الكشف عن علاقة مخيفة بين البدانة والسرطان لدى الأجيال الشابة

زيادة معدلات البدانة تهدد غالبية سكان العالم (أ.ف.ب)
زيادة معدلات البدانة تهدد غالبية سكان العالم (أ.ف.ب)
TT

الكشف عن علاقة مخيفة بين البدانة والسرطان لدى الأجيال الشابة

زيادة معدلات البدانة تهدد غالبية سكان العالم (أ.ف.ب)
زيادة معدلات البدانة تهدد غالبية سكان العالم (أ.ف.ب)

تجمع أغلب الاستطلاعات والدراسات على أن ما يعرف بـال«ـMillennials» أو «جيل الألفية»، الذي ولد خلال الفترة ما بين عقد الثمانينات وبداية الألفية الجديدة، يعد من الأقل حظاً، وذلك رغم كل ما تتوفر له من أدوات تكنولوجية وفرص مختلفة لم تتوفر للأجيال السابقة عليه. فوفقاً لدراسة جديدة كشفت عنها «الجمعية الأميركية للأمراض السرطانية»، فقد تم رصد ارتفاع واضح في معدلات الإصابة بالسرطان المرتبط بالبدانة في أوساط الأجيال الأصغر سنا.
وركزت الدراسة التي أفرد لها تقرير نشره موقع «سي إن إن» الإخباري الأميركي، على مراجعة المعلومات المتوفرة حول 12 مرضا سرطانيا لها علاقة مباشرة بالبدانة، بالإضافة إلى 18 مرضا سرطانيا أخرى لا علاقة تربطها بزيادة الوزن. وانتهت الدراسة إلى أن هناك زيادة واضحة في معدلات الإصابة بالسرطان بين الفئات العمرية التي تتراوح بين 24 و49.
وفي تعليقه، أوضح أحمدين جمال، أحد المشاركين في وضع الدراسة ونائب رئيس «برنامج أبحاث الرقابة والخدمات الصحية»، التابع لـ«المعهد الأميركي للسرطان»، أن احتمالية الإصابة بالسرطان المرتبط بالبدانة باتت مرتفعة في أوساط الشباب البالغ. ولكنه حذر من ارتفاع أوضح في معدلات الإصابة بين الأجيال الأصغر سنا.
ووفقا لجمال: «تعد الدراسة تحذيرا حول العبء المزداد والمتمثل في أمراض السرطان المرتبطة بالبدانة، وذلك بالنسبة لمن سيتم تصنيفهم على أنهم شباب بالغ خلال السنوات القليلة المقبلة». وتزداد المسألة خطورة وفقا لتحذير جمال من «التوقف أو التراجع المحتمل للتقدم الذي تم إحرازه فيما يتعلق بخفض معدلات الوفاة المرتبطة بالسرطان على مدار العقود الأخيرة».
وتبدو التحذيرات منطقية بالاطلاع على مزيد من تفاصيل الدراسة التي تؤكد زيادة واضحة في معدلات الإصابة بستة أمراض سرطانية ذات علاقة بالبدانة، وذلك في أوساط الأجيال الأصغر سنا. وتعدد الدراسة هذه الأمراض بسرطان القولون، وسرطان بطانة الرحم، وسرطان المرارة، وسرطان الكلى، وسرطان البنكرياس، وأورام النخاع المتعددة، وسرطان النخاع العظمي.
في العادة، كانت هذه الأمراض السرطانية تظهر بين أصحاب الأعمار المتقدمة، وتحديدا الذين تتراوح أعمارهم بين الستينات والسبعينات من العمر، ولكن الدراسة الجديدة كشفت عن زيادة في الإصابة بهذه الأمراض في أوساط الأجيال الأصغر وتحديدا من مواليد الألفية. فسرطان البنكرياس، على سبيل المثال، تتجاوز أعمار مرضاه في العادة سن الـ65 عاما، ولكن الدراسة الجديدة، كشفت عن متوسط للزيادة السنوية في الإصابات به وسط أصحاب الأعمار التي تتراوح بين 25 و29 عاما، وذلك بمعدل بلغ 4.34 في المائة. أما متوسط الزيادة السنوية للإصابة به في أوساط المتراوحة أعمارهم بين 30 و34، فقد بلغ 2.47 في المائة. ويتراجع متوسط الزيادة السنوي إلى 1.31 في المائة لمن تتراوح أعمارهم بين 35 و39 عاما. ويتراجع أكثر فأكثر إلى 0.72 في المائة بالنسبة لمن تتراوح أعمارهم بين 40 و44 عاما.
وبشكل إجمالي، فإن الدراسة أكدت أن معدل خطر الإصابة بسرطانات القولون، وبطانة الرحم، والبنكرياس، والمرارة، تضاعفت في أوساط أبناء الألفية على معدلاته بين الشباب من الجيل المولود بين عامي 1946 و1964. لكن الدراسة نفسها تحمل بعض الأخبار الجيدة، فبالمقابل، تراجعت، أو على الأقل استقرت، معدلات الإصابة بين الأجيال الأصغر بالسرطانات التي ليست لها علاقة بالبدانة، وتحديدا الإصابات السرطانية المتعلقة بالتدخين، والإصابات السرطانية المتعلقة بأنواع عدوى بعينها. أما أنواع السرطان التي لا علاقة لها بالبدانة، ولكنها شهدت زيادة في أوساط أبناء جيل الألفية، فهي سرطان الجهاز الهضمي، وسرطان الدم أو «اللوكيميا».
ولكن في تعليقه، حذر دكتور جورج تشانج، من «مركز آندرسون الطبي للسرطان»، من التعامل مع نتائج الدراسة بأسلوب التعميم. وأوضح أن هناك عوامل كثيرة ترتبط بكل من البدانة والسرطان، مثل العزوف عن التدريبات الرياضية، أو اتباع نظام غذائي غير مناسب، قبل أن يؤكد: «من غير الواضح مدى إسهام أي من هذه العوامل في الإصابة بالسرطان».
بخلاف المخاوف المرتبطة برفع معدلات الإصابة بالسرطان، فإن الواقع الذي تدعمه التقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، يؤكد أن معدلات الإصابة بـ«البدانة» قد بلغت مستويات «وبائية» على مستوى العالم. وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من مليار شخص بالغ على مستوى العالم يعانون من زيادة الوزن، وأن 300 مليون من بينهم مصنفون طبياً «مرضى بدانة». أما جيل الألفية الجديدة تحديدا، ففي سبيلهم ليصبحوا أحد أكثر الأجيال بدانة تاريخيا.
لكن الأزمة الكبرى هي غياب الإدراك، وذلك وفقا لطبيب الأورام ناثان بيرجير، بجامعة «كيث ويسترن ريسيرف»، الذي أكد في تعليقه على دراسة «الجمعية الأميركية للأمراض السرطانية»: «لا أعتقد أن الرأي العام إجمالا يدرك العلاقة بين البدانة والإصابة بالسرطان».
لكن ما طبيعة العلاقة بين البدانة والإصابة بالسرطان؟ تقوم الخلايا الدهنية بما هو أكثر من تخزين السعرات الحرارية الزائدة بالجسم؛ فهي تقوم أيضا بإفراز هرمونات مثل الحامض الدهني والبروتينات التي تؤثر على عملية التمثيل الغذائي ووزن الجسم والوظائف التناسلية. ويعكف العلم حاليا على اكتشاف كيف تساهم هذه الهرمونات في الإصابة بأنواع محددة من السرطان.
فوفقا لدكتور بيرجير، الذي يدير معملا طبيا يدرس البدانة والسرطان، فإن إحدى النظريات ترجح أن يكون هناك توافق بين بعض هذه الهرمونات التي تنبعث من الخلايا الدهنية، والمستقبلات في أنواع معينة من السرطان دون غيرها، وبالتالي يتم تحفيز الورم على النمو وذلك بالنسبة لأنواع السرطان المتوافقة. وبعيدا عن طبيعة الرابط وطريقة نشوئه، فإن العلم يؤكد أن الصلة فعلية.


