إنشاء منطقة صناعية مشتركة تشغل نحو 5 آلاف عامل فلسطيني من قطاع غزة في منطقة معبر كارنيه (المنطار). وحسب مصدر أمني كبير، فإن هذه المنطقة الصناعية ستكون مشابهة لتلك التي كانت تعمل في الماضي في معبر إيرز (بيت حانون)، والتي أوقفت إسرائيل نشاطها بعد فك الارتباط مع غزة ونقلت بعض مصانعها إلى مناطق أخرى.
وكان معبر كارنيه استخدم في الماضي معبراً رئيسياً للبضائع إلى قطاع غزة وأُغلق في عام 2011 بسبب تعرضه لهجمات من تنظيمات فلسطينية. وعلى مدار العام الماضي وبعد دراسات للموقع من قبل الجهات الأمنية الإسرائيلية المختلفة، عرضت خطط هندسية وأمنية مفصلة، وعليه ستكون المنطقة المحددة داخل إسرائيل، وسيقتصر الدخول من قطاع غزة على المنطقة الصناعية فقط.
وكشفت المصادر أن نتنياهو منع قوات الجيش من الرد على الصاروخ الذي أطلقه «الجهاد الإسلامي» من غزة باتجاه الشاطئ الإسرائيلي، أول من أمس. فقد اعتاد الجيش على الرد بقصف شديد وغارات على كل صاروخ يطلق نحو إسرائيل، حتى لو سقط داخل القطاع ولم يصل إلى هدفه. ولكن، في هذه المرة، طلب نتنياهو من الجيش أن يكتفي بالتهديد.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بياناً شديد اللهجة كشف فيه اسم وصورة بهاء أبو العطا، قائد «الجهاد الإسلامي» في منطقة العطاطرة (شمالي القطاع)، واتهمه شخصياً بأنه «أطلق قذيفة صاروخية نحو إسرائيل بشكل متعمد». وأضاف أن أبو العطا نفذ هذا الإطلاق «بتوجيهات من الأمين العام للحركة زياد النخالة». واعتبرت «الجهاد» هذا الاتهام بمثابة «تهديد مباشر بالاغتيال للرجلين».
لكن يتبين أن هذه اللهجة التهديدية جاءت للتغطية على القرار الاستثنائي بعدم الرد على الصاروخ حتى لا يتم تصعيد جديد ويتاح إنجاح الجهود المصرية لتحقيق تهدئة طويلة وعميقة. كما تبين أن إسرائيل، وفي الوقت الذي تهاجم فيه قادة «الجهاد» وتهدد بشكل غير مباشر باغتيالهم، معنية جداً بأن تكون الحركة شريكاً في التهدئة وليست مجرد متفرج من بعيد، عندما يريد يلتزم بالتهدئة وعندما يغير رأيه لا يحق لأحد محاسبته لأنه خارج الصورة.
الجدير ذكره أنه في إطار الاستنفار لتأمين «يوروفيجن»، نشر الجيش الإسرائيلي، أول من أمس، عدداً إضافياً من بطاريات منظومة «القبة الحديد» المضادة للصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية أنها لا تركن إلى جهود نتنياهو السياسية وأنها تتخذ الإجراءات الاحتياطية الضرورية لصد أي محاولات ستقوم بها «الجهاد» لإفشال تفاهمات «التهدئة»، والتخريب على مسابقة الأغاني الأوروبية. وكان الجيش الإسرائيلي نشر في 14 أبريل (نيسان) الماضي، عدداً من بطاريات «القبة الحديد» في مناطق وسط البلاد ومحيط مدينة تل أبيب، في أعقاب تهديد فصائل فلسطينية في غزة بضرب مسابقة «يوروفيجن».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.