«حرصتُ على النطق بالعربية الصحيحة حتى يشب الأطفال على السماع السليم للغة، فتضاف فائدة إلى فائدة... وكل أملي أن تنجح المقاصد، وأن يحتفظ الأطفال اليوم بصوتي المسجل، ليعيدوا سماعه وهم كبار، وقد صرت أنا تراباً، ويقول بعضهم لبعض: هذا صوت رجل من عصر مضى حكى لنا وأحبنا».. كانت هذه أمنية الأديب المصري الراحل توفيق الحكيم (1898-1987) التي كتبها وقرأها بصوته بمقدمة كتابه «حكايات توفيق الحكيم للصبيان والبنات».
وبعد أكثر من 30 عاماً على رحيله، يطأ الحكيم أرضاً جديدة تمنى أن يعبر إليها بصوته، ليحكي إلى جيل من الأطفال لا يعرفه، وإنما أراد أن يُرسل لهم بصوته حكاياته ومعها محبته، إذ أعلنت دار «الشروق» المصرية أخيراً عن إطلاقها لطبعة ثالثة جديدة من كتاب حكايات الحكيم، وصدور النسخة الصوتية منه على منصة «اقرأ لي».
وفصّل توفيق الحكيم في مقدمة كتابه «حكايات توفيق الحكيم للصبيان والبنات»، الذي صدر لأول مرة في عام 1977، أسباب تسجيله للحكايات بصوته، وصدر في هذا الوقت مُرفقاً بشريط كاسيت يوزع مع الكتاب، ولكن مع الوقت، ومع الاختفاء التدريجي لاستخدام تقنية الكاسيت، ظل صوت الحكيم وحكاياته مختبئاً، حتى أعلنت دار «الشروق» المصرية إطلاقها لطبعة ثالثة جديدة من الكتاب، مع إصدار نسخة صوتية منه على واحدة من المنصات الصوتية التي تتعاقد معها، وهي منصة «اقرأ لي».
أحمد بدير، مدير عام دار «الشروق» المصرية، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الدار حصلت على التسجيل الصوتي لتوفيق الحكيم على شريط كاسيت من أسرته، وإن الدار ستتيح الكتاب المسموع على أكثر من منصة كتب صوتية، وإن (اقرأ لي) هي أول من أتاح الكتاب صوتياً، تلتها منصة أخرى ستتيح الكتاب الصوتي بعدها قريباً».
ويضيف بدير أن دار «الشروق» حصلت على حقوق نشر أعمال توفيق الحكيم عام 2005، وأنها قامت في هذا الوقت بنشر عدد من أعماله، ومن بينها «حكايات توفيق الحكيم للصبيان والبنات»، ولكنها نشرت الكتاب مطبوعاً فقط، ويتابع: «لم تكن هناك منصات صوتية في هذا الوقت لإتاحة حكايات توفيق الحكيم بصوته، وقمنا بمناسبة الطبعة الثالثة للكتاب بإطلاق الكتاب بهذه الخاصية الصوتية، بمشاركة المنصات الصوتية التي نتعاقد معها».
ويقول بدير إن الدار تنشر الكتاب في طبعته الثالثة بالغلاف ذاته الذي ظهر به في أول طبعة في 2005، من تصميم الفنان حلمي التوني، ويظهر به رسم لتوفيق الحكيم في سن أقرب للشباب وهو محاط بالأطفال الذين يقرأ لهم، وإن الحكايات متاحة كما هي، ولم يتغير في الطبعة الجديدة سوى الإشارة على غلاف الكتاب بطرحه صوتياً، وإتاحة رابط يوضح مسارات الكتاب الصوتي في التطبيقات التي ستتوفر بها، إلى جانب «اقرأ لي».
ويقول أحمد المالكي، المدير التنفيذي لمنصة «اقرأ لي»، أول منصة تطرح الكتاب الصوتي لحكايات الحكيم، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الكتاب الصوتي يعد الأول على منصتهم الذي يكون بصوت مؤلفه نفسه»، وأضاف أن «المنصة ستكرر هذه التجربة قريباً مع مؤلفين آخرين يقرأون نصوصهم».
وأضاف المالكي أن «الكتب المسموعة لا تزال غير واسعة الانتشار بالشكل الكافي، رغم تحميل كتبهم الصوتية مليون مرة من تطبيقهم، إلا أن هذا الرقم في وسط سوق عربي يضم 300 مليون شخص، يؤكد أن الطريق لانتشار الكتاب المسموع ما زال طويلاً»، وأضاف: «الشيء الواعد هو زيادة إقبال الناس على سماع الكتب، وأغلبهم من الشباب الذين أصبح الكتاب المسموع جزءاً من حياتهم اليومية».
توفيق الحكيم يعيش عصر الكتاب المسموع
توفيق الحكيم يعيش عصر الكتاب المسموع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة