المستثمرون الألمان يجنون الأرباح في الأسواق المالية الصينية

متسوقون في إحدى أسواق بكين (رويترز)
متسوقون في إحدى أسواق بكين (رويترز)
TT

المستثمرون الألمان يجنون الأرباح في الأسواق المالية الصينية

متسوقون في إحدى أسواق بكين (رويترز)
متسوقون في إحدى أسواق بكين (رويترز)

أعطى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب أسواق الأسهم الآسيوية زخماً قوياً إثر إعلانه عن تأجيل فرض عقوبات جمركية إضافية على الصين، كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر.
ولأن الأسواق الآسيوية، لا سيما الصينية، تمثل مصدر رزق للمستثمرين الألمان، يؤكد خبراء المال في مدينة فرانكفورت أن مؤشر شنغهاي المركب انتعش منذ بداية شهر مارس (آذار) الراهن 5.6 في المائة، في حين انتعش مؤشر «سي إس إي 300» الذي يجمع تحت سقفه أكبر 300 شركة صينية 5.95 في المائة، وبذلك حققت بورصة شنغهاي الأرباح اليومية الأبرز منذ شهر يونيو (حزيران) من عام 2015.
وفي هذا الصدد، يقول أندريه فان ديلدن، الخبير المالي في مصرف «دويتشه بنك» في فرانكفورت، إن أسواق الأسهم الصينية بين الأسهم الأكثر تأثراً في العالم بأجواء الشكوك والضبابية التي تخنق البورصات الدولية، والتي آلت إلى غرق بورصات الصين في دوامة خسائر حادة في العام الماضي. فمؤشر شنغهاي المركب خسر 25 في المائة من قيمته عام 2018، أما مؤشر «سي إس إي 300» فخسر بدوره 27 في المائة من قيمته.
ويضيف هذا الخبير أن أحوال البورصات الصينية تبدلت 180 درجة منذ بداية عام 2019. فمنذ شهر يناير (كانون الثاني) الفائت، ربح مؤشر «سي إس إي 300» نحو 25 في المائة، كما ربح مؤشر شنغهاي المركب 20 في المائة. وبالطبع، تمكن المستثمرون الألمان بدورهم من الاستفادة من موجة الأرباح هذه، مما يعطيهم المزيد من الشجاعة والطاقة اليومية للمضي قدماً في أنشطتهم التوسعية في الصين التي يبدو أنها أصبحت بر أمان لهم هذا العام.
ويتابع: «لقد دعم اليوان الصيني المستثمرين الألمان والأجانب الذين راهنوا على الأسواق المالية الصينية. فنتيجة ارتفاع قيمة أبرز المؤشرات المالية الصينية، زادت قيمة اليوان 2.47 في المائة أمام الدولار الأميركي، و3.47 في المائة أمام اليورو. وإذا أخذنا في الحسبان ارتفاع اليوان في أسواق الصرف الدولية، نلاحظ بسهولة أن الأرباح التي حققها المستثمر الألماني أو الأجنبي، تحت مجهر اليورو، رست على 28.6 في المائة في مؤشر (سي إس إي 300). وتحت مجهر الدولار الأميركي، بلغت هذه الأرباح المتعلقة بالمؤشر نفسه 27.3 في المائة. علاوة على ذلك، عادت رؤوس الأموال الأجنبية التي جرى ضخٌها في البورصات الصينية إلى وتيرتها السابقة المنتعشة. وفي شهر يناير الفائت وحده، سجلت السلطات المالية الصينية التي تدير بورصتي هونغ كونغ وشنغهاي وصول استثمارات أجنبية إلى البورصات الصينية، بلغ حجمها 9 مليارات دولار».
ويختم الخبير الألماني بالقول: «يوجد عاملان اثنان يقفان وراء انتعاش البورصات الصينية منذ بداية العام، مما تسبب بزيادة إقبال المستثمرين الألمان عليها بقوة: فمن جهة، وصلت قيمة أسهم الشركات الصينية، لا سيما تلك المدرجة في مؤشر (سي إس إي 300)، إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2014. وكردة فعل جماعية، خسرت هذه الشركات جاذبيتها أمام المستثمرين الدوليين في العام الماضي، أما هذا العام فها هي تعيش مجدها التاريخي ثانية بفضل انتعاش أسهمها مجدداً. ومن جهة ثانية، تركت الأخبار المتعلقة بفرض المزيد من الضرائب الجمركية على الصين آثاراً سلبية، وسرعان ما تحولت التوقعات حول هذه الضرائب إلى آمال إيجابية، خصوصاً بعد إعلان الإدارة الأميركية عن نواياها إرجاء تطبيق هذه الضرائب إلى إشعار آخر، تقرره المفاوضات المقبلة بين الدولتين».
وفي سياق متصل، يقول هانز بيتر ماير، الخبير الألماني في مصرف «كوميرس بنك» ببرلين، إن أسواق الدول النامية تشهد عموماً انتعاشاً مهماً بفضل تدابير الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ومصارف مركزية أخرى، ما آل إلى تنشيط حركة الاستثمارات الدولية داخل الأسواق النامية التي يرى خبراء ومستثمرون أن أحوالها محفوفة بالمخاطر.
وحسب رأيه: خففت المصارف المركزية في العالم سياستها المتشددة في الآونة الأخيرة جراء تباطؤ سرعة عجلات الاقتصاد العالمي، مما تسبب بانتعاش الأسواق المالية. فعلى سبيل المثال، قرر المصرف المركزي الصيني تفعيل حوافز مالية جديدة لإنعاش الاقتصاد الصيني، ومن غير المستبعد أن تحذو دول أخرى حذو هذا المصرف لإنشاء غلاف مالي يحمي أسواقها المالية من أي انتكاسة أو شلل فجائي.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».