محامون معارضون يتحدثون عن «جدية ألمانية» في ملاحقة مسؤولين متهمين في «جرائم حرب»

TT

محامون معارضون يتحدثون عن «جدية ألمانية» في ملاحقة مسؤولين متهمين في «جرائم حرب»

أكدت مصادر طلب الحكومة الألمانية من لبنان تسليم رئيس الاستخبارات الجوية السورية جميل الحسن، بعد توفر معلومات عن وجوده في بيروت للعلاج.
وأشارت المصادر إلى أن الحسن قد يكون دخل سراً عبر الحدود اللبنانية أو أنه سجّل نفسه في المستشفى تحت اسم مستعار.
كانت مجلة «شبيغل» قد أفادت بأن ألمانيا طلبت من لبنان تسليم الحسن المطلوب في مذكرة إنتربول دولية بعد صدور مذكرة توقيف بحقه في ألمانيا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتعذيب سجناء. وصدرت مذكرة التوقيف عن المحكمة الفيدرالية العليا ومقرها كارلسروه التي تنظر دعاوى قدمها محامون سوريون وألمان منذ عامين بحق مسؤولين سوريين كبار.
ويتهم الادعاء العام هؤلاء المسؤولين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. واستندت المحكمة في مذكرات التوقيف التي أصدرتها ولم يُكشف إلا عن اسم الحسن منها، إلى صور «قيصر» (منشقّ سوري وثّق تعذيب معتقلين حتى الموت) وشهادات ناجين من التعذيب لجأوا إلى ألمانيا وأوروبا. ورفع المحامون هذه الدعاوى استناداً إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية التي تطبّقها دول قليلة من بينها ألمانيا، وتسمح بمحاكمة أشخاص غير ألمان على جرائم حرب ارتكبوها خارج ألمانيا.
واعتقلت برلين قبل أيام ضابطي مخابرات في هذه القضية، أحدهما كان رئيس قسم التحقيق في أحد سجون النظام بريف دمشق يُدعى «أنور.ر»، كما اعتُقل ثالث في باريس في العملية نفسها على أن يتم تسليمه لألمانيا لاحقاً.
وكانت تلك المرة الأولى التي يُعتقل فيها مسؤولون سوريون رفيعو المستوى في أوروبا في هذه القضايا. ويُعتقد أن المحكمة العليا في ألمانيا قد أصدرت مذكرات توقيف بحق 20 مسؤولاً آخر من دون أن تكشف عن أسمائهم.
وحسب معلومات لـ«الشرق الأوسط»، تحرك طلب تسليم الحسن من بيروت قبل نحو شهر عندما بدأت الخارجية الألمانية تتقصى صحة تقارير إخبارية تتحدث عن وجود الحسن في مستشفى «الرسول الأعظم» في بيروت لتلقي علاج بعد إصابته بجلطة دماغية. ولم يُعرف تاريخ إرسال ألمانيا طلب تسلم الحسن إلى لبنان، ولكن يُعتقد أنه أُرسل بين منتصف يناير (كانون الثاني) ومنتصف فبراير (شباط).
وقال المحامي السوري أنور البني، الذي قدم الدعوى مع مجموعة المحامين الألمان ضد الحسن، إنه تلقى اتصالاً من الخارجية الألمانية للاستفسار عن مضمون ما كتبه على صفحته على «فيسبوك» في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ودعا فيه لبنان لتسليم الحسن إلى ألمانيا لأنه مطلوب بمذكرة إنتربول. ويروي البني لـ«الشرق الأوسط» أنه زوّد الخارجية بروابط التقارير التي نقلت الخبر بناءً على طلبها.
واعتبر البني أن طلب برلين تسليم الحسن يدل على «الجدية في التعاطي مع القضية» وعلى وجود الإرادة السياسية لمتابعتها. وأضاف: «عادةً في قضايا سياسية كهذه يغضّ السياسيون الطرف عنها، ولكن الحال هنا مختلف». واعتبر أن هذا الأمر يدل أيضاً على أن المطالب بإعادة تحديث النظام لإبقاء أفراده في الحكم لم تعد صالحة.
ورفضت الخارجية الألمانية التعليق على الأمر لدى سؤالها عن تفاصيل، وقالت إن الموضوع من اختصاص وزارة العدل. ولم تعلق وزارة العدل الألمانية كذلك على التقرير، وقالت إنه «لا يمكنها التعليق على قضايا منفردة».
ولكن ألمانيا قد تجد صعوبة في تسلم الحسن من لبنان حتى وإن «عثرت» السلطات اللبنانية عليه. وأشارت مصادر إلى أن وزارة العدل تسلَّمها ألبير سرحان، وهو محسوب على الرئيس ميشال عون، حليف «حزب الله». لكن مصدراً لبنانياً قال لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان «يلتزم بالاتفاقيات الدولية ومقتضيات الإنتربول»، مضيفاً أن وزير العدل لن يكون باستطاعته عرقلة تسليم الحسن لأن هناك «رئيس حكومة وقانوناً ومعاهدات دولية فوق الجميع».
وتنظر النمسا في قضايا شبيهة قدمها المحامون أنفسهم، مستفيدين من تطبيق الدولة مبدأ الولاية القضائية العالمية، فيما تنظر فرنسا قضايا أكثر تحديداً ولكنّ الاتهامات فيها تطال مسؤولين سوريين كباراً. ويستعد المحامون السوريون بالتعاون مع مركز محاماة في استوكهولم للإعلان عن تقديم دعوى جديدة مشابهة كذلك في السويد مستفيداً من تطبيقها المبدأ نفسه.



عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)
أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)

في الانفجارات الأخيرة التي استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية لجماعة «حزب الله» في لبنان، ظهر شكل جديد من الأعمال التخريبية، وهو تحويل أجهزة الاتصال العادية مثل أجهزة اللاسلكي إلى قنابل يدوية، حسب تقرير أمس الخميس لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

حوّلت العملية الإسرائيلية المفترضة هذه الأجهزة اليومية إلى أسلحة، أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف. وفي حين كان الهدف من التفجيرات استهداف مقاتلي «حزب الله»، فقد تضرر المدنيون أيضاً، ما ساهم في تنامي المخاوف من عدم إمكانية الوثوق بشكل كامل بأي جهاز إلكتروني، من الهواتف الجوالة إلى الأجهزة المنزلية.

يحذّر الخبراء من التأثير النفسي الكبير للانفجارات الأخيرة، حيث بدأ الناس يشككون في سلامة الأجهزة في حياتهم اليومية، على غرار المخاوف بشأن أن يكون الأشخاص يتعرّضون للمراقبة الشاملة.

تطلب هذا التخريب واسع النطاق اختراقاً عميقاً لسلسلة التوريد، ما يسلط الضوء على المخاطر التي تشكلها أجهزة الاتصالات.

يتكهن البعض بأن الهجمات قد تشير إلى هجوم إسرائيلي أوسع نطاقاً، على الرغم من أن المزيد من الإجراءات الإسرائيلية لم تتحقق بعد. ويضيف استهداف أجهزة «حزب الله» المنخفضة التقنية، والتي كان يُعتقد قبل التفجيرات أنها آمنة من الهجمات الإلكترونية، عنصراً جديداً من التعقيد إلى هذا العصر الجديد من التخريب.

تُطرح نظريات مختلفة حول كيفية وضع المتفجرات في الأجهزة المستخدمة في الهجمات. وتشير السيناريوهات الأكثر ترجيحا، إلى أن عملاء إسرائيليين زرعوا متفجرات في البطاريات أثناء تصنيعها بواسطة شركة وهمية في بودابست. وهناك احتمال آخر وهو أن الأجهزة تم تعديلها بعد الإنتاج ولكن قبل توزيعها على عناصر «حزب الله».

وبغض النظر عن الطريقة التي استخدمت لتفخيخ الأجهزة، فإن كميات صغيرة من المتفجرات المخبأة في تلك الأجهزة تسببت في إصابات خطيرة.

وربما تم إطلاق الانفجارات عن بعد عبر رسائل أو من خلال استغلال نقاط الضعف في شفرة أجهزة النداء (بيجر)، ما قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة البطاريات لتفجيرها.

ويشير بعض الخبراء إلى أن العمليات السيبرانية الإسرائيلية قدمت معلومات استخباراتية حول شراء «حزب الله» لأجهزة البيجر، ما ساعد في استهداف الأجهزة في سلسلة التوريد.

إن هذه العملية تذكرنا بعمليات سلسلة التوريد السابقة مثل الجهود الأميركية لإحباط البرنامج النووي الإيراني أو المحاولات الصينية للتسلل إلى شبكات الطاقة الأميركية. وتوفر هذه العمليات مزايا تكتيكية ولكنها قد لا تؤدي بالضرورة إلى مكاسب استراتيجية كبيرة. وفي حين كان تخريب البنى التحتية الكبيرة مثل شبكات الطاقة شائعا، فإن هذا الهجوم على الأجهزة المحمولة باليد قد يشير إلى اتجاه جديد في عمليات التخريب حول العالم.