بينما تعرض ألمانيا حاليا على العمّال من كافة الجنسيات مئات آلاف الوظائف الشاغرة، لكن في المقابل فإن قسما من شركاتها العملاقة المدرجة أسهمها في مؤشر «داكس» الألماني الرائد تنوي تسريح عشرات آلاف الموظفين لديها لأسباب ثلاثة رئيسية هي، مواجهة التباطؤ الاقتصادي وإعادة هيكلة أعمالها وأنشطتها الدولية، فضلا عن تحديث بنيتها التحتية الإنتاجية للمحافظة على مستوى عال من التنافسية محليا وخارجيا.
وضمن برنامج ادخار سيغطي الأعوام العشرة القادمة تريد شركات ألمانية كبيرة تسريح مائة ألف موظف لديها لتوفير 20 مليار يورو (22.4 مليار دولار) حسب خبراء أسواق العمل في برلين.
في هذا الإطار يقول الخبير سيمون سينيك في وزارة العمل ببرلين إن ما يحصل داخل الشركات الألمانية الكبرى ليس إلا إعادة تموضع في أسواق العمل والتجارة معا. فمن جهة زادت هذه الشركات معاشات موظفيها نحو 3.1 في المائة خلال 2018، ومن جهة أخرى تريد احتواء تكاليف طواقمها العمالية لتحويلها إلى زيادة في الاستثمارات داخل قطاع البحث والتطوير. وفي الوقت نفسه يتم التخطيط لتوظيف الأيادي العاملة الجديدة صاحبة الكفاءة.
ويتابع: «نتوقع أن تؤدي استراتيجيات هذه الشركات الادخارية إلى الاستغناء عن خدمات مائة ألف موظف في ألمانيا سيتم تسريحهم على دفعات سنوية تمتد طوال الأعوام العشرة المقبلة. وفي حال جرى دمج مصرفي دويتشه بنك وكوميرس بنك معا فعلينا أن نتوقع زيادة إضافية في حركة التسريح هذه تتراوح بين 20 و30 ألف موظف».
ويختم بالقول: «تعتبر فولكسفاغن الألمانية بين أهم الشركات التي قررت الاستعانة بعملية التسريح للتأقلم مع عصر جديد من إنتاج السيارات يتميز بثورة تكنولوجية لا سابق لها، ففي عام 2016 قررت فولكسفاغن تسريح 30 ألف عامل بحلول عام 2020، ولغاية عام 2023 تنوي التخلص من 5 إلى 7 آلاف موظف إضافي. ورغم كل شيء لا يمكننا الربط بين موجات التسريح التي تجرف معها آلاف الموظفين ووضع كارثي لسوق العمل المحلية. على العكس، في موازاة حركة التسريح هذه، تعرض الشركات وظائف جديدة ومهنا جديدة تتناسب مع عصرنا الرقمي. ومن المتوقع أن تستقبل شركة فولكسفاغن عشرة آلاف موظف جديد تدريجيا. أما شركة بي إم دبليو فهي تخطط لادخار 12 مليار يورو بحلول عام 2022 من دون أن تقوم بأي عملية تسريح هذا العام».
في سياق متصل تشير الخبيرة ستيفاني فوغل من مرصد الأبحاث الاقتصادية في برلين إلى أن شركات عملاقة مثل دويتشه بوست وتوسن كروب تعاني من ضغوط سببتها تكاليف العمل العالية لديها. فشركة البريد الألماني دويتشه بوست لديها 520 ألف موظف حاليا. ولقد سبق أن أعلنت عن برنامج لادخار 400 مليون يورو سنويا. وللآن لا تنوي تسريح موظفيها. على العكس هي تستعد لتجنيد خمسة آلاف موظف جديد. وفي مطلق الأحوال تدرس إدارتها برنامج إعادة هيكلة بطابع اندماجي مع عدة قطاعات تجارية وطنية. وقد يؤول تفعيل هذا البرنامج إلى تسريح مئات الموظفين من شركة البريد الألماني.
وتختم: «يرسو عدد الموظفين لدى شركة توسن كروب على 161 ألفا، ومع أن إدارتها قررت تسريح ألفي عامل، إلا أن العدد النهائي قد يتخطى بسهولة هذا السقف. وبالنسبة لعملاقة الطاقة الألمانية آر دبليو إي فهي قد تسرّح 5 آلاف موظف مقارنة بـ2900 موظف في شركة سيمنز و12 ألف موظف لدى شركة باير الصيدلانية التي تعمل على تسريع تفعيل برنامج التسريح والانتهاء منه بحلول عام 2021، خصوصا بعد شرائها شركة مونسانتو.
ومن غير الواضح بعد ما سيكون مصير 3200 موظف لدى شركة لوفتهانزا للطيران الذين لا يوجد لديهم الكفاءات الضرورية لرقمنة أنشطتها كما يجب».
الشركات الألمانية العملاقة ستستغني عن مائة ألف وظيفة
الشركات الألمانية العملاقة ستستغني عن مائة ألف وظيفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة