يتعرض رجال المرور في تايلاند إلى مشكلة من نوع خاص، وهي كثرة تعرض السيدات الحوامل لمخاض الولادة في الشوارع، والميادين، وعند إشارات المرور، ففي شوارع العاصمة بانكوك المزدحمة والتكدس المروري تصبح عملية إسعاف السيدة التي يأتي موعد ولادتها صعبا.
ومع شروق الشمس فوق سماء العاصمة التايلاندية بانكوك في صباح أحد أيام هذا الصيف، شعرت نوباماس فينسونجنرن التي تبلغ من العمر 23 سنة بآلام المخاض.
وسارعت السيدة مع صديقها فونجساتورن كامسوم (20 سنة) بالخروج من شقتهما الكائنة في وسط بانكوك، واستوقفا سيارة أجرة لتحملهما إلى مستشفى يقع على بعد بضعة كيلومترات من مسكنهما.
غير أنه عندما وصلت السيارة إلى الطريق الرئيس كانت حركة المرور متوقفة تماما، رغم أن عقارب الساعة كانت تشير إلى السادسة صباحا فقط، وفي هذا الوقت الحرج تصاعدت مشاعر القلق، حيث بدت علامات تشير إلى أن الجنين بدأ في الخروج إلى الدنيا.
ويتذكر فونجساتورن أحداث ذلك اليوم قائلا: «لم أعرف وقتذاك كيف أتصرف، وانتابتني حالة من الذعر، واتصلت بمركز الطوارئ، وطلبوا مني التزام الهدوء وقالوا إن طبيبا في طريقه إلى المكان».
وفي هذه اللحظة كان رجل الشرطة المخضرم مانا جوكوسونج يدير حركة المرور المزدحمة في وقت الذروة الصباحية في ناحية أخرى من البلدة عندما التقط جهاز اللاسلكي الذي يحمله صوتا يطلب منه المساعدة، فترك الشرطي موقعه وامتطى دراجته النارية وأطلق أنوار مصابيحها وبوقها لتفسح المركبات لها الطريق، وانطلق مسرعا صوب سيارة الأجرة المتوقفة.
وينتمي مانا الذي يعمل في جهاز شرطة المدينة منذ 17 سنة إلى وحدة شرطة المرور الملكية ذات التدريب الخاص، التي تم تشكيلها للتعامل بشكل خاص مع هذه النوعية من حالات الطوارئ الطبية التي تحدث على الطرق.
وتتمثل الفكرة في توفير التدريب الطبي المتقدم لضباط الشرطة الذين يمكنهم بشكل عام الوصول إلى مسرح الطوارئ في أسرع وقت ممكن. وغالبا ما تتبع رجل الشرطة سيارة إسعاف مزودة بمسعفين، غير أن الاستجابة التي تأتي في الدقائق الأولى من جانب رجال الشرطة الذين يستخدمون دراجات نارية في تحركاتهم هي الأكثر أهمية.
ويقول مانا: «إذا تطلب الموقف فيمكننا أن نقود الدراجات فوق الرصيف أو في الاتجاه العكسي، فنحن نقوم بكل ما في وسعنا تنفيذه للوصول إلى الموقع المطلوب بأسرع ما يمكن».
ومن المعروف أن بانكوك هي مدينة مترامية الأطراف يبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين نسمة، وتشتهر باختناقاتها المرورية بشكل لا يمكن التنبؤ به، ويمكن أن يتحول المشوار السهل الذي لا يستغرق سوى عشرين دقيقة إلى عملية زحف بطيئة مثيرة للأعصاب لمدة ساعة كاملة.
وساعد الضباط في الوحدة الخاصة على ولادة ما إجماليه 121 رضيعا، إلى جانب اصطحاب أكثر من 2600 امرأة حامل إلى المستشفيات، ويجري تخويل الضباط توليد الحامل فقط في حالة ما إذا كانت الأم تشعر بأنها لن تستطيع الوصول إلى المستشفى في الوقت المناسب.
ويقول الضباط إنهم يقومون بتوليد طفل أو اثنين في المتوسط شهريا. وعند الوصول إلى سيارة الأجرة التي طلبت المساعدة استخرج الشرطي مانا مجموعة أدوات معقمة متنقلة للتوليد من داخل صندوق يعلو دراجته النارية، وجذب زوجا من القفازات الطبية، وتقدم ليجلب طفلا ذكرا يتمتع بالصحة إلى العالم.
