موضوع هجرة الشباب اللبناني سعياً وراء حياة كريمة ولقمة العيش قد يكون العنوان العريض للفيلم السينمائي الترفيهي الجديد «ساعة ونص وخمسة». وإضافة إلى هذه المشكلة التي تحضر كأحد هموم شباب اليوم فإنّ الفيلم يتناول واقعاً أليماً يحيط باللبنانيين من دون أن يجدوا مفراً منه.
فكما انقطاع الكهرباء والماء ومشكلة تكدّس النفايات، يتطرّق الفيلم أيضاً إلى استخفاف رجال السياسة بمعاناة مواطنيهم. فحتى الأبطال منهم والمخترعون والعباقرة لا يكافأون إلا بحفلات تكريمية واهية يغيب عنها تقدير بلدهم لهم بكل ما للكلمة من معنى. ويلعب بطولة الفيلم إلى جانب عباس شاهين وتاتيانا مرعب، باقة من الممثلين أمثال ختام اللحام ونهلة والكو داوود وجورج دياب وسلطان ديب وغيرهم، إضافة إلى الوجه الجديد سابين خالد.
وهو يتمحور حول رغبة عباس وريما (تاتيانا) السفر إلى «كوبنهاغن» لضمان مستقبلهما كزوجين شابين، لكنّ الأمور تتعثّر لعدم توفر المال الذي عليهما دفعه، لذلك تبدأ رحلتهما مع مواقف تشويقية بعد أن يُزجّ عباس في مستشفى الأمراض العقلية تجنياً، وهو الذي يخطّط للهرب ولاختطاف ريما في ليلة زفافها من أحد رجال مافيا التهريب. هكذا يعرّض الزوجان نفسيهما لمطاردات وتهديدات تُختتم بنهاية سعيدة.
وتحاول كاتبة الفيلم كلوديا مرشيليان بقلمها الرشيق والمنوّع، تقديم حبكة فيلم كوميدية في إطار درامي خفيف لتنتزع ضحكة تلقائية من المشاهد. وتنبع ابتسامته هذه من واقع يعيشه، إذ خفّفت مرشيليان من وطأة ثقل الواقع بقفشات ومواقف تطبق قاعدة «المضحك المبكي». ويلعب بطولة الفيلم الممثل عباس شاهين المعروف بخفة ظلّه وبتجاربه الرائدة في عالم الغناء والمسرح إلى جانب فنانين معروفين أمثال مارسيل خليفة وخالد الهبر وزياد الرحباني وأحمد قعبور وسامي حواط وغيرهم، فيتحفنا بأداء عفوي بعيد كل البعد عن المبالغة وتشتيت عين المشاهد بمشاهد سينمائية ملصقة بهدف تعبئة فراغ. حتى عباس خلع عباءته الكوميدية التي اشتهر بها ليقدّم مشاهد درامية، ونجح في ملامسة مشاعر المشاهد خلالها.
هذا الفيلم الذي سبق وقُدّم الجزء الأول منه العام الماضي مع نفس الكاتبة والمخرج وبطليه الأساسيين لا يشكل تكملة له. فمخرجه نديم مهنا كما كاتبته كلوديا مرشيليان أراداه مستقلاً بموضوعاته وسياق أحداثه على الرّغم من دورانه في حلقة الهجرة إلى الخارج، عنوان الجزء الأول. وشكّلت تاتيانا مرعب ثنائياً ناجحاً مع شاهين، فجسّدت الدّور بطبيعية مستخدمةً مخزونها التمثيلي التلقائي الذي عوّدتنا عليه في مسلسلات درامية سبق وشاركت فيها. أمّا ختام اللحام فقدّمت كوميديا من نوع آخر ترتكز على «رسائل التليفون المكسور» التي سبق ومورست من قبل فنانين كثر من بينهم المغني الفرنسي الراحل إيف مونتان في أغنيته الشهيرة «التيليغرام». فكان المشاهد ينتظر العبارات الخاطئة التي ستتفوّه بها بسبب سمعها الرديء لينفجر بالضّحك تلقائياً في كل مرة أطلّت فيها لتُحدث الفرق في فنون الكوميديا النظيفة السائدة في العمل.
أمّا نهلة داوود وزوجها ألكو، فقد يتضمّن هذا الفيلم أحد أدوارهما الكوميدية القليلة التي سبق وشاركا فيها، ونجحا في استمالة المشاهد بعفويتهما وحرفيتهما التي تجلّت في هذا الخط التمثيلي تماماً كأدوار أخرى لعباها في عالم الدراما.
ومع النّفس الجديد الذي يبثّه مخرج العمل نديم مهنا، في إدارته للفيلم يتلقفها مشاهد حفل العرض الأول من خلال «ذا مايكينغ أوف» (كواليس التصوير)، وهي الفقرة التي سبقت عرض العمل. فنشاهده يعطي تعليماته للممثلين بدقة خلال عملية التنفيذ ويدخل في تفاصيلها. كما أنّه صاحب كوادر تصويرية تنمّ عن عين خبيرة في كيفية التقاط المشهد.
ولعلّ أكثر المشاهد التي شكّلت ذروة الضحك لدى المشاهد هي تلك التي ترتبط بعالم السيارات والمشهور في تقديمه البرنامج التلفزيوني المنبثق من هذا العالم «موتور شو». فسائق الميني باص جورج يمين الذي يقلّ على متنه أصدقاءه الهاربين من مستشفى للأمراض العصبية يمارس هوايته في الـ«دريفتينغ» (التشفيط) ضمن قالب كوميدي مضحك يوقّعه بجدارة نديم مهنا. وتجدر الإشارة إلى انطلاق عروض فيلم «ساعة ونص وخمسة» في الصالات اللبنانية، بدءاً من غد (الخميس).
فيلم «ساعة ونص وخمسة» يتناول واقعاً أليماً في ابتسامة
يخرجه نديم مهنا ويلعب بطولته عباس شاهين
فيلم «ساعة ونص وخمسة» يتناول واقعاً أليماً في ابتسامة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة