باكستان تنزع فتيل التوتر وتطلق سراح الطيار الهندي الأسير

نيودلهي ترحب وتسلم إسلام آباد ملف التحقيق في تفجير بولواما... وولي عهد أبوظبي يتصل بخان ومودي {لدعم لغة الحوار والتواصل}

نشطاء المجتمع المدني الباكستاني يشاركون في مسيرة من أجل السلام في لاهور أمس (أ.ف.ب)
نشطاء المجتمع المدني الباكستاني يشاركون في مسيرة من أجل السلام في لاهور أمس (أ.ف.ب)
TT

باكستان تنزع فتيل التوتر وتطلق سراح الطيار الهندي الأسير

نشطاء المجتمع المدني الباكستاني يشاركون في مسيرة من أجل السلام في لاهور أمس (أ.ف.ب)
نشطاء المجتمع المدني الباكستاني يشاركون في مسيرة من أجل السلام في لاهور أمس (أ.ف.ب)

في بادرة حسن نية وتعكس قوة الموقف الباكستاني أعلن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان قرار حكومته إطلاق سراح الطيار الهندي الذي أسقطت طائرته في الأراضي الباكستانية كبادر ة حسن نوايا تجاه الهند وعدم الرغبة في التصعيد العسكري معها، وهذا ما رحبت به نيودلهي أمس، بعد أن حبست المنطقة أنفاسها إثر التصعيد الذي أدى إلى إسقاط باكستان طائرتي ميغ هنديتين.
ففي كلمة له أمام الجمعية الوطنية الباكستانية ومجلس الشيوخ قال عمران خان إن بلاده قررت إطلاق سراح الطيار الهندي كبادرة حسن نوايا وإعلان عن عدم الرغبة في التصعيد العسكري مع الهند، متهما الهند بأنها هي التي بدأت موجة الاستعداء والتحريض على الحرب ضد باكستان بعد نصف ساعة من وقوع التفجير الانتحاري في بولواما قبل أسبوعين. وأدى الحادث الذي يأتي في إطار سلسلة من الحوادث الخطيرة بين البلدين، إلى زيادة التوترات، ودفع دولا كبرى من بينها الصين والولايات المتحدة إضافة إلى الأمم المتحدة إلى دعوة الطرفين إلى ضبط النفس. وأعلنت نيودلهي أنها فقدت مقاتلة وأن طيارا فُقد أثناء أدائه الواجب، وأكدت لاحقا أن باكستان تعتقله. كما أسقطت الهند مقاتلة باكستانية، بحسب وزارة الخارجية.
وقال رئيس الوزراء الباكستاني أمام البرلمان إن قائد السرب أبهيناندان الذي أسره الجيش الباكستاني يوم الأربعاء سيعود إلى الهند اليوم الجمعة. قال مسؤولون بوزارة الدفاع الهندية أمس الخميس إن الحكومة «سعيدة» لأن باكستان قررت إعادة طيار بسلاح الجو الهندي سقط في الأسر بعد إسقاط طائرته وإنها تتطلع لعودته. وردا على سؤال عن الأضرار الناجمة عن قصف الطائرات الهندية لموقع يشتبه بأنه معسكر للمتشددين في باكستان، قال المسؤولون الهنود، في مؤتمر صحافي في نيودلهي، كما نقلت عنهم رويترز، إن من السابق لأوانه تقديم تفاصيل عن الضحايا. لكنهم قالوا إن لديهم أدلة «قوية» عن حدوث أضرار في المعسكر بسبب الضربات الجوية.
وأثنت المعارضة الباكستانية على الجيش الباكستاني واستعداده، وأكد شهباز شريف زعيم المعارضة في البرلمان الباكستاني أن كل الشعب في باكستان يقف صفا واحدا خلف القوات المسلحة في دفاعها عن سيادة باكستان وسلامة أراضيها، فيما أعلن رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف الذي يقضي عقوبة بالسجن في مدينة لاهور استعداده للتضحية بدمائه دفاعا عن باكستان وسلامتها.
وكان قد طلب رئيس الوزراء الهندي من الشعب الهندي الخميس «الوقوف كحائط» في وجه «هجوم الأعداء» بسبب أسر باكستان طيارا وسط تصاعد الأزمة بين الخصمين النوويين.
وفي أول تصريحات منذ تبادلت الهند وباكستان اتهامات بإسقاط طائرات قرب الحدود مع كشمير، دعا مودي أبناء بلده إلى التوحد «لأن العدو يسعى إلى زعزعة استقرار الهند».
وأعربت باكستان عن دعمها لجهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتخفيف حدة التوتر بين باكستان والهند؛ حيث أشار الرئيس الأميركي بعد اجتماعه مع رئيس كوريا الشمالية في فيتنام إلى أن الولايات المتحدة تتوسط بين الهند وباكستان لتهدئة الأوضاع في كشمير والحيلولة دون انزلاق البلدين في حرب واسعة.
