ترند: بريطانيا تحذر من زيادة الكآبة بين الفتيات جراء حسابات «المؤثرين»... و«إدمان اللايكات»

ظهرت أعراض الكآبة على 40% من الفتيات اللاتي يقضين خمس ساعات أو أكثر على مواقع التواصل
ظهرت أعراض الكآبة على 40% من الفتيات اللاتي يقضين خمس ساعات أو أكثر على مواقع التواصل
TT

ترند: بريطانيا تحذر من زيادة الكآبة بين الفتيات جراء حسابات «المؤثرين»... و«إدمان اللايكات»

ظهرت أعراض الكآبة على 40% من الفتيات اللاتي يقضين خمس ساعات أو أكثر على مواقع التواصل
ظهرت أعراض الكآبة على 40% من الفتيات اللاتي يقضين خمس ساعات أو أكثر على مواقع التواصل

ربطت دراسة بحثية أجرتها كلية جامعة لندن شمل 11 ألف فتى وفتاة في الرابعة عشرة من العمر، بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبين أعراض الكآبة التي ظهرت بصورة أقوى في الفتيات أكثر من الفتيان. وأثبتت الدراسة علاقة قوية بين الشعور بالكآبة والأمراض النفسية الأخرى، وبين قضاء وقت أطول على الصفحات الإلكترونية. وكان من بين الأعراض الوقوع ضحايا لظاهرة التنمر، وعدم القدرة على النوم، وعدم الثقة في النفس، وفي المظهر الجسماني، وكلها أعراض تؤدي إلى الكآبة ويعاني منها ثلاثة أرباع الفتيات اللاتي يقضين خمس ساعات أو أكثر على صفحات التواصل الاجتماعي. وكشف البحث، عن أن الفتيات يقضين وقتاً أطول على صفحات التواصل مقارنة بالفتيان، وأن أعراض الكآبة تنتشر بينهن كلما زاد استخدامهن التواصل الاجتماعي.
وحذرت خبيرة أطفال أخرى اسمها آن لونغفيلد من أن أطفال في سن التاسعة أصبحوا مدمنين لعدد «اللايكات» التي تصل على ما يرسلونه إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ويصيبهم القلق من مكانتهم الاجتماعية على صفحات التواصل. وتتأثر صورة هؤلاء عن أنفسهم مقارنة بالشخصيات التي يتابعونها على «سناب شات» و«إنستغرام»، حيث يشعرون بعقدة النقص تجاه هؤلاء. وقالت وزيرة الظل البريطانية باربرا كيلي، المسؤولة عن الصحة العقلية: إن شركات التواصل الاجتماعي عليها مسؤولية حماية الصغار الذين يستخدمون صفحاتها.
بدوره، قال متحدث من خدمة الصحة الوطنية البريطانية: «إن استنتاجات هذا البحث تضيف إلى دلائل متزايدة مما سبق لنا التحذير منه، خصوصاً العلاقة الوثيقة بين وسائط التواصل الاجتماعي وبين الصحة العقلية للصغار، وأن هذا الأمر يجب أن يؤخذ بجدية». وطالب المتحدث شركات التواصل الاجتماعي بأن تتحمل مسؤولياتها لمساعدة الصغار في المحافظة على صحتهم النفسية بدلاً من ترك المشكلات تتراكم إلى درجة تدخل السلطات الصحية لحلها.
وتقول البروفسورة إيفون كيلي، المشرفة على البحث: إن الفتيات يعانين من هذه الظواهر أكثر من الفتيان. وأبدت كيلي قلقها من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على سلوك الفتيات الذي يؤدي أحياناً إلى أفكار انتحارية وإلى ايذاء النفس.
وكشفت الدراسة، عن أن الفتيات يقضين وقتاً أطول من الفتيان في تتبع صفحات التواصل الاجتماعي، وأنهن أكثر عرضة للكآبة نتيجة تفاعلهن من صفحات «إنستغرام» و«فيسبوك» و«تويتر» و«واتساب». وظهرت أعراض الكآبة على 40 في المائة من الفتيات اللاتي يقضين خمس ساعات أو أكثر على مواقع التواصل، مقابل ظهور هذه الأعراض على 20 في المائة فقط من الفتيان. ولا يستخدم 10 في المائة من الفتيان وسائل التواصل الاجتماعي بالمرة مقابل 4 في المائة فقط من الفتيات.
وتزيد بين الفتيات أيضاً أعراض الوقوع ضحايا التنمر الإلكتروني أحياناً بنسبة الضعف، بالإضافة إلى عدم القدرة على النوم والشعور بالإحباط. وقال خبراء البحث: إن عدم القدرة على النوم كانت بسبب السهر إلى ساعات متأخرة على مواقع التواصل الاجتماعي والإزعاج الصادر من صوت وصول رسائل الجوال أثناء ساعات الليل.
