أمام مليارات المواقع الإخبارية التي يمكن الإبحار فيها وتصفحها يومياً، لم يكن العاملون بالصحافة والإعلام يتوقعون قبل 10 أعوام أن يكون هاتفهم الذكي بلُّورتهم السحرية للاطلاع على كل ما يحدث في العالم في جزء أقل من الثانية، وقد أصبحنا اليوم، إعلاميين ومواطنين، لا نستقي الأخبار من مصادرها المعتادة مباشرةً؛ بل عبر وسيط بارع يجمع لنا الأخبار وينبهنا إلى العاجل منها، ويمكننا من متابعة آلاف المواقع بلمسات بسيطة عبر هواتفنا الذكية... إنها «تطبيقات الأخبار المجمعة» التي فرضت نفسها على الوسائط الإعلامية واستقطبت الجماهير.
قبل عدة أعوام ظهرت خدمات الرسائل النصية عبر الهواتف المحمولة وناقشتها «الشرق الأوسط» في تحقيق مستفيض بعنوان «رسائل الجوال الإخبارية». وذلك في أعقاب ثورات 2011، أو ما سُمي «الربيع العربي» ليكشف التحقيق عن الرغبة العارمة للجماهير في مواكبة الأحداث ومتابعة الأخبار، والآن وعقب 8 سنوات يمكن الوقوف على واقع متابعة الأخبار عبر تعدادات المشتركين لدى مواقع الأخبار المجمعة «نيوز أبليكيشن» التي تجمع الأخبار فور نشرها على منصات ومواقع الأخبار والصحف في مكان واحد.
ويقدَّر عدد المشتركين مثلاً في تطبيق «غوغل نيوز» أكثر من مليار مشترك، و«نيوز ريبابليك» بنحو 50 مليون مشترك، و«ديلي هنت» أكثر من 50 مليون مشترك، وعلى مستوى المتحدثين بالعربية هناك تطبيق «نبض» الذي بلغ عدد مشتركيه 11 مليوناً، و«أخبار العالم» بنحو 500 ألف، فيما تم حمَّل تطبيق «زاجل» الذي تم إطلاقه مؤخراً في مصر هذا العام 100 ألف مشترك. لكن يبقى السؤال: هل من المفيد الاطلاع على كل هذا الكم من الأخبار والمواقع؟
يقول الكاتب د. جمال زايدة، أستاذ الصحافة والإعلام بالأكاديمية العربية البحرية، لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم وجود هذه التطبيقات فإنها فعلياً لم تقوَ على منافسة «السوشيال ميديا»، فالغالبية العظمى من الجماهير تستقي الأخبار وتتفاعل معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى إن تلك التطبيقات لا يتم الرجوع إليها إلا في حال البحث عن خبر أو قصة معينة. ويلفت إلى أن الجمهور عادةً يستقي المعلومات والأخبار من مواقع بعينها اعتاد على قراءتها، وهذه المواقع أصبحت تتيح محتواها على أكثر من منصة تواصل اجتماعي عبر حسابات خاصة بها.
لا يعول زايدة كثيراً على أهمية هذه التطبيقات، قائلاً: «الهواتف النقالة والذكية بشكل عام كوسيط إعلامي لن تستمر في المستقبل بهذه الصورة بل سيؤدي الذكاء الاصطناعي والتطور الرقمي إلى اختفاء الأجهزة اللوحية والاستعانة بشاشات هولوغرام، أو شرائح إلكترونية مزروعة تمكّن الإنسان من استخدام الفراغ كشاشة أو عبر عدسات إلكترونية على العين مباشرة وهكذا».
وحول مدى استفادة الصحافيين المحترفين من التطبيقات الإخبارية، أو ما إذا كانت تمثل عنصر تشتيت لهم مع سرعة تواتر نشر الأخبار، يقول عمرو أحمد، رئيس تحرير بقناة «إكسترا نيوز» الإخبارية، لـ«الشرق الأوسط»: «هي مفيدة بكل تأكيد في متابعة الأخبار العاجلة، وتمكِّننا من الإلمام بأكثر من مصدر على شاشة الهاتف دون الحاجة إلى الدخول إلى كل موقع إخباري على حدة وذلك يوفر الكثير من الجهد والوقت». وحول سلبياتها، يقول: «أكبر إشكالية هو وجود بعض التأخير في بث الأخبار عن توقيت نشرها على المواقع الأصلية مما يعطل غرف الأخبار، وأحياناً يتم تصنيف الأخبار (عاجلة) وهي ليست كذلك».
أما أحمد عصمت، مدير «منتدى الإسكندرية للإعلام»، فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «انتشار مواقع وتطبيقات في صناعة الإعلام أصبح ظاهرة عالمية، تُعرف باسم المجمعات (aggregators) التي تجمع الأخبار وتصنفها وتنقلها للمستخدم، وجزء منها يتم دعمه عبر الإعلانات أو اشتراك المستخدم، وهي في ازدياد نتيجة انتشار المواقع مع الإيقاع السريع للحياة ووجود مواقع غير موثوق بها».
ويشير إلى أن الجماهير أحياناً تكون في حاجة إلى معرفة المعلومة دون صياغة خبر كامل وهي توفر ذلك، أو تحيل لمصدر الموقع الأصلي». ويؤكد أن الجانب السلبي فيها هو «احتمالية أن تكون التطبيقات مستخدمة في جمع البيانات وتحللها أو تضر بأجهزة المستخدم».
وحول دور تطبيقات الأخبار المجمعة في صناعة الإعلام ومستقبلها، يؤكد رجل الأعمال الصيني صالح ما، صاحب شركة «ون مينا» للتطبيقات الإلكترونية، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التطبيقات أصبحت مجالاً واعداً للاستثمار خصوصاً مع تزايد أعداد المستخدمين والمشتركين. وعن تجربته في إطلاق تطبيق إخباري هو «عناوين» والذي بلغ عدد مرات تنزيله أكثر من 200 ألف، يشير إلى أنه «مع تزايد الإنترنت في جميع مجالات الإنتاج، أصبح دور ثقافة الإنترنت في الحياة اليومية لمستخدمي الإنترنت أكبر أهمية، ولتلبية احتياجاتنا عبر الفضاء الافتراضي باتت (التطبيقات الإخبارية) ضرورة ملحة».
ويؤكد صالح أنه «في الوقت الحاضر، لا يمكن تجاهل تأثير التطبيقات على ثقافة الشباب والتعليم والترفيه وفلسفة الجمال. ولذلك، نحاول أن نضمن النمو المطرد والمستقر لهذه الصناعة التي أصبحت تشكل صورة جيدة للمنتجات الثقافية عبر الإنترنت».
تطبيقات الأخبار المجمعة... منافسة مع المواقع الإخبارية وتأثير على ثقافة الشباب
تطبيقات الأخبار المجمعة... منافسة مع المواقع الإخبارية وتأثير على ثقافة الشباب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة