لبنان: الزواج المدني يفجّر خلافاً بين المرجعيات السياسية والدينية

وزيرة الداخلية تتبنّى المشروع وتعد بفتح حوار جدّي حوله

وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن
وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن
TT

لبنان: الزواج المدني يفجّر خلافاً بين المرجعيات السياسية والدينية

وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن
وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن

أثار موقف وزيرة الداخلية اللبنانية ريّا الحسن المؤيد لإقرار قانون الزواج المدني الاختياري في لبنان، عاصفةً من الردود المؤيدة له، لا سيما من سياسيين وجمعيات مدينة واجتماعية، في مقابل مواقف رافضة لهذا الطرح بالمطلق، وفي مقدمها المرجعيات الدينية لدى الطوائف الإسلامية والمسيحية، أبرزها دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، التي حذّرت من الخوض في غمار هكذا قانون، واعتبرت أنه يخالف الشريعة الإسلامية وأحكام الدستور اللبناني.
وكانت الوزيرة ريّا الحسن، في تصريح لها، فجّرت قنبلة قبل يومين، لا تزال أصداؤها تتردد في المواقف السياسية، وعلى المنابر لا سيما في خطب الجمعة، حيث أعلنت صراحة أنها تؤيد أن يكون هناك «إطار للزواج المدني». وقالت في مقابلة صحافية: «هذا الأمر سأتحدث فيه وسأسعى لفتح الباب لحوار جدي وعميق حول هذه المسألة مع كل المرجعيات الدينية وغيرها، وبدعم من رئيس الحكومة سعد الحريري حتى يصبح هناك اعتراف بالزواج المدني».
المواقف الرافضة لإحياء النقاش حول الزواج المدني، توّجت ببيان صدر عن دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية، أمس، وأعلنت فيه أن «موقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ودار الفتوى والمجلس الشرعي ومجلس المفتين​، معروف منذ سنوات في الرفض المطلق لمشروع الزواج المدني في لبنان»، مؤكداً أن هذا الزواج «يخالف أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء جملةً وتفصيلاً، ويخالف أيضاً أحكام ​الدستور اللبناني​ فيما يتعلق بوجوب احترام الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الدينية العائدة للبنانيين في المادة التاسعة».
وأضاف بيان دار الفتوى: «لا يمكن إقرار هذا القانون في المجلس النيابي من دون أخذ رأي وموقف دار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية في لبنان»، داعياً إلى «عدم الخوض في موضوع الزواج المدني الذي هو من اختصاص دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية المؤتمنة على دين الإسلام ومصلحة المسلمين».
وفي غمرة السجال الواسع حوله، أوضحت مصادر سياسية مطلعة على الملف، أن «القنبلة التي فجّرتها وزيرة الداخلية ليست مجرّد بالون اختبار، بل طرح جدّي يحتاج إلى نقاش حقيقي وعميق». وأكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك من يعمل لإنضاج هذا الملف بهدوء، ومن دون إثارة غضب المرجعيات الدينية لدى الطوائف اللبنانية التي تتمسّك بحصر عقود الزواج بالمحاكم الشرعية». ورأت أن الموضوع «يحتاج إلى توافق سياسي، وأن يتم إنجازه بهدوء بعيداً عن العصبية ولغة التحدي».
وكان مجلس الوزراء اللبناني أقرّ في عام 1998 مشروع قانون الزواج المدني، بحضور رئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، وبأغلبية ثلثي أعضاء الحكومة، لكن حالة الاعتراض الدينية التي واجهته يومذاك، دفعت الحريري إلى تجميد القانون في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
من جهته، دافع وزير الداخلية الأسبق مروان شربل، بشدّة عن طرح الوزيرة ريّا الحسن، ورأى فيه «خطوة شجاعة يجب ملاقاتها ودعمها». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الدولة اللبنانية «تسجّل عقود الزواج المدني التي تجري بين مواطنين لبنانيين يتزوجون بالخارج، وهناك أكثر من 3000 عقد زواج مسجل في المحاكم اللبنانية، فلماذا الاعتراض على إقرار قانون يسمح بزواج مدني اختياري في لبنان، بدل أن يتكبّد الناس مشقة السفر وتكاليف هذا الزواج في الخارج، طالما أن الدولة تعود وتعترف به؟». ورأى شربل أن «هناك ما يشبه حالة التمرّد من أكثر من نصف الشعب اللبناني على طوائفهم نتيجة تحكم رجال الدين بأحوالهم الشخصية»، مذكراً بأن «السجال حول الزواج المدني قائم منذ أن طرحه الرئيس إميل إده في عام 1956، ولاقى اعتراض المرجعيات الدينية».
لكن بالمفهوم الديني تبدو العقدة أعمق من إبرام عقد زواج بين شريكين متفاهمين، وإن كان كلّ منهما يتبع ديناً مختلفاً عن الآخر، ورأى مصدر مقرّب من دار الفتوى، أن «الإسلام هو نظام متكامل، والآن يأتي من يحاول الإخلال بهذا النظام والتسلل منه عبر الأحوال الشخصية».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «يتخذ البعض من الزواج المدني هدفاً لحل مشكلة الطلاق والمهر والتبنّي، لكن الحقيقة أن المشكلة أعمق بكثير، وهي تدنو من المحرّمات، التي تبدأ بإلغاء شرط الدين عبر إباحة الزواج من المحارم، كأن يتزوج الشخص من أخته بالرضاعة وغيرها من الأمور الخطيرة»، مؤكداً أن «المحاكم الشرعية لا تعترف بالزواج المدني الذي يحصل في الخارج، اللهم إلا إذا كان زواجاً شرعياً عند رجل دين ووفق القاعدة الشرعية ومسجّل لدى البلدية، عندها يمكن التصديق عليه وتسجيله في المحكمة الشرعية».
وتعليقاً على الموضوع، برز تصريح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي سأل هل بالإمكان أن ندلي برأينا دون التعرض للتكفير حول الزواج المدني. وقال: «نعم إنني من المناصرين للزواج المدني الاختياري، ولقانون أحوال شخصي مدني، وكفى استخدام الدين لتفرقة المواطنين».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.