مقالات ذات صلة

لقاح لمكافحة زيادة الوزن قد يصبح واقعاً... ما القصة؟

صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

لقاح لمكافحة زيادة الوزن قد يصبح واقعاً... ما القصة؟

اكتشف الباحثون في جامعة كولورادو بولدر الأميركية الآليات اللازمة لإنتاج لقاح رائد يمكن أن يساعد الناس في الحفاظ على وزنهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك كيف تنقص الوزن بشكل دائم؟ (شاترستوك)

بالعودة إلى «الأساسيات»... بروفيسور يجد الحل لإنقاص الوزن بشكل دائم

دائماً ما يوجد حولنا أشخاص «يتمتعون بعملية أيض سريعة»، أو على الأقل نعتقد ذلك، هؤلاء الأشخاص لديهم شهية كبيرة، ومع ذلك لا يكتسبون وزناً أبداً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الضغط الإضافي قد يؤدي إلى إتلاف ممرات الأنف ما يزيد من فرص حدوث نزيف مؤلم (رويترز)

طريقة تنظيف أنفك الخاطئة قد تضر بك... ما الأسلوب الأمثل لذلك؟

لقد لجأ مؤخراً أخصائي الحساسية المعتمد زاكاري روبين إلى منصة «تيك توك» لتحذير متابعيه البالغ عددهم 1.4 مليون شخص من العواقب الخطيرة لتنظيف الأنف بشكل خاطئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تلقي الإهانة من صديق مؤلم أكثر من استقبال التعليقات السيئة من الغرباء (رويترز)

لماذا قد تنتهي بعض الصداقات؟

أكد موقع «سيكولوجي توداي» على أهمية الصداقة بين البشر حيث وصف الأصدقاء الجيدين بأنهم عامل مهم في طول العمر

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
TT

مصر تستوحي الطراز الفرنسي القديم في «جاردن سيتي الجديد»

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)
ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

بوحيّ من الطراز المعماري الفرنسي القديم الذي يشتهر به حيّ «غادرن سيتي» الراقي في وسط القاهرة، تقترب وزارة الإسكان المصرية من الانتهاء من أعمال إنشاء حيّ «جاردن سيتي الجديد» بالعاصمة الإدارية الجديدة. وتفقَّد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، المهندس شريف الشربيني، السبت، سير العمل بالحيّ السكني وعدد من الطرق والمحاور بالعاصمة الإدارية الجديدة.

جانب من حيّ «جاردن سيتي الجديد» بالعاصمة الإدارية (وزارة الإسكان المصرية)

ووفق الشربيني، يُنفَّذ الحيّ السكني الخامس «جاردن سيتي الجديد»، البالغة مساحته نحو 900 فدان، طبقاً لتصميم معماري مستوحى من الطراز الفرنسي القديم، ليُشبه التصميمات المعمارية المُنفَّذة في منطقة «جاردن سيتي» بوسط البلد في القاهرة. ويضمّ المشروع الجديد 385 عمارة سكنية مؤلّفة من نحو 21494 وحدة سكنية، و513 وحدة تجارية، و459 فيلا متصلة وشبه متصلة ومنفصلة، وجميع الخدمات التعليمية والترفيهية والتجارية والرياضية والدينية.

شملت جولة وزير الإسكان متابعة التشطيبات الداخلية في الوحدات والمرور على طريق التسعين الجنوبي بالعاصمة، ومحور محمد بن زايد الجنوبي الذي يمتاز بجمال التصميم، ويتماشى مع الإنجاز الكبير الذي يُنفَّذ في المشروعات المختلفة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

مبانٍ مستوحاة من الطراز الفرنسي القديم (وزارة الإسكان المصرية)

ووفق بيان لوزارة الإسكان، فإن الشربيني وجّه بمراجعة مختلف أعمال الواجهات والإضاءة الخاصة بعمارات الحيّ، مؤكداً ضرورة استخدام المنتج المحلّي لمكوّنات المشروعات الجاري تنفيذها، فضلاً عن الانتهاء من الأعمال بالمشروع في أسرع وقت، والانتهاء من أعمال المسطّحات والجزر الخاصة بالطرق وأعمال الزراعة، ووضع جدول زمني لأعمال المشروع كافّة.

كما وجَّه بإعداد مخطَّط لمشروعات خدماتية في المشروع، ودفع الأعمال في منطقة الفيلات، ووضع جدول زمني لضغط الأعمال ومتابعتها باستمرار ميدانياً.

