أعمال 14 فناناً ومصمماً في معرض برنامج بيت جميل للفنون التراثية

الجمهور في معرض بيت جميل للفنون التراثية بجدة التاريخية
الجمهور في معرض بيت جميل للفنون التراثية بجدة التاريخية
TT

أعمال 14 فناناً ومصمماً في معرض برنامج بيت جميل للفنون التراثية

الجمهور في معرض بيت جميل للفنون التراثية بجدة التاريخية
الجمهور في معرض بيت جميل للفنون التراثية بجدة التاريخية

في وسط مدينة جدة، وفي الحي التاريخي يقام معرض لأعمال 14 فناناً وفنانة ضمن البرنامج السنوي الذي يقيمه بيت جميل للفنون التراثية بالشراكة مع مدرسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية. المعرض يستعرض تراث وتاريخ مدينة جدة الثري في مجال الحرف التراثية، ويبرز من خلال الأعمال المعروضة أهمية استغلال الخامات المحلية وإبراز الخصائص الفنية لتلك الحرف، علاوة على تأثير الفن الإسلامي على هذه الأعمال التراثية.
يقدم المعرض أعمالاً تصميمة وفنية جديدة للمشاركين من جدة هذا العام وهم: عمّار عاصف جيمان، وعبد العزيز منشي، وأسماء سعود العريفي، وداليا علي رضا، ودعاء أنس موسى، وفاطمة سينوي أرشد، وخلود عبد الكريم سنجاب، وملك عمر مصلاتي، ونور عبد الله جاري، ونهى عبد الله العمودي، وأمنية فاروق جمجوم، ورنا فهد السليمان، ورنا محمد عمر طشقندي، وسارة عبد الرحمن الجهني.
ومن الأعمال المعروضة ستارة مزخرفة تعاونت في صنعها فنانات من السعودية وسوريا تجسيداً للتراث المشترك بين البلدين، ومحاكاة لأنماط الزخارف في المسجد الأموي ومزجها مع حرفة النقش على خشب المنجور وأعمال الجبس. وهناك لوحة تحاكي الزخارف التراثية في عمامة الغبانة الحجازية لتصّور رحلات الشتاء والصيف التجارية القديمة بين اليمن وسوريا، مروراً بمكة المكرمة. وتشمل الأعمال المتنوعة الأخرى وحدات إضاءة وألواح خزف وسيراميك وصناديق تخزين.
وعلقت أنطونيا كارفر، المديرة التنفيذية لمؤسسة فن جميل على العرض بقولها: «كم هو رائع أن نرى ثمرة مجهودات البرنامج السنوي في بيت جميل للفنون التراثية - جدة وهي تتطور كل عام. جوهر هذا البرنامج هو الحفاظ على تراث منطقة «البلد» في جدة، حيث تعكس الأعمال التي أبدعها المشاركون ببراعة روح المدينة القديمة بكل ما تقدّمه من عمق تاريخي وثراء ثقافي».
يذكر أن بيت جميل للفنون التراثية - جدة قد افتتح في عام 2015 في منزل تراثي في قلب المدينة القديمة في جدة (البلد) كشراكة بين مؤسسة فن جميل ومدرسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية لتنفيذ برنامج سنوي للفنون التراثية بالتعاون مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.
ويشجع البرنامج المشاركين على فهم عميق للمبادئ والتطبيقات العملية للفنون التقليدية والتراثية. وعند إكمال البرنامج، يحصل جميع المشاركين على شهادة من مدرسة الأمير تشارلز في لندن. ويقدم البرنامج الأسس للمشاركين والتي يمكن من خلالها استكشاف الفرص الاحترافية في مجال الفنون والمحافظة على التراث والهندسة المعمارية والصناعات الإبداعية. وتوجه الدعوات للمشاركين لحضور المهرجانات الفنية الكبرى في محافظة جدة، بما في ذلك المعارض وورش العمل والاستوديوهات المفتوحة، علاوة على فرص التطوع في البرامج الفنية وتنفيذ ورش عمل للصغار والمجتمع المحلي.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.