واتهم وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي حكومة ناريندرا مودي في الهند بمحاولة تأجيج الصراع مع باكستان لاستخدامه في حملتها الانتخابية للبرلمان القادم. وأشار الوزير إلى أن قيادات الحزب الحاكم في الهند أعلنوا أن المزيد من الغارات الهندية على باكستان ستزيد من فرص الحزب في الحصول على 22 مقعدا برلمانيا إضافيا في البرلمان الهندي.
وردا على سؤال عن الأضرار الناجمة عن قصف الطائرات الهندية لموقع يشتبه بأنه معسكر للمتشددين في باكستان، قال المسؤولون إن من السابق لأوانه تقديم تفاصيل عن الضحايا. لكنهم قالوا إن لديهم أدلة «قوية» عن حدوث أضرار في المعسكر بسبب الضربات الجوية.
وأعلن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية «ان رئيس الوزراء عمران خان على استعداد للاتصال هاتفيا مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ليعرض عليه السلام بين البلدين فهل مودي مستعد لذلك؟» وأضاف قرشي «نحن مستعدون لكل طارئ، إن أعطوا السلام أولوية فنحن مستعدون للسلام. إن أعطوا الحوار أولوية فنحن مع الحوار». وأكد وزير الخارجية الباكستاني تلقي وزارة ملف التحقيق في التفجير الانتحاري في بولواما من الحكومة الهندية وأن وزارة الخارجية الباكستانية مستعدة للحوار مع الهند حول الملف واتخاذ ما يناسب من إجراءات إن تبينت أدلة.
من جانبه أعرب السفير الباكستاني في واشنطن أسد مجيد عن أسف باكستان لعدم إدانة واشنطن القصف الهندي لمواقع داخل الأراضي الباكستانية، وطالب مجيد الولايات المتحدة باستخدام نفوذها وقوتها من أجل دعم السلام في جنوب آسيا.
وتجمع عدد من الرجال قالوا إنهم من أنصار حزب الشعب الهندي (باراتيا جاناتا) الذي يتزعمه مودي، أمام البعثة الدبلوماسية الباكستانية المحصنة وهتفوا بشعارات «تسقط باكستان» وأشعلوا النار في العلم الباكستاني. وقال شاهد عيان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الشرطة حاولت القبض عليهم ولكنهم ركبوا سيارة وفروا بسرعة».
وكانت قد بدأت السلطات الباكستانية أمس الخميس إخلاء قرى حدودية في منطقة كشمير المتنازع عليها في ظل تصاعد التوتر مع الهند. وقال مشتاق مينهاس وزير الإعلام في الجزء الذي يخضع لسيطرة باكستان من كشمير إنه جرى نقل المئات من الأسر لأماكن آمنة عقب تبادل إطلاق النار والمدفعية بين القوات الباكستانية والهندية. وقد أعلنت باكستان تعليق عمل خط للسكك الحديدية مع الهند، ما أدى إلى تقطع السبل بالعشرات من المدنيين الهنود في مدينة لاهور بشرق باكستان.
وعلى الجانب الهندي، أصدرت السلطات المحلية أوامرها بإغلاق جميع المدارس على نطاق خمسة كيلومترات من الحدود الدولية «كإجراء احترازي». وفي منطقة بونش، قال المسؤولون إن تبادل إطلاق النار استمر حتى صباح أمس وأضافوا أنه يجرى بناء 1200 من الملاجئ المحصنة لحماية الأسر التي تعيش على الحدود. وقال نائب مفوض المنطقة راهول ياداف: «نحن نأخذ رأي سكان القرى بالنسبة لما إذا كان يريدون الانتقال. سوف نصدر قرارنا بشأن الإجلاء لاحقا».
إلى ذلك، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أمس، اتصالين هاتفيين بكل من ناريندرا مودي رئيس الوزراء الهندي وعمران خان رئيس وزراء باكستان، في خطوة تهدف إلى تهدئة الاضطرابات الحاصلة بين البلدين. وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية «وام»، اطلع ولي عهد أبوظبي من رئيسي وزراء باكستان والهند، على التطورات الأخيرة على الساحة الهندية - الباكستانية، مؤكدا أهمية التعامل مع هذه المستجدات المقلقة بحكمة والعمل على تخفيف حدة التوتر بين البلدين الصديقين وتغليب لغة الحوار والتواصل.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص الإمارات على أن تسود العلاقات الإيجابية بين البلدين الجارين، مشيرا إلى الأرضية التاريخية والثقافية المشتركة التي تجمعهما. وشدد على حرص بلاده على السلام والاستقرار في العلاقات الهندية - الباكستانية الثنائية وثقته الكبيرة في القيادتين الباكستانية والهندية، وأولوية الحوار والتواصل في التعامل مع الأحداث المتسارعة والمقلقة خلال الأيام الماضية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».