ميدان رئيسي بالحيّ الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

يُذكر أنّ منطقة «جاردن سيتي» في وسط القاهرة كانت بركاً ومستنقعات، حوَّلها السلطان الناصر محمد بن قلاوون خلال فترة حكمه الثالثة لمصر (1309- 1341) ميداناً سُمّي «الميدان الناصري»، غرس فيه الأشجار وشقّ الطرق وسط المياه، وشيَّد الحدائق التي عرفت باسم «بساتين الخشاب»؛ ثم افتُتح الميدان عام 1318، وفيه أُقيمت عروض وسباقات الخيل التي كان الملك الناصر شغوفاً بتربيتها.

وبعد وفاة السلطان قلاوون، أُهملت المنطقة بالكامل. وعندما حكم الخديوي إسماعيل البلاد عام 1863 الميلادي، قرَّر تدشين حركة معمارية واسعة لتشييد قصور فخمة على امتداد كورنيش النيل (ضمن مشروع القاهرة الخديوية)؛ من أشهرها «قصر الدوبارة»، و«قصر فخري باشا»، و«الأميرة شويكار»؛ جميعها تشكّل خليطاً من المعمار الإسلامي والباريسي والإيطالي.

بنايات تُحاكي عمارت حيّ «غادرن سيتي» العتيق (وزارة الإسكان المصرية)

ويُعدّ عام 1906 بداية نشأة حيّ «جاردن سيتي» المعاصر، إذ قرَّر الخديوي عباس حلمي الثاني تأسيسه على هيئة المدن الحدائقية ذات الشوارع الدائرية كما كان شائعاً في مطلع القرن الـ20 بأوروبا. وأصبحت «جاردن سيتي» امتداداً عمرانياً للقاهرة الخديوية؛ شُيّدت فيها المباني بالطُرز المعمارية عينها الموجودة في القاهرة الخديوية بين الطراز المعماري الفرنسي والإيطالي والإسلامي.

مصر تستنسخ حي «جاردن سيتي» بالعاصمة الجديدة (وزارة الإسكان المصرية)

وعلى الرغم من إنشاء تجمّعات سكنية فاخرة في ضواحي العاصمة المصرية، فإنّ الحيّ الراقي العتيق الذي يضمّ سفارات وقنصليات عدد من الدول على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، لم يفقد بريقه، وظلَّ يُعدُّ إحدى الوجهات المفضّلة للإقامة لدى كثيرين؛ ما دفع مسؤولين مصريين إلى إنشاء حيّ يُحاكيه في العاصمة الجديدة.

وعدّ رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في تصريحات صحافية سابقة، مشروع إنشاء حيّ «جاردن سيتي الجديد»، «إعادة إحياء لمنطقة وسط البلد».

وبالمفهوم عينه، أنشأت الحكومة الحيّ اللاتيني بمدينة العلمين الجديدة (شمال مصر)، الذي استُلهم طرازه المعماري من الطرازَيْن الإغريقي والروماني الفاخرَيْن، ليضاهي تصميمات مدينة الإسكندرية العتيقة. ويقع الحيّ اللاتيني بالقرب من المدينة التراثية ومجمّع السينما والمسرح، وكذلك على مقربة من مطار العلمين الدولي.

ميدان حيّ «جاردن سيتي» الجديد (وزارة الإسكان المصرية)

لكنَّ أستاذة العمارة والتصميم العمراني لدى قسم الهندسة المعمارية في جامعة القاهرة، الدكتورة سهير حواس، تتساءل عن أسباب استنساخ أحياء قديمة مرَّ على إنشائها نحو 100 عام، قائلةً لـ«الشرق الأوسط»: «أُنشئت (القاهرة الخديوية) و(جاردن سيتي) و(مصر الجديدة)، وفق نظريات معمارية كانت جديدة وسائدة في بدايات القرن الـ20، لذلك كان من الأفضل إنشاء أحياء جديدة وفق نظريات معمارية تواكب القرن الحالي، لا الماضي».

وتضيف: «بعد مرور 100 عام على إنشاء الأحياء المُستنسخة، قد يشعر الأحفاد ببعض الارتباك لجهتَي تاريخ الإنشاء والأصل»، لافتةً إلى أنّ «الأحياء الأصليّة أخذت في الحسبان خامات الإنشاء والتهوية ومساحات وارتفاعات الأسقف؛ وهو ما لا يتوافر راهناً في الأحياء الجديدة لجهتَي المساحات الضيّقة والأسعار الباهظة».