وفي إحدى الحالات البارزة في البحث، شرحت الفتاة شانون ماكلوخلين كيف تأثرت بوسائل التواصل الاجتماعي إلى الدرجة التي أصابتها بالكآبة والقلق. وقالت: إن الحقيقة هي أن الناس تشارك فقط بالأخبار الإيجابية على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن دون التعرض للجوانب السلبية. وأثر ذلك عليها عندما كانت تعاني من مشكلات الصحة العقلية.
وبينما كانت شانون تعاني من مشكلاتها الشخصية كانت ترى عبر صفحات «إنستغرام» و«فيسبوك»، أن الجميع يعيش في سعادة واستقرار مع الاستمتاع بالحياة؛ مما جعلها تشعر بالتعاسة أكثر. وأضافت شانون: «لقد أشعرني الجميع بأنني ارتكب أخطاء ما لا أعرفها». فقد كانت تشعر طوال الوقت بخلاف ما يشعر به الآخرون.
ولم يقتصر الضرر على الجوانب العقلية، بل تخطاها أيضاً إلى الجانب الجسماني بعد مشاهدة فتيات بأجسام رشيقة لا يمكن تحقيقها في الواقع تنهال عليهن تعليقات الإعجاب. وعلى رغم أن شانون لم تكن بدينة، فإن المشاهد أثرت عليها سلبياً، وعلى الصورة التي تنظر من خلالها إلى نفسها. وزاد من سوء الوضع رسائل يومية يبعث بها «المؤثرون» حول كيفية اتباع الحمية الصحيحة من أجل خفض الوزن.
وتقوم شانون الآن بعمل تطوعي من أجل توعية الفتيات الأخريات. كما أنها تشارك في جمعيات خيرية تقابل فيها أصدقاء حقيقيين دعموا ثقتها في نفسها. وهي تنادي على الشباب بالانتقال من العالم «السايبر» إلى العالم الحقيقي، حيث التفاعل الإنساني الواقعي أفضل بكثير من مئات الأشخاص الذين نريد أن نثير إعجابهم في العالم الافتراضي من دون أي روابط بيننا وبينهم، على حد قولها.
وربط البحث بقوة بين إدمان متابعة صفحات التواصل الاجتماعي وبين الأعراض السلبية على الصحة العقلية وضعف الثقة.
وقال البروفسور السير سايمون ويزلي، الرئيس السابق للجمعية الملكية لعلم النفس: إن الباحثين لم يربطوا تماماً بين التواصل الاجتماعي وضعف الصحة النفسية، لكن الدلائل تشير بقوة في هذا الاتجاه.
من نتائج البحث أيضاً، أن الفتيات المصابات بالكآبة غير راضيات عن مظهرهن العام، وتزيد نسبة هؤلاء غير الراضيات عن وزنهن مقارنة بالفتيان، على مرتين ونصف المرة. وطالب وزراء في الحكومة البريطانية، بالإضافة إلى المدير التنفيذي لخدمة الصحة الوطنية، سايمون ستيفنز، بأن تبذل وسائط التواصل الاجتماعي جهداً أكبر لتحديد الوقت الذي يقضيه الصغار على الشاشات في متابعة المواقع. واقترح ستيفنز فرض ضريبة على هذه الشركات تذهب عوائدها إلى خدمة الصحة الوطنية من أجل تعويض كلفة علاج الأطفال الذين يعانون من مشكلات الكآبة والقلق والتوتر العقلي.
ومع ذلك، حذرت دكتورة الصحة النفسية نيهارا كراوس من توجيه اللوم إلى وسائط التواصل الاجتماعي وحدها على مشكلات الصحة النفسية التي تصيب من هم دون الثامنة عشرة من العمر، وقالت: إن الكآبة وسوء الصحة النفسية تنتج من الكثير من العوامل الأخرى التي تشمل عناصر بيولوجية ونفسية واجتماعية.


مقالات ذات صلة

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

يوميات الشرق الحركة والفعل يتلازمان في الرسم على شكل تحوّلات (أندرو سكوت)

إطار أندرو سكوت المكسور وصبيُّ السترة الحمراء يُحرِّران أحزانه

تُحاور «الشرق الأوسط» الفنان الأميركي أندرو سكوت الشهيرة حساباته في مواقع التواصل، والمعروضة أعماله حول العالم؛ من إيطاليا وألمانيا إلى نيويورك.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

تقرير برلماني بريطاني يحذّر من الأخطار على مستقبل الإعلام

انحسار الصحف المحلية والإقليمية يؤدي إلى «صحارٍ إخبارية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.