والد مسعف قُتل في «الدهيشة»: «شهيد الحركة الإنسانية» وليس لأي فصيل

والد مسعف قُتل في «الدهيشة»:  «شهيد الحركة الإنسانية» وليس لأي فصيل
TT

والد مسعف قُتل في «الدهيشة»: «شهيد الحركة الإنسانية» وليس لأي فصيل

والد مسعف قُتل في «الدهيشة»:  «شهيد الحركة الإنسانية» وليس لأي فصيل

قتلت إسرائيل المسعف الفلسطيني ساجد مزهر (17 عاما) في مواجهات في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم جنوب الضفة الغربية، على الرغم من أنه كان يرتدي الزي الكامل الذي يفترض أن يوفر له الحماية.
وقال عبد الحكيم مزهر والد ساجد لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يصرون على أن يخطفوا منا الفرح والحلم». وأضاف وهو يشير إلى صورة ابنه وصورة لابن عمه الذي قتله الجيش قبل أشهر: «لقد خطفوا أحلامنا وأفراحنا بقتلهم كل هذا العدد من الأطفال والشبان الصغار... ساجد كان أمامه كثير من الخطط والأحلام والمستقبل الكبير». وأصيب ساجد إلى جانب 3 آخرين في مواجهات بعد فجر أمس، قبل أن ينقل إلى المشفى ثم يعلن عن «استشهاده». قبل ذلك ظهر ساجد في صورة للتاريخ وهو يرفع علامة النصر من على السرير. لم يكن يتوقع أحد أنه سيرفعها ويمضي، لكن الأطباء فشلوا في السيطرة على نزيف حاد جراء الرصاصة المتفجرة التي عاثت في أوردته تقطيعا.
كان يفترض أن ينهي ساجد الثانوية العامة بعد شهرين من الآن متفوقا في مدرسته الصناعية «السالزيان» في بيت لحم، وهي مدرسة متخصصة في استقطاب أصحاب الميول الصناعية، لكن رصاصة واحدة كانت كفيلة بإنهاء حياته وأحلامه وأحلام والديه للأبد.
يتذكر الأب المكلوم كيف أنه سأل ولده قبل أن يغادر البيت في وقت مبكر من الفجر «وين؟». ورد عليه بأنه ذاهب لمعالجة جرحى محتملين في المواجهات الروتينية في المخيم، فحذره «بلاش تنطخ»، لكن الشاب الذي مضى إلى النهاية في ميدان طالما أحبه، أقنع والده بأن لباس المسعفين الذي يرتديه سيكون كفيلا بحمايته.
لم يكن يعلم أنه لا يوجد قواعد لدى الجيش المدجج بالسلاح وهو يواجه أطفالا عُزلا في أزقة ضيقة.
وساجد واحد من المتطوعين في الإغاثة الطبية الفلسطينية التي تنشط كخدمة إسعاف في الأراضي الفلسطيني إلى جانب الخدمة الأوسع، خدمة الهلال الأحمر. واختبر ساجد ورفاقه عدة مرات إسعاف الجرحى وسط المواجهات، لكنه فقد حياته هذه المرة بعد 8 أشهر فقط من قتل الجيش نفسه ابن عمه الأصغر «أركان»، الذي يبلغ من العمر 15 عاما في المخيم نفسه في المواجهات المتكررة نفسها.
كان والد أركان، ثائر مزهر وهو شقيق عبد الحكيم، يتجرع الألم مرتين، مرة بابن أخيه الذي فقده الآن، ومرة بالذكريات الطافحة التي داهمته فراح يتذكر ابنه الصغير المبتسم دائما. لكن على الرغم من ذلك بدا الرجل إلى جانب أخيه مثل جبلين. بعد قليل تلقى عبد الحكيم مكالمة مهمة أعطته كثيرا من المعنويات. لقد كان على الخط الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي عزاه وشد من أزره.
نقل له عباس تعازيه الحارة «داعيا الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان». وفي الأثناء نعت الفصائل الفلسطينية المسعف الشاب، لكن والده قال إنه «شهيد فلسطين» و«شهيد الحركة الإنسانية» وليس أي فصيل.
أراد عبد الحكيم لابنه أن يكون ابن الجميع بلا استثناء وأوسع من المنطقة التي ولد وقضى فيها.
بعدما نعاه الرئيس نعته السلطة ووزارة الصحة الفلسطينية، مستنكرين الجريمة الإسرائيلية الجديدة.
وقال وزير الصحة جواد عواد في بيان، إن «قتل الاحتلال للمسعف المتطوع برصاص (حي) في البطن يعد جريمة حرب، وإصرارا لدى هذا الجيش على خرق كل المعاهدات الدولية والاتفاقيات التي تدعو إلى حماية المسعفين أوقات النزاعات». وأضاف عواد: «باستشهاد المتطوع مزهر، يرتفع عدد الشهداء من المسعفين ومتطوعي الإسعاف منذ مطلع عام 2018 لأربعة شهداء، بينهم مسعفة، ما يدلل على تعمد الاحتلال استهداف الطواقم الطبية والمسعفين وعرقلة عملهم في تقديم الواجب الإنساني للمُصابين».
كما أدانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني استهداف قوات الاحتلال للمسعف المتطوع في جمعية الإغاثة الطبية. وأضافت أن «الاستهداف يشكل مخالفة واضحة لأحكام القانون الدولي الإنساني التي تنص على احترام الطواقم الطبية وتوفير حماية خاصة لهم حتى يقوموا بتأدية واجبهم الإنساني بأمان ودون خطر يتهدد حياتهم وإيصال خدماتهم الإسعافية والإغاثية للضحايا المدنيين الواقعين تحت الاحتلال. علما بأن الاستهداف المباشر والمتعمد للمدنيين وطواقم الإسعاف يشكل جريمة حرب».
كان زملاء ساجد في الإغاثة الطبية هم الذين عالجوه في البداية. وقال عبد المهدي غريب مسؤول الإسعاف في جمعية الإغاثة الطبية في بيت لحم، إنه أصيب وهو يلبس لبس الإسعاف. وأضاف: «أصابوه في بطنه عندما كنا في وسط الشارع... لم يكن هناك أحد معنا. لقد قتلوه بشكل مباشر».
وبصورة غير مألوفة لم يعقب الجيش الإسرائيلي على ظروف قتل مزهر. في رام الله كان شبان بعمر مزهر يرشقون القوات الإسرائيلية بالحجارة وهو مشهد قد يتكرر في بيت لحم من أصدقائه الغاضبين.
حرق الشبان في رام الله سيارة عسكرية تمددت بعدها الاشتباكات. وقبل ساعات فقط اعتقل الجيش 30 فلسطينيا بينهم 3 من مخيم الدهيشة في ليلة فلسطينية عادية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.