هذه العملية كانت رقم 65 في مجموعة عمليات الولادة التي نفذها، مما جعله يحصل حتى الآن على لقب كبير القابلات في وحدة الشرطة الخاصة، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
ويواصل فونجساتورن ذكرياته قائلا: «إنني شعرت بالارتياح والأمان عندما رأيت رجل الشرطة يصل، وكنت أشعر بالقلق من أن يتعرض الطفل للخطر، ولكنني شعرت بالدهشة عندما بدأ الشرطي في التعامل مع الوليد المنتظر، إنني لم أشاهد شيئا من هذا يحدث من قبل».
وتلقى 12 من رجال شرطة بانكوك هذا العام تدريبا على حالات الولادة الطارئة في مستشفى محلي في إطار البرنامج، كما يساعد مانا أيضا على تدريس دورات تدريبية منتظمة للمبتدئين في مركز الشرطة باستخدام دمى بالحجم الطبيعي للرضع حديثي الولادة. وتم تأسيس هذه الوحدة الخاصة عام 1993 بتكلفة بلغت ثمانية ملايين باهت (ربع مليون دولار) جاءت منحة من القصر الملكي التايلاندي، وتم استخدام المال في شراء دراجات نارية جديدة وأجهزة لا سلكي وغير ذلك من المعدات.
وإلى جانب تلقي التدريب على عمليات التوليد، يتعلم رجال الشرطة أيضا كيفية تقديم رعاية طبية عامة في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى الإجراءات الأساسية لإصلاح السيارات والدراجات النارية.
ويشير الضباط إلى أن حالات الولادة في الطرق التي تجري في العاصمة التايلاندية غالبا ما تتعلق بالأمهات اللاتي يحملن للمرة الثانية أو الثالثة مما يسهل عملية الولادة، وأحيانا يكن من العاملات المهاجرات اللاتي يتوجهن للمستشفيات في حالة تعرضهن فقط لأمر طارئ.
بينما تتمثل الحالات الأخرى في أمهات ينتظرن ببساطة لفترة طويلة قبل أن يغادرن المنزل، أو لا يجدن سيارة تنقلهن إلى المستشفى.
وأكثر قطع المعدات أهمية بعد القفازات الطبية في صندوق المعدات الطبية المستخدمة في التوليد في الطرق، جهاز مطاطي صغير للشفط يستخدم في إزالة السوائل من فم الرضيع وأنفه التي قد تعوق عملية التنفس.
وغالبا ما يشعر الضباط الذين حصلوا على التدريب حديثا بالتوتر إزاء فكرة قيامهم بتوليد أول رضيع، غير أن مانا يؤكد أن هذا الشعور طبيعي تماما، ويقول: «إنني أثناء المرات القليلة الأولى من عمليات التوليد، كنت أدخل القفازات بصعوبة في يدي، فقد كنت أرتجف بشدة، وكان اتخاذ القرار يستغرق مني وقتا طويلا، ولم أكن أستطيع التفكير بشكل سليم مع وجود كل هذه الفوضى حولي». ويضيف: «كان قلبي يرتجف كما لو كان سينفجر، ولكن بعد التجربة الخامسة بدأت العملية تكون أكثر سهولة».
ويتابع مانا أن حشودا من المارة تتجمع حول مواقع الولادة في الطرق حول السيارة، وأحد التحديات التي يواجهها رجال الشرطة هو منع المارة من الاقتراب بشكل لصيق من السيارة «حتى لا ينتهكوا حق الأم في الخصوصية». ويشير إلى أن الناس غالبا ما يهللون عندما يسمعون بكاء الوليد.
وبالنسبة للشريكين الشابين ببانكوك اللذين قام مانا بتوليد طفلهما في يونيو (حزيران) الماضي، فإن الانطباع الذي خرجا به من تجربتهما دفعهما إلى إطلاق لقب «تاكس» عليه وهو اختصار لكلمة «تاكسي» الذي ولد به.
5:46 دقيقة
شرطة خاصة في بانكوك لمساعدة الحوامل على الولادة عند حدوث اختناقات مرورية
https://aawsat.com/home/article/168491
شرطة خاصة في بانكوك لمساعدة الحوامل على الولادة عند حدوث اختناقات مرورية
تدريب طبي لضباط الشرطة الذين يصلون لمسرح الطوارئ عبر دراجات نارية
شرطة خاصة في بانكوك لمساعدة الحوامل على الولادة عند حدوث اختناقات مرورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة