القبض على ستة أكراد اغتصبوا لاجئة سورية قاصرا في أربيل

مظاهرات لأكراد سوريا أمام برلمان كردستان طالبت بإعدامهم

القبض على ستة أكراد اغتصبوا لاجئة سورية قاصرا في أربيل
TT

القبض على ستة أكراد اغتصبوا لاجئة سورية قاصرا في أربيل

القبض على ستة أكراد اغتصبوا لاجئة سورية قاصرا في أربيل

بعد ساعات من خروج مظاهرات للاجئين السوريين وصدور نداء من منظمات حقوقية ومدنية لرئيس الإقليم مسعود بارزاني، أعلنت مديرية شرطة مدينة أربيل اعتقال الأشخاص الستة المتهمين باغتصاب فتاة كردية سورية لاجئة بإقليم كردستان العراق، وحققت معهم، حيث اعترفوا جميعا بالجريمة، وفق المتحدث الرسمي باسم قيادة شرطة أربيل.
ففي تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أكد الرائد كاروان عبد الكريم أن «السلطات المحلية اهتدت إلى الجناة الستة، وأرسلت مفارز متعددة من الشرطة لتعقبهم، وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء جرى القبض على جميع المتهمين، وأجريت يوم أمس التحقيقات الرسمية معهم من قبل قاضي التحقيق، وقدموا اعترافاتهم الكاملة بارتكابهم الجريمة بمعاونة بعضهم البعض». وأشار المتحدث إلى أن «بين المتهمين الستة ثلاثة أشقاء، والآخرون كانوا أصدقاء لهم، جرى استدعاؤهم للاعتداء على الفتاة».
وكانت مديرية الشرطة في أربيل قد أعلنت أنه، وبعد ارتكاب الجريمة، جرى إبلاغ جميع القوات الأمنية المتأهبة «للاستعداد لاعتقال المطلوبين بعد الاطلاع على مرتكبي العملية الذين جرى كشفهم عن طريق كاميرات المراقبة التي رصدتهم في المول الذي تعمل به الفتاة».
وتمكنت قوات الأسايش من اعتقال أربعة من المتهمين وهم «س، ها، ق، ت»، في قرية بيرداود التابعة لمحافظة أربيل بعد محاولتهم الفرار «إثر انتشار معلومات حول ما حصل وأخذ إفادات الفتاة»، ليجري بعدها اعتقال المطلوبين الآخرين بعد الاعتراف عليهم من قبل الأربعة الذين اعتقلوا، والمطلوبين الآخرين «غ، م» حيث جرى اعتقالهم على الطريق الرئيس لقضاء مخمور في الساعة الخامسة من صباح أمس.
وكانت فتاة كردية في السادسة عشرة من عمرها تعمل لدى أحد المراكز التجارية (مول) في أربيل قد تقدمت بشكوى حول تعرضها لاغتصاب جماعي على أيدي مجموعة من ستة أشخاص بعد أن كمنوا لها وقت خروجها من العمل، وأرغموها على ركوب سيارة تابعة لهم وأخرجوها من المدينة ليعتدوا عليها بالتناوب وسط دموع وتوسلات الفتاة القاصر.
«س.م» الضحية، هي من سكنة كوباني (وهي مدينة ذات أغلبية كردية في سوريا)، تبلغ من العمر ست عشرة سنة، هاجرت مع عائلتها لكردستان العراق هربا من الوضع السيئ الذي تعيشه سوريا، «وبالأخص المنطقة الكردية فيها»، حيث استطاعت أن تجد لها عملا «كموظفة حسابات» في أحد المولات بأربيل.
وفي سردها لما تعرضت له من قبل الخاطفين، بينت «س.م» لقناة «رووداو» الكردية أنها اقتيدت بالقوة من أمام المول الذي تعمل فيه وعصبت عيناها ثم وضعت في داخل السيارة التي كان الخاطفين يستقلونها ليجري أخذها إلى مكان بعيد لم تعرف أين.
وأكدت «س.م» أنها لم تكن تستطيع فعل أي شيء سوى الصراخ وكانت تسمعهم يضحكون ويتحدثون باللهجة السريانية، حيث لم تفهم الكثير مما كانوا يتحدثون عنه. وأوضحت أنها وبعد أن تركوها ملقاة على الأرض بالشارع العام استطاعت الوصول لأحد البيوت القريبة، حيث أبلغ صاحب البيت الشرطة والقوات الأمنية وجرى أخذ إفادة الفتاة وأعيدت إلى البيت.
وأثارت عملية الاغتصاب ردود فعل عنيفة في الشارع الكردي بإقليم كردستان وكذلك في الجانب الكردي من سوريا، حيث احتشد العشرات من لاجئي سوريا فور سماعهم بالحدث للتظاهر ضد الجريمة، مناشدين رئاسة الإقليم بالقصاص من الجناة بصفتها مسؤولة عن حماية أعراض اللاجئين، بينما تقدمت 13 منظمة حقوقية ومدنية بنداء إلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني للتدخل شخصيا في القضية ومتابعتها لينال المجرمون عقابهم العادل.
ويوم أمس بعد سماع نبأ اعتقال المتهمين الستة، تظاهر العشرات من لاجئي سوريا بأربيل أمام مبنى البرلمان الكردستاني، رافعين لافتات تدعو إلى إعدام الجناة قصاصا منهم.
وفي تطور لافت بالقضية، فجرت مديرية الطب العدلي بتقريرها حول الحادث بأن الفتاة ما زالت عذراء. وقال متحدث الشرطة كاروان عبد الكريم، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، إن «المديرية أجرت الفحوصات الطبية على المجني عليها لتدعيم أوراق الشرطة حول الحادث، ولكن تبين أن الفتاة ما زالت محتفظة بعذريتها».
وحول تغير العقوبة القانونية في مثل هذه الحالات، أكد المتحدث أن «العقوبة القانونية لا تتغير في الحالتين، لأن نص المادة 423 من قانون العقوبات التي جرى بموجبها فتح أوراق القضية مع الجناة تنص على عقوبة الجاني في حال الوقاع ولم تحدد جهته، وعلاوة على ذلك لقد جرى خطف الفتاة بالإكراه وتعرضت للضرب، ولذلك فإن جميع نصوص المادة المذكورة تنطبق على الحادثة وسيحال المتهمون إلى المحاكمة بموجبها لكي ينالوا جزاءهم العادل».
يذكر أن المادة 423 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 النافذ المعدل تنص على أن «من خطف بنفسه أو بواسطة غيره بطريق الإكراه أو الحيلة أنثى أتمت الثامنة عشرة من العمر يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة. وإذا صحب الخطف وقاع المجني عليها أو الشروع فيه فتكون العقوبة السجن».



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.