تونس: «المعارضة» تتهم الشاهد باستغلال منصبه لأغراض انتخابية

TT

تونس: «المعارضة» تتهم الشاهد باستغلال منصبه لأغراض انتخابية

شككت أحزاب تونسية معارضة في جدية تعامل حكومة يوسف الشاهد مع ملف مكافحة الفساد، وأكدت أن هذا الملف تحديداً يطرح في مناسبات ومحطات سياسية محددة، وفي مقدمتها محطة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها نهاية السنة الحالية... لكن سرعان «ما يترك الحبل على الغارب»؛ على حد تعبير عدد من القيادات السياسية المعارضة لتوجهات الشاهد.
وكان الشاهد قد أعلن في كلمة وجهها، مساء أول من أمس، إلى الشعب التونسي أن حكومته هي التي اعتقلت رؤوس منظومة الفساد، ومررت في فترة قصيرة 6 قوانين «مهمة وثورية» لمكافحته، وقال إن «الحكومة أحالت مئات الملفات على القضاء... وما حدث خلال سنتين في ملف مكافحة الفساد لم يحدث في 60 سنة كاملة».
وأضاف الشاهد أن عدداً من المسؤولين الحكوميين «ضعفوا حين كانت الملفات بين أيديهم، وخافوا أن يلمسوا المنظومة حتى لا تصعقهم الكهرباء. أما نحن فقد لمسنا منظومة المافيا والفساد وجازفنا، وتحملنا كل المسؤوليات، وسنواصل الحرب على الفساد»، معرباً عن أمله في أن تتحلى الحكومات المقبلة بالشجاعة الكافية لمواصلة محاربة آفة الفساد، بعد أن كسرت حكومته «حاجز الصمت» على حد تعبيره. كما أوضح الشاهد أن «خريطة الطريق» للأشهر الستة المقبلة باتت واضحة، وفي مقدمتها «تحسين ظروف عيش التونسيين، والحفاظ على أمنهم، ومحاربة غلاء الأسعار».
في سياق ذلك، قال فيصل التبيني، رئيس حزب «صوت الفلاحية» (معارض)، إن رئيس الحكومة «يتحدث عن دولة أخرى غير تونس»، في إشارة إلى الحرب على الفساد التي أعلن أنه يشنها بلا هوادة ضد المحتكرين، مبرزاً أن دعوة الشاهد لمكافحة الفساد في هذا الوقت بالذات «لا تكتسي أي جدية». وفي معرض تبريره الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه البلاد، اتهم الشاهد الحكومات التي سبقته باستهلاك نصف احتياطي العملة الصعبة خلال 6 سنوات، وأبرز أن كثيراً من المؤشرات الاقتصادية تحسنت خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها قطاع الاستثمار والسياحة والتصدير، مقراً في الوقت ذاته بأن التونسيين «لم يلمسوا بعد هذا التحسن في حياتهم اليومية، والحكومة على وعي بالصعوبات التي يعيشونها».
في غضون ذلك، أوضح الشاهد أن التوتر السياسي الذي تشهده تونس حالياً نابع أساساً من الحملات الانتخابية المبكرة، من جهة، ومن المطالب المتشددة لبعض النقابات والغرف النقابية، من جهة أخرى، عادّاً أن بعض النقابات والغرف النقابية «وصلت إلى حد ابتزاز الحكومة، لاعتقادها أن الحكومة سترضخ بسبب الاستعدادات للانتخابات لهذه المطالب المجحفة... هذا ابتزاز مرفوض وغير مقبول».
على صعيد آخر، أثار الاجتماع الذي عقده أوليفييه بوافر دارفور، سفير فرنسا لدى تونس، مع أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم الثلاثاء الماضي، جدلاً سياسياً واسعاً بين أعضاء الهيئة نفسها، وفي صفوف أحزاب المعارضة التي تستعد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وعدّت هذا الاجتماع «تدخلاً من قبل دولة أجنبية في المسار الانتخابي». وقد رفض بعض أعضاء هيئة الانتخابات نشر خبر حول هذا الاجتماع على الصفحة الرسمية لهيئة الانتخابات.
وكانت زيارة مماثلة من سفير فرنسا لدى تونس إلى هيئة الانتخابات خلال شهر مارس (آذار) من السنة الماضية، قد أثارت كثيراً من الجدل حول أهداف هذه الزيارة، ومدى تأثيرها على نتائج الانتخابات البلدية التي نظمت في 6 مايو) من السنة نفسها. وتساءل أكثر من طرف سياسي عن مدى تدخل أطراف أجنبية في المشهد السياسي المحلي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».